الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ناجحة في عملي وفاشلة في خطوبتي!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة مسلمة ومتعلمة، وأعيش خارج مصر، وأحب الناس والعشرة، ولكني دائماً أفشل في علاقاتي العاطفية، وهي تكون رسمية، تكون خطبة أمام الناس والعالم كله، لكن فشلي في خطبتي ذريع للغاية، مع أني أكون بمثابة الإنسانة المناسبة لهم.

المهم أني ناجحة -والحمد لله- في عملي، وأتطور يوماً بعد يوم في مجال عملي، وأحبه كثيراً، ولكن الظروف دائماً تأتي معاكسةً، لا أعرف لماذا؟ ونفسيتي تقريباً مدمرة من كثرة التفكير في كل شيء!

أرجوكم ساعدوني ماذا أفعل بنفسي؟ أكاد أجن من حالي، فكلما شعرت أني وصلت لبر الأمان أرجع لنقطة الصفر مرة أخرى.

كما أن آخر خطبة لي كانت لشاب يعيش خارج مصر، ورأيته لمدة 5 دقائق، ولم أتعرف عليه جيداً إلا من خلال النت، ولكن بدأت أكتشف فيه عيوباً كثيرةً جداً، ولم أعد أقدر على التحمل، خاصةً وأننا أتممنا كل شيء، حتى موعد الزفاف تم تحديده، وكل الأهل والمعارف عرفوا بكل شيء، وأنا لم أعد أعرف ماذا أفعل؟

أريد حلاً يريح ضميري، أرجوكم ساعدوني على إيجاد حل مناسب لي ولأهلي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بيسان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن لديك نجاحات وإيجابيات كبيرة في مجال عملك، وأنت محبوبة وسط الناس، وفتاة مسلمة ومتعلمة، وهذه كلها مميزات إيجابية عظيمة، وهي تمثل رصيداً حياتياً لك، يجب أن ينفعك من أجل المزيد من النجاح، وتقوية مهاراتك على جميع الأصعدة.

فيما يخص فشلك في الخطوبة -كما ذكرت- أعتقد أن السبب واضح جدّاً، والسبب في أنك ربما تكونين مندفعةً بعض الشيء، والدليل على ذلك آخر خطبة من هذا الشاب الذي يعيش خارج مصر، ورأيته فقط لمدة خمسة دقائق، وكان التعرف من خلال الإنترنت، وبعد ذلك اكتشفت فيه عيوباً كثيرةً.

ومع احترامي الشديد لمشاعرك ولقرارك أقول لك: إن هذا الاختيار من أصله كان خطأً؛ لأن الأسس التي قام عليها لم تكن أسساً صحيحةً، فالتعارف عن طريق النت والشات أنا شخصياً لا أراه وسيلةً مجديةً أبداً، فالزواج له مقوماته، وله شروطه، وله أصوله، ولابد أن يكون هنالك تروٍ، ولابد أن يكون هنالك حذر، ولابد أن يكون هنالك استخارة فيما يُقدم عليه الإنسان.

أنا أعتقد وأقول لك: ما دام هذا الاختيار معيباً فمهما وصل لمراحل متقدمة يجب ألا تقدمي عليه؛ لأن الشيء إذا كان في أصله غير مؤسس ومعيب؛ فسوف يؤدي إلى مشاكل كثيرة وخاصةً في مؤسسة مثل الزواج.

أنا أقدر مشاعرك، وأقدر الوجدان الذي تعيشين فيه، وأقول لك: سوف يأتيك -إن شاء الله- نصيبك، ضعي شروطك، وتخيري صاحب الخلق والدين، وصاحب الموقع المهني المعقول.

انظري إلى الأسرة، وحقيقة البنت التي تتريث وتتسم بالروية لا تشفق كثيراً في أمر الزواج، هي التي دائماً -إن شاء الله تعالى– يأتيها الزوج المناسب.

إذن التأني والتريث، ودراسة الأمر، ومشاورة الآخرين هي الأسس الرئيسية لاختيار الزوج، أو لاتخاذ أي قرارات أخرى مهمة في الحياة، فابحثي عن صاحب الدين والخلق، والوظيفة المعقولة، وتعرفي على أهله وعلى خلفيته، -وإن شاء الله- سوف تجدين من يناسبك -بإذن الله تعالى-.

لا تندفعي نحو هذا الأمر؛ فالفتاة المتريثة والفتاة الرزينة هي التي يأتيها دائماً أفضل الأزواج -بإذن الله تعالى-، ولا تتخذي الإنترنت وسيلةً لاختيار الزوج، فهي وسيلة ليست صحيحة وليست جيدة، ولا أعتقد أنها من ناحية القيم مقبولة في نظري.

فأنا أقول لك: غيري ضوابط قبولك للخطاب، وشاوري أهلك واستخيري، ويجب أن يكون هنالك إلمام تام بالشخص قبل الإقدام على الموافقة عليه أو الزواج منه.

هذا هو الحل الذي أراه، ويجب ألا تأسفي على ما فاتك أبداً، هي كلها تجارب أنت وصفتها بالفشل، ولكني أقول لك إنه ليس فشلاً، والتجارب يستفيد منها الإنسان لأن يتخذ قرارات مستقبلية جيدةً ومتأنيةً ومدروسةً.

إذن ما وصفته بالفشل يجب أن يكون داعماً لك لمزيد من الحذر، ولا تنسي أيضاً الجوانب الإيجابية الكثيرة في حياتك، هذه الإيجابيات تحدثنا عنها في بداية هذه الرسالة، فأنت متعلمة، وأنت مسلمة، وأنت محبوبة، وأنت في ريعان شبابك، هذه المميزات الإيجابية هي رصيد كبير جدّاً في حياتك، ربما لا تشعرين به، ولكن أريدك أن تحسي إحساساً إيجابياً حول سماتك الإيجابية الموجودة لديك، هذا يعطيك الثقة في نفسك، ويزيل عنك القلق والتوتر.

إذا: ما وصفته من فشل أنا لا أراه فشلاً، قد تستغربين لقولي هذا، ولكنها هي مجرد –كما ذكرت– تجارب، وقد أجمع كل علماء النفس المعتبرين على ذلك، والتجارب يستفاد منها كخبرات من أجل تطوير الحاضر ولتطوير المستقبل، هذا يجعلنا نقول لك إنه توجد ضرورة للتركيز على إعادة تقييم الذات، فالإنسان حين يقيم ذاته يجب أن يكون متجرداً ولا يقسو على نفسه، ولا يعطيها أكثر مما تستحق، فتقييم الذات يؤدي إلى فهمها الصحيح، والتقييم والفهم الصحيحان ينتج عنهما العمل الدؤوب من أجل تطوير الذات، وتطوير الذات هو المفتاح لأن تنظري للمستقبل بتفاؤل، وقيمي نفسك وقيمي ذاتك، وانظري إلى إيجابياتك، واقبلي نفسك، وهذا ضروري، ثم بعد ذلك اسعي لتطوير نفسك.

فإذن الأمر كله يتطلب الصبر ويتطلب الروية ويتطلب الدراسة، ولابد أن تركزي على أمر الاستخارة، هو في رأيي أمر مهم ليطمئن الإنسان ويبعد عنه التردد.

لا أعتقد أنك في حاجة إلى أي علاج دوائي، وأسأل الله لك التوفيق وأسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً