الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعراض القلق والاكتئاب أثرت على أدائي وجهدي وتعليمي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاماً، وأعاني الكثير من أعراض القلق والاكتئاب، وهذا منذ بداية دخولي للمدرسة.

ومن الأعراض التي تصيبني: سرعة ضربات القلب، وضعف التركيز، وسرعة النسيان أحياناً، وشرود الذهن أحياناً، واضطرابات في النوم وأرق، مما يؤثر سلباً على أدائي في المرحلة الجامعية، لدرجة أنهم حدثوني في الأمر، وأمرني أستاذ لي بالجامعة بالتحلي ببعض الثقة، أو التظاهر بها بدلاً من التوتر الذي يعتريني بصورة واضحة.

أشعر أحياناً بالخوف الشديد من مواجهة الامتحانات، مع أني أكون في كامل استعدادي لها، وذلك يعود بنتيجة سلبية على أدائي، ويضيع جهدي سدى، وقد فكرت في كثير من الأحيان بعدم مواصلة تعليمي الجامعي بسبب التوتر وحالة الاكتئاب التي تصيبني.

أرجوكم أفيدوني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ AL3Thab حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

أيتها الفاضلة الكريمة! أعتقد أنك لا تعانين من اكتئاب نفسي حقيقي، نعم أنت لديك قلق نفسي، وهذا القلق يظهر في شكل توتر، وضعف في التركيز، وتشتت في الأفكار.

كما أن القلق أدى إلى اضطرابات النوم، وتسارع ضربات القلب، ربما يكون دليلاً على معاناتك من نوبات ما نسميه بالهرع، وهو من المخاوف النفسية التي كثيراً ما نشاهدها في حالات القلق، وأنا حين ذكرت لك ذلك لا أعتقد بوجود اكتئاب حقيقي؛ لأني أريدك أيضاً أن لا تلصقي هذه المسميات باسمك؛ لأن الإنسان في مثل عمرك حين يصف نفسه بأنه مكتئب؛ لأن الاكتئاب ليس بالأمر السهل حقيقة، وفي سنك نادراً ما نشاهد الاكتئاب الذي نشاهده.

نعم هو القلق وهو التوتر، وأعتقد أن هذا هو الذي تعانين منه، ربما يكون قد حدث لك شيء من عسر المزاج، ولكن هذا شعور ثانوي ناتج من الإصابة بالقلق، فأنا لا أتفق معك أنك تعانين من اكتئاب نفسي حقيقي، وهذه يجب أن تكون بشارة بالنسبة لك، وأعتقد أن الإنسان حين يتفهم حالته بصورة صحيحة، هذا جزء كبير جداً من العلاج، يبقى بعد ذلك أمر القلق، فالقلق هو طاقة نفسية قد تزيد عن معدلها المطلوب، وهذا يظهر في شكل أعراض مزعجة، مثل الأعراض التي تعانين منها، والمطلوب منك أولاً هو أن تحقري فكر القلق، فقولي لنفسك: لماذا أقلق؟! فالإنسان كثيراً ما يقلق عن أشياء لم تحدث، ويحاصر نفسه بالهموم المستقبلية، وهذا من أسوأ أنواع القلق، ونحن دائماً نحاول أن ننبه الناس أن ما نسميه بالتغيير المعرفي هو العلاج الضروري.

والمطلوب هو التغيير المعرفي، يجب أن يخاطب الإنسان نفسه بتأمل وتركيز وإيحاء داخلي: أنه ليس هنالك ما يدعوه للقلق، فالقلق طاقة نفسية سلبية يجب أن لا تسيطر على الإنسان، ويجب أن يستبدلها بأفكار وطاقات إيجابية، ويكون أيضاً من الضروري اتباع العلاجات السلوكية الأخرى، ومن أهمها تمارين الاسترخاء، فتمارين الاسترخاء حقيقة هي في ظاهرها حركات جسدية، ولكن في حقيقتها هي علاج سلوكي معرفي مهم جداً.

إن التأمل والتركيز جزء ضروري جداً في الاسترخاء، دائماً هو ضد القلق وضد التوتر، فالذي أرجوه منك هو مقابلة أخصائية نفسية لتدربك على ممارسة هذه التمارين، ولابد أن تلتزمي بممارستها يومياً بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة أسبوعين على الأقل، ثم بعد ذلك مرة يومياً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك يمكن التعاطي معها عند اللزوم، وتوجد أيضاً كتيبات وأشرطة كثيرة جداً، ومواقع على شبكة الإنترنت، توضح كيفية القيام بمثل هذه التمارين، وهنالك تمارين التنفس الاسترخائي، وهنالك تمارين استرخاء العضلات.

إذن: هذا علاج ضروري وعلاج أساسي، ولابد أن يهتم به، يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وأعتقد أنك محتاجة لعلاج دوائي، ونسبة لسنك سوف نعطيك إن شاء الله دواء بسيطاً وخفيفاً من غير إدمان وغير تعود، وهو خال من الآثار الجانبية السالبة، والدواء يعرف باسم سبرالكس (Cipralex)، وتبدئين في تناوله بجرعة 10 مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى 20 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى 10 مليجرام لمدة أربعة أشهر، ثم إلى 5 مليجرام لمدة شهر، ثم تتوقفين عن تناول الدواء، كما ذكرت لك الـ(سبرالكس (Cipralex دواء فعال، ودواء سليم جداً، وسوف يفيدك كثيراً إن شاء الله، ولكن لابد أن تدعمي الدواء بالتفكير الإيجابي بالمثابرة، والاجتهاد بالثقة بالنفس، وتنظيم وقتك التنظيم الصحيح، ولابد أيضاً أن تكوني حريصة في أداء صلواتك في وقتها، وتلاوة القرآن، والحرص على الدعاء والأذكار، فهي إن شاء الله طاردة للبلاء، وباعثة للراحة النفسية والطمأنينة، وأنا لا أتفق معك مطلقاً في تفكيرك بعدم مواصلة تعليمك الجامعي، فلابد أن تواصلي تعليمك والتوتر سوف يزول، ولا تجعلي هذه الأعراض النفسية البسيطة في حقيقتها والمتضخمة والمتجسمة في ظاهرها، لا تجعليها أبداً تسيطر عليك، وتغير حياتك بصورة سالبة، فأنت لديك طاقات، وأنت في عمر الشباب، وأنت لديك الكثير من الأماني المستقبلية التي يجب أن تحققيها، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وبارك الله فيك، ونشكرك على تواصلك مع موقع إسلام ويب.


وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً