الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف الشديد من شرب الماء وآثاره السلبية على الجهاز البولي

السؤال

رسالتي هذه موجهة إلى سعادة الدكتور محمد عبد العليم.

السلام عليكم، أنا يا دكتور لدي خوف شديد من الأمراض، لا أحب سماعها ولا قراءتها، وأنا في الأصل عندي نوبات هلع، لكن قبل 3 أسابيع تقريباً كنت جالسة على الكمبيوتر وكنت آكل الشوكلاته حدث أمر غريب لي، فأصبت بكثرة التبول، مع العلم أني كنت شربت قبل أكل الشوكولاته كمية من الزنجبيل، المهم خفت من مرض السكر وقلت سأصاب به، مع العلم أني لم آكل إلا قطعة واحدة فقط، فأنا ولله الحمد ضعيفة وجسمي متناسق ولست سمينة، وجن جنوني وقلت: سوف أصاب بجفاف الفم بعدها! وسأصاب بكثرة العطش! وبصراحة عقب هذه الحادثة لم أشرب الماء يا دكتور بسبب خوفي من العطش كثيراً، فيزيد إحساسي بالخوف، ولهذا امتنعت عن الماء ولا أشرب إلا سوائل قليلة من العصير، ولكن ليست الكمية المطلوبة، فأنا صائمة وأريد ماء يا دكتور، صار لدي رهاب الماء أخاف من شرب الماء، وأنا الآن مصابة بحرقة في البول وأشعر بوخزات في كليتي، أنا خائفة أن أصاب بفشل كلوي! يا دكتور أرجوك ألا تخبرني أي تفاصيل عن هذا المرض (السكر) ولا أريد أن أعرف شيئاً، فقط أريد أن أشرب الماء وشكراً.

إنني أتعذب نفسياً، أرى كل الناس يشربون الماء وأنا لا أستطيع أن أفصح عن معاناتي، أرجوكم أن تردوا علي بأسرع وقت ممكن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنا حقيقة أتعاطف معك كثيراً، وفي ذات الوقت بالرغم مما تشعرين به من خوف وهلع أقول لك إن الحالة بسيطة جدّاً، أنا لا أريد حقيقة ألا أتعامل بجدية مع شكواك، ولكني أقول لك أنك إذا جلست مع نفسك لمدة خمسة دقائق فقط وقمت بتقييم كل هذه الأعراض (الخوف من السكر، موضوع العطش، تجنب شرب الماء) سوف تجدين أن هذه أمور يجب أن تُحقر، أمور يجب أن تُرفض وأمور يجب أن تلفظ، يجب أن تسألي نفسك: (لماذا أنا أتمسك وأشغل نفسي بهذه الأشياء؟ الماء خلق منه كل شيء حي، وهو نعمة من نعم الله، لماذا تحرمين نفسك منه؟).

مرض السكر أنت الحمد لله غير مصابة به، ولكن السكر حتى إذا حدث للإنسان فهو مرض يمكن علاجه، ونعرف أن أربعة وعشرين بالمائة من سكان الخليج يعانون من السكر.

أنت محتاجة حقيقة لجلسة مع نفسك، أنت شغلت نفسك بأمور بسيطة جدّاً وقمت بتكبيرها وتجسيمها وتضخيمها، وهذا شكل حزمة وسواسية قوية جدّاً أدت إلى قلقك وتخوفك، هذا أمر يجب أن يحقر ويجب ألا تعيريه أي اهتمام، اجلسي مع نفسك الآن، راجعي نفسك، الحياة فيها ما هو أهم، أن تعتني بنفسك، أن تعتني بصحتك، أن تثابري على عباداتك، أن تواصلي مع أهلك وأرحامك، أن تكوني فعالة، أن تكوني صاحبة موقف، أن تزودي نفسك بالمعلومات القيمة، فلماذا تشغلي نفسك بهذه السفاسف من الأمور؟

أنا أقدر وأحترم مشاعرك، ولكن الوسواس والقلق والتوتر لا يمكن أن يتخلص منه الإنسان إلا إذا حقره، فيا أيتها الفاضلة الكريمة: ضعي كل هذه المخاوف والأعراض تحت قدمك ودوسي عليها، حطميها، وانظري إلى الحياة نظرة أخرى، اشربي الماء، ما أجمل الماء، ما ألطف الماء، خلق منه كل شيء حي، يجب أن ترفعي الأمور وتضعيها في نصابها وتعطيها قيمتها الصحيحة، فإن الوساوس يجب تحقر، وتستبدل بما هو أجمل وبما هو أرفع ويجب أن تقيم.

هذا هو الذي أقوله لك، وأقول ما تحسين به من وخز في منطقة الكلى وأنت خائفة، إن شاء الله لن يحدث أي فشل في الكلى، ولكن لابد أن تشربي الماء، ولا شيء أبداً يمنعك أبداً من هذا، أنت أقوى وأصلب مما تتصورين، فقط عليك أن تقيمي الأمور بمعيار آخر.

أنا أود أن أصف لك بعض الأدوية، فأنت في حاجة لأن تتناولي جرعة صغيرة من عقار علمياً باسم (البرازولام Alprazolam) يسمى تجارياً باسم (زانكس Xanax). أنا لا أصف هذا الدواء كثيراً، ولكني أعرف أنه سريع الفعالية ويفيد في حالتك، ويمكن أن نستعمله في نطاق ضيق، ابدئي في تناوله ربع مليجرام في الصباح وربع مليجرام في المساء، تناولي ربع مليجرام مع السحور، وربع مليجرام بعد الفطور أو بعد صلاة العشاء والتراويح، استمري على هذه الجرعة لمدة ستة أيام، ثم خفضيها إلى ربع مليجرام ليلاً لمدة ستة أيام أخرى، ثم إلى ربع مليجرام ليلاً يوماً بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم توقفي عن تناول الدواء.

وفي نفس الوقت ابدئي في تناول عقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، فهو دواء ممتاز لعلاج القلق والتوتر والمخاوف، خاصة المخاوف ذات الطابع الوسواسي مثل النوع الذي تعانين منه، ابدئي في تناول السبرالكس بجرعة عشرة مليجرام ليلاً، ولابد بالطبع أن تتناوليه مع الماء وبعد الأكل، استمري على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرين مليجراماً يومياً، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام يومياً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى خمسة مليجرام يومياً لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

لا شك أن هذا الدواء من الأدوية الفعالة والسليمة والطيبة جدّاً، أسأل الله تعالى أن ينفعك به، فأنت محتاجة حقيقة لأن تغيري من مزاجك وأن تغيري من منهجك في الحياة، وأن تغيري من تفكيرك، هذه وساوس والوساوس تعالج دائماً بالتجاهل وبالتحقير، وبأن يرفع الإنسان من همته، وسوف تكتشفين حقيقة أن هذا الذي كان يشغلك لا قيمة له أبداً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً