الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إمكانية علاج الوساوس القهرية بالأدوية الطبية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي عن إمكانية علاج الوسواس القهري بالأدوية الطبية؛ حيث أن تاريخ هذا المرض لدي طويل جداً منذ ما يزيد عن 30 سنة، شمل نواحي متعددة من حياتي، إلا أنه في الآونة الأخيرة زادت حدته وبدأ يمس حياتي الأسرية والعملية ويؤثر عليها بشكل حاد وخطير، حتى وصلت الوساوس للطلاق، وأخذت تضغط هذه الأفكار على حياتي وأفكاري، حتى وصلت لمرحلة الأحلام، في منامي أعاني من الوساوس القهرية بالطلاق، وقد تخليت عن بعض أعمالي وتركت أشياء كثيرة من مباهج حياتي نتيجة خوفي على أسرتي، وكنت أقبل بعض الأمور في الشراء والبيع للهرب من ضغط الوسواس بالطلاق، حتى إن مزاجي العام أصبح سيئاً، وأحس بضيق وكدر من كثر إغلاق الوساوس على نواحي حياتي.

فهل أجد علاجاً لهذا المرض؟ وكذلك أدوية لتحسين المزاج، فتكدُّر مزاجي العام أثّر على علاقاتي بزوجتي وأطفالي فأصبح الوسواس يتكرر في الأمر الواحد عدة مرات في وقت واحد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.

فقد عشتَ تجربة طويلة مع الوساوس القهرية، وأنا أتفق معك أن الوسواس القهري يسبب مضايقة وإزعاجاً نفسياً حقيقياً للإنسان، وهو بلا شك من أمراض القلق التي تُكدر على الإنسان وينتج عنه اكتئاب ثانوي، وهذا هو الذي حدث لك وتعاني منه.

وفي ذات الوقت أود أن أبشرك وأقول لك: أنه حدثت تطورات علمية هائلة خاصة في المجال الدوائي، فعلاج الوساوس القهرية الآن أصبح ممكناً وممكنا جدّاً، وذلك بتناول أدوية معينة، وفي نفس الوقت يجب الالتزام بالبرامج السلوكية والتي أنت على دراية بها، وهي: أن تحقر الوسواس، ألا تتبعه، أن تستبدله بفكرة مضادة، وأن تحاول دائماً أن تربطه بفكرة منفرة أو فعل منفر.

الأدوية تتطلب أن تكون جرعة الدواء صحيحة، ولابد أن يتم الالتزام بها، ومدة العلاج كذلك يجب أن تكون كافية، وبفضل الله تعالى الأدوية التي تُستعمل لعلاج الوساوس القهرية هي في الأصل مضادات لعلاج الاكتئاب، وهذه ميزة إيجابية وعظيمة جدّاً.

والدواء الذي أود أن أصفه لك يعرف باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، علماً بأنه توجد أدوية أخرى متعددة منها على سبيل المثال: دواء يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، وآخر يعرف باسم تجارياً باسم (زولفت Zoloft) ويعرف تجارياً أيضاً باسم (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، وثالث يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ورابع يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وهنالك دواء قديم يعرف تجارياً باسم (أنفرانيل Anafranil) ويسمى علمياً باسم (كلومبرامين Clomipramine) من الأدوية الفعالة جدّاً لعلاج هذا المرض.

أحب أن أصف البروزاك لأنه قليل الآثار الجانبية، وفي نفس الوقت فعاليته معروفة، ومحسن جدّاً للمزاج، إذن ابدأ في تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، يمكنك تناولها في أي وقت من اليوم، فقط يفضل أن تتناوله بعد الأكل.

استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين – أي أربعين مليجراماً – في اليوم، ويمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة، استمر عليها لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى ثلاث كبسولات في اليوم – أي ستين مليجراماً – تناول كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتين في المساء، وهذه هي الجرعة العلاجية لمثل حالتك.

ويجب أن تستمر على هذه الجرعة لمدة تسعة أشهر على الأقل، وهذه ليست مدة طويلة، بعد انقضاء التسعة أشهر خفض الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، واستمر عليها لمدة عام، ثم بعد ذلك انتقل إلى الجرعة الوقائية وهي كبسولة واحدة في اليوم، ويمكن أن تستمر عليها لمدة عامين أو ثلاثة.

الدواء كما ذكرت لك سليم جدّاً وليس له آثار جانبية، فقط ربما يؤدي إلى تأخر بسيط في القذف المنوي لدى بعض الرجال، ولكنه لا يؤثر أبداً على الذكورة أو الخصوبة عند الرجل.

الذي أود أن أنبه له مرة أخرى هو ضرورة الالتزام بالدواء.

بعض الدراسات أشارات أنه في حالات الوساوس القهرية المزمنة وربما تكون حالتك تندرج تحت هذه الحالات – هو أن نضيف جرعة بسيطة من دواء يعرف تجارياً باسم (الرزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون Risperidone). هذا الدواء يستعمل أصلاً في علاج الحالات الذهانية، ولكن بجرعات كبيرة، وحينما يتم استعماله بجرعات صغيرة وُجد أنه جيد جدّاً ويفيد جدّاً في تدعيم الدواء الأصلي الذي يستعمل لعلاج الوساوس القهرية والاكتئاب وفي حالتك كما ذكرنا الدواء الأصلي هو فلوكستين.

إذن أضف للفلوكستين عقار رزبريادون بجرعة واحد مليجرام فقط ليلاً لمدة ستة أشهر. لا أريدك أن تبدأ الرزبريادون مع الفلوكستين مباشرة، إنما ابدأ في تناوله بعد انقضاء شهرين من بداية تناول الفلوكستين.

هذا هو العلاج الدوائي، وأنا أبشرك - إن شاء الله تعالى - سوف تجد فيه فائدة وخيرا كبيراً وكثيراً جدّا، أنت فقط مطالب بالالتزام بهذا الدواء، وإن شاء الله سوف تجد أن الاكتئاب والكدر والوساوس والسوداوية في المزاج قد انقشعت تماماً، كما أن الوساوس قد ذهبت إن شاء الله دون رجعة، وأسأل الله أن تعيش حياة طيبة وهانئة وسعيدة مع أسرتك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا عيد

    البروزاك ممتاز جدااا والريسبردال ايضااا لكن الصبر ثم الصبر في العلاج

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً