الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس الطهارة.. وكيفية التغلب عليها

السؤال

السلام عليكم.

منذ ثلاثة أعوام وأنا أعاني نفس المشكلة، وهي الوسوسة في طهارتي دائماً، ولا أعرف إذا كان وسواساً قهرياً أم ماذا؟!

أشك في كل شيء، وذهبت إلى طبيبة ووصفت لي السبرالكس، ولكني كنت أستمر عليه شهراً فأشعر بتحسن طفيف فأقطعه ثم أعود وآخذه، وبعد عام ونصف ذهبت لطبيب آخر، ووصف لي الفافرين ب200 جرام يومياً، وابيكسيدون 3 مجم في اليوم، ولكن الجرعة تشعرني بالتعب والهبوط الشديد، ولا أحس أيضاً بأي تحسن منذ ثلاثة أسابيع حتى الآن، فهل لحالتي علاج مفيد؟ أم سأظل أعاني من الوسواس طوال عمري؟ وأنا أحاول مقاومته بكل جهد، ولكن يغلبني دائماً، فما الحل في مشكلتي؟

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي فهمته من رسالتك أنك تعانين من بعض الشكوك فيما يخص الطهارة، وهذا بالطبع يشمل الغسل ويشمل الوضوء، والوساوس حول هذا الموضوع كثيرة جدّاً، فهناك من يشك في وضوئه، وهناك من يتشكك حول خروج الريح منه دون أن يكون ذلك حادثاً، وهناك من يشك حول الغسل، وهكذا.

هذه الشكوك هي وساوس قهرية في الواقع؛ لأن الوسواس القهري يتسم بالإلحاح والاستحواذ على تفكير الإنسان، مما يدفعه لتكرار الفعل والتردد والتشكك حوله مع وجود قلق.

معظم الذين يعانون من الوساوس يحاولون دفعها ورفضها لكن تجد أن هذه الوساوس تفرض على الإنسان نفسها، بالرغم من قناعة الشخص بسخفها.

من الجميل أنك ذكرت بأنك تعتمدين على مقاومة هذه الوساوس، هذه المقاومة يجب أن تكون مستمرة، واستمرار المقاومة في بداية الأمر يؤدي إلى زيادة في القلق، ولكن بعد ذلك نجد أن القلق قد بدأ في الانخفاض والانحسار حتى ينتهي تماماً.

يجب أن تكوني دقيقة جدّاً في أساليب المقاومة السلوكية، ومن أفضل الطرق أن تحددي كمية الماء بالنسبة للوضوء وحتى للغسل، لا تلجئي إلى ماء الصنبور، إنما توضئي من إناء أو إبريق، وحين تتوضئين مثلاً أكدي على نفسك مرة واحدة أنك قد قمت بغسل اليدين مثلاً، وبعد ذلك بالطبع المضمضة والاستنشاق والاستنثار، وهكذا، أكدي على نفسك في داخلك أنك قد قمت بهذا الفعل، وأنك لن تكرريه أبداً، ودائماً تذكري أن كمية الماء محدودة، ولا يوجد ماء متوفر لك غير هذه الكمية.

من الأشياء التي تساعد صاحب الوساوس في الوضوء مثلاً الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يغسل الإنسان العضو ثلاث مرات، ولكن أيضاً ورد عنه صلى الله عليه وسلم أن هذا الغسل يمكن أن يكون مرة أو مرة واحدة، يفضل لصاحب الوساوس أن لا يمشي على وتيرة واحدة، اغسلي مرتين فقط كل عضو، هذا قد يصعب على النفس، ولكن وجد أن هذا المنهج يساعد كثيراً مرضى الوساوس القهرية.

وتحديد كمية الماء أيضاً مهم في حالة الطهارة، وكذلك تحديد الزمن، ويجب الالتزام به، وبالنسبة للزمن يمكنك أن تضعي الساعة أمامك ودققي تماماً أنك لن تتجاوزي الإطار الزمني الذي تم تحديده من خلالك.

من الضروري جدّاً بالنسبة لصاحب الوساوس أن يحقرها، فيجب أن لا تعطيها أهمية في حياتك، وخاطبي نفسك أن هذه وساوس، هذه سخيفة لن أتبعها، وهكذا.

يمكنك أيضاً الطلب من أحد أفراد أسرتك أن يجلس ويراقب وضوءك على الأقل في الأيام الأولى، ويمكن أن يؤكد لك هذا الشخص أنك قد قمت بالوضوء بصورة صحيحة في نهاية الأمر، وهذا أيضاً وجد أنه ذو عائد علاجي كبير جدّاً.

بالنسبة للعلاج الدوائي، الأدوية مفيدة وفعالة وممتازة، ولكن الأدوية تتطلب الالتزام التام بالجرعة، وجرعة العلاج في حالة الوساوس القهرية هي الجرعة الوسطية.

الجرعة الصغيرة لا تفيد، والجرعة الكبيرة لا نحتاج لها إلا في حالات معينة، مثلاً جرعة السبرالكس يجب أن تكون عشرين مليجراماً في اليوم على الأقل، وبالطبع تكون البداية عشرة مليجرام، بعد أسبوعين ترفع إلى عشرين مليجراماً، ويجب أن يظل الإنسان لمدة ستة أشهر على هذه الجرعة مع الالتزام التام، بعد ذلك يمكن أن تخفض الجرعة إلى الجرعة الوقائية.

الفافرين من الأدوية الممتازة ومن الأدوية الفاعلة، وحقيقة تناول الفافرين وحده لن يسبب لك أي نوع من الشعور بالتعب أو الهبوط الشديد، أنا أقترح عليك التوقف عن تناول (وابيكسيدون) لا تتناوليه، والفافرين سوف يكون دواءً ناجعاً ومفيداً وجيداً لك.

أما إذا أردت أن تنتقلي لدواء آخر فهنالك دواء يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، هذا لا يسبب أي نوع من الإجهاد، لا يسبب أي نوع من التعب، وهو دواء سليم جدّاً وغير إدماني، ونعتبره من الأدوية التخصصية الراقية جدّاً في علاج الوساوس القهرية.

جرعة البروزاك هي أن تبدئي بكبسولة واحدة في اليوم (عشرون مليجراماً)، استمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى أربعين مليجراماً يومياً، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم واستمري عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أؤكد لك أن الوساوس يمكن علاجها، فقط عليك بتطبيق الإرشادات السابقة، وتناول الدواء بالصورة المطلوبة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً