الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إعجاب المدرسة بالطالبة وحدود التعامل معها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا معلمة والحمد لله على قدر من الدين والأخلاق، غير متزوجة، الحمد لله محبوبة من قبل الطالبات، ولكن أعتبره حباً عادياً، لكن قالت لي طالبتان: يا أستاذة نحن نحبك خارج الفصل، إحداهن جميلة وجذابة فدخلت قلبي بلا استئذان.

تغيرت حياتي، صرت أهتم بلباسي من أجلهن، أمر كثيراً بالممرات حتى أراهم ويروني، أشعر بضيق إذا غابوا. أحببت المدرسة من أجلهم، أخرج أحياناً بالحصة قليلاً لعلي أراهم، لا أعرف ماذا سيحصل إذا نقلت عن المدرسة أو نقلوا؟!

أحبهم جداً وخاصة الجميلة، حيث رزقها الله بلون عيون خضراء طبيعية فكانت تجذبني كثيراً.

أخشى على نفسي أني وصلت درجة الإعجاب، أحب أتكلم فيهم كثيراً وأفكر فيهم. كنت أدعو الله أني أتواصل معهم على الجوال والإيميل.

والحمد لله تيسر ذلك وأضفت إحداهن على الماسنجر بعد أن قابلتها في إحدى الزواجات، عرفت إحداهن عني شيئاً من بعض أمور حياتي الشخصية عن طريق رسائل الجوال، حيث أشعر لا حدود بيني وبينهن حيث إن مستواهن الدراسي متدنٍ.

ولكن حينما نجحن من الصف الثاني ثانوي أهديت لهن عطوراً وساعات غالية.

أنا الآن لا أريد أن أصل إلى هذه المرحلة من المحبة التي قد تكون محرمة، علماً أني سأبقى لديهن العام المقبل، وأدرسهن، إن شاء الله.

أنا الآن قررت أقطع علاقتي فيهن عبر الجوال والماسنجر، وأقلل من رؤيتهن الكثيرة في المدرسة، وبعد ما ينتهوا من المرحلة الثانوية أرجع علاقتي بهن.

هل هذا الفعل صحيح؟ وأنا أريد أن تكون علاقتي فيهن بحدود الحلال كعلاقتي بصديقاتي مستمرة نتقابل إن تيسرت الظروف، وحتى رسائلي إليهن عبر الإيميل أغلبها إسلامية أو مفيدة حيث أني لا أسمع الغناء ولا أتابع المسلسلات.

وحيث هن يعلمن بحبي الكثير لهن وهل الكذب جائز لأني أريد أن أغير جوالي والإيميل إلى أن يتخرجن.

أكيد سوف يسألوني.. أنا أريد أن تبقى علاقتي فيهن كعلاقتي بصديقتي نتكلم مع بعض، ونرسل لبعض، ونزور بعضاً حيث إني ربما أكبر منهن بست أو سبع سنوات.

وكيف أحافظ على شخصيتي وثقتهن بي؟
ما هو حدود التعامل الصحيح بين المعلمة والطالبة؟ وهل خطأ حينما أعطي هاتفي للطالبة التي أحبها وتكون مكالمتي ورسائلي معهن كواحدة من صديقاتي؟ وما رأيكم إذا تحدثت معهم عبر الماسنجر، هل هذا العمل يقلل من احترام المعلمة لدى الطالبة أو المعلمات الأخريات؟

أريد منكم النصح، والإرشاد والتوجيه، والتفصيل والجواب على كل سؤال وجزاكم الله الفردوس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

أخيتي! وضحت في رسالتك أنك على قدر من التدين والأخلاق وهذا من فضل الله عليك، ويتضح ذلك في سلوكك حيث أنك لا تسمعين الغناء، ولا تشاهدين المسلسلات، وهذه درجة عالية يعجز عنها الكثير ممن يدعون التقوى والصلاح.

وصاحب هذا السلوك يكون قلبه عامراً بحب الله سبحانه وتعالى، وليس في قلبه مكان لأمور تافهة ودروب مظلمة كالإعجاب وغيره، فقد يلبس عليك الشيطان نعوذ بالله منه ويزين إلى نفسك أموراً ليس للنفس فيها شيء، فما هذه المحبة التي تتحدثين عنها إلا أوهام من الشيطان تصيب القلوب الخربة الفارغة من حب الله، فلا تجعلي للشيطان عليك سلطاناً، (( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ ))[النحل:100].

حبيبتي! حينما جاءت الطالبتان وقالتا: إننا نحبك، ما الغريب في ذلك؟! ألم يعلمنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ذلك، حين قال للصحابي: (هلا أخبرته أنك تحبه)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولو فرضنا جدلاً أن قصدهما كان شيئاً، لماذا لم تبادري أنت وتحولي الموقف لصالحك وصالحهما، وتقولين: أحبكما الله الذي أحببتماني فيه، إنكم أحييتم سنة، هكذا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم.

عزيزتي! أنت معلمة مهمتك كبيرة وأمانتك عظيمة، أنت من تغرسين وتزرعين وتروين إلى أن يكتمل النمو! أنت الأم البديلة! تسلمك الأمهات بناتهن وفلذات أكبادهن ويستأمنك عليهن وهن أطفال ويكملن الثانوية وهن راشدات.

تقضي الطالبة مع مدرستها يومياً لا يقل عن 6 ساعات، بينما لا تقضي مع والدتها ساعتين في اليوم في غرفة واحدة، فأنت القدوة، وأنت الأنموذج الطيب المبارك لهذه البنت، من منا لم تتأثر ببعض معلماتها؟ من منا لم تترك بعض المعلمات بصمة على شخصيتها وحياتها؟ عودي للوراء وتذكري سنين الدراسة، يقيناً ستذكرين بعض المدرسات وستدعين لهن.

ذكرت أنك وجدت إحداهن جميلة وجذابة فانجذبت لها، شيء طبيعي أن الإنسان حين يشاهد جميلاً يعجب به، وشيء طبيعي أنه يأنس لمن يحبهم ويبحث عنهم وكلما ذكرتيها تخشين على نفسك؛ لأنك القائدة والمربية والمعلمة والموجهة والمشرفة والميسرة للعملية التعليمية والصديقة المخلصة، كل هذه أدوارك.

بما أنك مدرسة -أي معلمة- فكل هذه الأدوار دور المعلم، لذلك بالغت حين أهديت طالباتك عطوراً وساعات غالية، جميل أن تهديهن والهدية تورث المودة، وهذا من السنة ولكن لماذا لهاتين الطالبتين فقط؟ ولماذا ساعات غالية؟ وعطور؟! مع العلم أن مستواهن متدنٍ كما ذكرت.

ابنتي! ابتعدي عن الأفكار المريضة ولا تحولي الأشياء الجميلة في حياتك إلى أشياء وأفكار مؤلمة وعيشي دورك العظيم المبارك الذي شرفك الله به وجعلك معلمة تعلمين العلم وتنشرين الخير وسخر كل شيء أن يدعو لك حتى الحوت في البحر.

لقد أحسنت وأصبت في قرارك بأن تقطعي علاقتك فيهن عبر الجوال والماسنجر، وأن تكون علاقتك بهن داخل الفصل والمدرسة علاقة مدرسة بطالباتها؛ لأنه من البديهي أن تختلف علاقة الطالبة مع الطالبة عن علاقة الطالبة بالمدرسة ولا يكون هناك خلط ولا تداخل في الأدوار، فالمدرسة تكون أكثر نضجاً وتجارباً في حياتها وأرسخ قيماً وأوضح اتجاهاً، وقد تلتقي المدرسة مع طالباتها في بعض الاهتمامات، ولكنها تكون لهم القدوة الصالحة والناصحة الأمينة والمستشارة الصادقة.

أما بالنسبة لرقم الهاتف فلا أفضل أن تعطيه طالباتك إلا إذا كان اتصالهن لحاجة أو استشارة، أما أن تكون رسائلك ومكالماتك معهن كواحدة من صديقاتك فهذا لا أنصح به ولابد أن يكون هناك حدود في التعامل بين المعلمة وطلابها.
ولابد من وجود الاحترام بين الطرفين؛ لأن القائد إذا لم يكن محترماً بين أتباعه، فلا يمكن أن تتبع إرشاداته أو تطبق أوامره.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتك ويلهمك رشدك وأن يجعلك القدوة الصالحة والمربية الفاضلة.

والله الموفق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • امال

    اختي: الطلاب تقودهم مشاعرهم الى الفوضة وتشتت، ومن واجبك ان تعامليهم بوعي ونتباه شديد لانك استاذة وقد سلمك الله امانة وهي تبليغ الرسالة وشكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات