الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت فتاة وتقدمت لها ولكن إخوانها رفضوا.. هل أستمر بالمحاولة؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شابٌ من أسرةٍ محافظة، مواظبٌ على صلاتي ومتمسك بديني، تعرفت على فتاة من خلال الإنترنت، ودامت بيننا علاقة تجاوزت الثلاث سنوات، أحب كلٌ منا الآخر، ويعرف كلٌ منا الآخر، وأصبحت بيننا اتصالات، ولقد تقابلنا، أردتها زوجةً لي فقاربت بين أسرتي وأسرتها من خلال تعارف نسائي فقط، وتعرفت بعدها على إخوتها، وصارحت أخاها على الزواج دون أن يعلم أن أساس العلاقة هي تعارف من خلال الإنترنت، وبعد أن سأل عني بطريقته اقتنع بي، خصوصاً وأني صاحب سيرة حسنة بين الناس، ولا أمدح نفسي، ولكن هذا ما توصل إليه أخوها، والحمد لله لقد فرحت كثيراً، بل فرحنا كثيراً، وكانت علاقة حبٍ صادقة، الهدف منها هو إكمال نصف ديني، بما أنه تخللها بعض الأمور التي لا تجوز شرعاً ولا عرفاً، وهي علاقة الهاتف والمقابلة، ولكن هذه زادتني حرصاً للزواج بها، وذلك لاقتناعي بها، ولكن مع مرور الوقت تغيرت نظرة إخوانها لي، ولم يقنعوا أباهم بي، لا أعلم لماذا، وقبل كل هذا استخرنا الله سبحانه وتعالى في أمرنا هذا، واستخرت أنا مراراً وتكراراً، ويعلم الله أني لا أريد من النساء زوجةً لي غيرها، إني أكن لها حباً كبيراً، وهي أيضاً كذلك، ولكن هناك بعض الأمور والعوائق كاختلاف الجنسيات مثلاً، وكانت هناك مشكلة عند أسرتي بالنسبة لي وقد تغلبت عليها وأقنعتهم عن غير رضا كامل منهم جميعاً، ومع عدم ردهم على أسرتي أفرحهم هذا التصرف، وعدم رضاهم أو ردهم زادهم حرصاً على زواجي بأسرع وقت من إحدى قريباتي، لكي لا أرجع لهذه الأسرة مرةً أخرى.

سؤالي: هل الزواج في مثل هذه العلاقة يقابله النجاح بعد الزواج؟
وهل أستمر بالمحاولات لأتزوجها خصوصاً وأننا صبرنا كثيراً لكي نكون أسرة واحدة، وتواعدنا على ذلك؟
هل ما حصل من نتائج هو من محاسن الاستخارة، وأننا لا نصلح أن نكون كزوجين؟
أريد رداً شافياً فأنا في أمس الحاجة إليه بكامل تفاصيله.
عذراً على الإطالة، فيعلم الله أني وجدتكما متنفساً ومكاناً أفضفض إليه هماً حل بي، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله ورعاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، فنحن في خدمتك وخدمة جميع المتصلين بموقعنا، فلا تتردد في الاتصال، ونعتذر إليك عن تأخر الرد، ونعدك بعدم تكرار ذلك مستقبلاً إن شاء الله، ونسأله جلَّ وعلا أن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يَمُنَّ عليك بالزوجة الصالحة التي تكون عوناً لك على طاعة الله ورسوله.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فلا أريد بدايةً أن أعكر صفوك ببيان حرمة إنشاء علاقات مع النساء الأجنبيات عبر الإنترنت أو الهاتف، فأنت أعلم بذلك، ولكني أقول لك: أنت تعلم -أخي المحترم وليد- أن الأمور كلها بيد الله، وأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أرد الله، فإذا كانت هذه الأخت من نصيبك فسوف تصل إليها لا محالة رغم أنف أهل الأرض جميعاً، وإذا لم تكن من نصيبك فلو كنت ملَكاً من الملائكة أو سلطان الجن الأحمر -كما يقولون- لا يمكنك الزواج بها؛ لأن الله لا يغلبه غالب، ولا يغير قضاءه مخلوق مهما كانت عظمته وقوته، كل الذي علينا أن نأخذ بالأسباب، وأن نكثر الدعاء، ثم ندع النتائج بعد ذلك لله تعالى؛ فأنت أخذت بالأسباب الممكنة التي يبذلها كل شخص عادي، فإذا كنت ترى أنه بمقدورك أن تؤثر في قرار أهلك أو أهلها وتحاول إقناعهم بالمعروف والحكمة، فلا مانع من استمرار المحاولات، شريطة أن تتوقف عن مقابلتها أو الاتصال بها، حتى تتضح الرؤية، فإن وافقوا على ذلك فارتبط بها، ثم حدثها الليل والنهار، وقابلها كيفما شئت؛ فلن ينكر عليك أحد؛ لأنها أصبحت زوجة لك، وإن لم يوافقوا تكون قد أعذرت إلى الله، وفي نفس الوقت لم ترتكب محرماً، وتكون تلك إرادة الله.

واعلم أنه لا عبرة شرعاً بالوعود التي بينك وبينها؛ لأنه لا يحل لكما ذلك شرعاً، ولذلك لا تشغل بالك بذلك، وتُبْ إلى الله منه.

وإذا لم يوافق أهلك بعد محاولاتك في إقناعهم، أرى أن تعتذر إليها، وألاَّ تغضب أهلك بسببها؛ لأن حقّ أهلك عليك أعظم من حقوق أهل الأرض جميعاً، ولا يليق برجل مسلم ملتزم مثلك أن يَعُقَّ أهله لإرضاء أي أحدٍ كائناً من كان، حتى ولو وافق أهلها ولم يوافق أهلك، فلا تضحي بهم أبداً مهما كانت درجة تعلقك بها؛ لأنك بذلك تكون قد كتبت على نفسك الشقاء والحرمان ومحق البركة، وغضب المولى عليك حياً وميتاً.

ومن أدراك، لعلَّ هذه المعوقات من بركات الاستخارة، وأنها فعلاً لا تصلح لك، وإنما تصلح لغيرك وقد خلقها الله له، كما لا تصلح أنت لها وقد خلقك الله لغيرها.

فحاول مرةً أخرى، فإن وفقت فهذا ما نرجوه، وإلاَّ فتوكل على الله، وارض أهلك، وابحث معهم زوجة أخرى.

سائلاً الله تعالى لك التوفيق والسداد، وسعادة الدنيا والآخرة، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً