الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس القهرية ودورها في تأثر المصابين بها بالأعراض المرضية لدى الآخرين.

السؤال

السلام عليكم

أصبت منذ حوالي عامين بوساوس بدأت بالأرق في النوم، ثم أصبحت وساوس ومخاوف من كل شيء، ثم أصبحت اضطرابات وشكوكاً فأعرضت عنها فبرأت منها بعد حوالي ستة أشهر، ولكنها عادت إليّ منذ حوالي شهر، فواصلت في الإعراض عنها.

ومنذ حوالي أسبوع أخبرني أحد أقربائي أنه يعاني من اضطرابات في الشخصية، فحاولت إقناعه أن يعرض عنها فأخبرني أنه يشعر أنه إذا تحدث مع الناس يحس أنه يمثل عليهم، فانتابني هذا الشعور وأصبحت أشعر أني أمثل على الناس، حتى إذا حاولت أن أعرض عنها لم أستطع، وأني إذا أعرضت عن هذه الأفكار كأني هربت من الحقيقة فازدادت حالتي سوءاً، وهيمنت هذه الأفكار على عقلي، حتى أني أصبحت أشعر أن أي حركة أو شعور هو تمثيل، ولم أعد أستطع النوم.

علماً بأني خاطب ومقدم على الزواج، ولا أريد أن أذهب إلى طبيب لأني أخاف أن يعطيني دواء لا يتركني أعمل، فما الذي أفعل هل أحاول مواصلة الإعراض عنها؟ وما الذي أفعله في زواجي ومع خطيبتي؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أوضحت بصورة جلية أنك تعاني من وساوس قهرية، وما ذكره لك هذا الأخ حول اضطراب الشخصية، ومن ثم تأثرت جدّاً وأصبحت تعتقد أنك أيضاً ربما تعاني من علة من هذا القبيل، فهذا الذي حدث لك هو مخاوف وسواسية وليس أكثر من ذلك.

الكثير الذين يعانون من الوساوس القهرية عرضة لما نسميه بالإيحاء والتأثر الإيحائي، فأنت ما ذكره لك هذا الشخص أثّر عليك وأعطاك هذا الانطباع بأنك تمثل على الآخرين، وشيئا من هذا القبيل، إذن هذه كلها وساوس قهرية وليس أكثر من ذلك.

والوساوس في حقيقة الأمر هي نفسها نوع من القلق النفسي أو أنها تؤدي إلى زيادة وترسيخ القلق النفسي، ومن أفضل طرق ووسائل علاج الوساوس القهرية هو أولاً أن يعرف الإنسان طبيعتها، أي أنها وساوس وليس أكثر من ذلك، وهي قلق نفسي لا تشير ولا تدل بأي طريقة من الطرق أو الوسائل على أنها ضعف في الشخصية أو قلة في الإيمان أو أنها دليل على مرض عقلي أو ذهاني، وهذه حقيقة هامة.

الأمر الآخر: الوساوس تعالج بأن يحقرها الإنسان، بأن لا يتبعها، بأن يتجاهلها، وبأن يربطها بروابط منفرة ومقززة حتى يضعفها، فمثلاً عندما تأتيك الفكرة الوسواسية فكر في أمر آخر غير سعيد غير طيب، هذا يُضعف الوساوس، أو قم بربطها مثلاً باستشعار مضاد لها، كأن تقوم بالضرب على يدك بشدة وقوة، حتى تحس بالألم، الهدف والمقصود هو أن تربط بين الفكرة الوسواسية وبين الفعل المنفر، وفي هذه الحالة هو أن تُوقع الألم على نفسك، هذا التمرين يكرر عشر مرات متتالية، وجد أنه من التمارين الجيدة والمفيدة جدّاً.

هذه حيل نفسية، ويجب أن نقول ذلك، ولكنها قائمة على أسس علمية مفيدة ومفيدة من الناحية العلاجية إذا طُبقت بالصورة الصحيحة وبتركيز وباقتناع، وأيضاً لابد أن تكثر من الاستغفار وأن تدعو الله تعالى أن يرفع عنك هذه الوساوس، وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

وأقول لك أنه توجد بشرى كبرى وهي العلاج الدوائي، توجد أدوية فعالة وسليمة وغير إدمانية، وحالتك في حاجة لأن تتناول العلاج الدوائي.

يوجد داء يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجراماً، تناولها يومياً بعد الأكل لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، واستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك يمكن أن تتوقف عن الدواء.

هذا الدواء دواء ممتاز وفعال وغير إدماني، وأرجو أن تثق أن هذا دواء مفيد وسليم، وعليك أن تبدأ في تناوله، وأن تعلم أن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، فلا تحرم نفسك من نعمة هذا العلاج، وأقول لك: لا تتوقف أبداً ولا تتردد فيما يخص الزواج، فتزوج، وأسأل الله أن يجمع بينك وبين زوجتك على خير، وأن يبعد عنكم الشيطان، والحمد لله أن الدواء الذي وصفناه لك سوف يساعدك كثيراً في زوال هذا القلق وهذه الوساوس، وسوف يحسن من مزاجك، وبتطبيقك للإرشادات السابقة وتفهمك لطبيعة حالك هذا سوف يساعدك تماماً في زوال هذه الوساوس.

ويمكنك الاطلاع على أذكار وآداب النوم في الاستشارة التالية: (277975)، والعلاج السلوكي للمخاوف: (262026-262698-263579-265121)، نسأل الله لك العافية والشفاء، ونسأل الله أن يتم زواجك قريباً وأن يجعله الله مودة وسكينة ورحمة.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً