الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس والشكوك وسوء التأويل وكيفية التخلص منها

السؤال

أعاني من اضطراب في التفكير، حيث إنني أتخيل أن هناك أناسا يؤذونني، وهذه الأفكار تسبب لي ألماً نفسياً شديدا؛ حيث إن هذه الأفكار تكون متعلقة بحياتي، مثل أنني أتخيل أن أخي يؤذيني ويأتيني شعور حقيقي، حتى أنني أتخيل أنه يضربني، وأشعر بالضرب كأنه حقيقي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي القرني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن مشاعر الاضطهاد، وكذلك إيقاع الأذى من جانب الآخرين ربما تكون دليلاً على وجود نوع من اضطراب الشخصية، نسميه بالشخصية الزوارية أو البارونية أو الظنانية، وقد يكون الأمر أيضاً مرتبطاً بحالة مرضية تسمى بالاضطراب الزواري، أو الاضطراب الباروني، أو الاضطراب الظناني.

هذا أحد التفسيرات التي قد تفسر مثل هذه الحالات، ولكني لم أشعر أن أعراضك بالشدة والقوة والإطباق الذي يجعلنا نعتبرها كحالة نفسية ذهانية، أي: عقلية.

أنا أكثر ميولاً لتفسير آخر، وهو أنه لديك نوع من الوساوس، هذه الوساوس هي التي جعلتك تتخيل أن أخاك يقوم بإيذائك، وأنت وصفت أن الشعور الذي يأتيك هو شعور حقيقي، وأنا أعتقد أنه ليس حقيقياً، إنما أنت تتصوره وتتخيله على أنه شعور حقيقي، وإذا تمعنت وبشيء من التركيز والتفكير في الأمر إن شاء الله سوف تصل إلى قناعة أن هذا التفكير تفكير غير صحيح وغير سليم، وهو تفكير وسواسي؛ لأن الإنسان إذا استسلم للأفكار وجعلها تسيطر عليه بصورة آلية وميكانيكية، هنا بالطبع سوف تُطبق عليه هذه الأفكار، وسوف تزداد، وفي هذه الحالة قد يتحول الأمر إلى وضع مرضي.

إذن: الذي أدعوك إليه هو أن تحقر هذه الأفكار، أن ترفضها، أن تقول لنفسك: (لا يمكن أن يكون هذا حقيقة، لماذا لا أكون أكثر ثقة في الناس؟) بالحوار وبالنقاش ومحاولة الإقناع الذاتي سوف تصل إن شاء الله للحقيقة التي تجعلك تتجاهل هذه الأفكار.

وحتى نساعدك في أن تنتهي هذه الأفكار سوف أنصح لك بتناول دواء بسيط يُعرف تجارياً باسم (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون Risperidone)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك يجب أن تقوم بزيادة الجرعة إلى اثنين مليجرام ليلاً، حيث إن هذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة، ويجب أن تستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى واحدة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك توقف عن تناول الدواء، وهو من الأدوية السليمة والجيدة والتي سوف تفيدك كثيراً.

هذا الشعور الذي يأتيك حيال هؤلاء الأشخاص، حاول أن تتقرب إليهم أكثر، حاول أن تكون أكثر وُدّاً لهم، وهذا سوف يقلل من هذا النفور ومن هذه المشاعر السلبية، ويؤدي إن شاء الله إلى زوالها.

أنصحك أيضاً أن تكون أكثر تواصلاً ونشاطاً من الناحية الاجتماعية بصفة خاصة، وعليك أن تبني صداقات فاعلة وصداقات جيدة، خاصة التعرف على الأخوة الصالحين والخيرين؛ فهذا يجعل الإنسان دائماً يستشعر أن هذه الدنيا فيها أناس يمكن الثقة بهم، ويمكن الاعتزاز بعلاقاتهم، وأن يجعلها الإنسان أخوة في الله، هذه في رأيي قمة التفاعل الإنساني الإيجابي، نسأل الله لك العافية والشفاء، ونشكرك كثيراً على تواصلك معنا في إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً