الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توجيهات لفتاة تعاني كره والديها لضربهما لها في صغرها

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في المرحلة الابتدائية، مشكلتي أنني وأنا طفلة ضربت ضرباً مبرحاً من والدي، وكلما بكيت يتكرر أمامي وجه والدي وهما يضربانني وأبكي أكثر وأكره والدي، مع العلم أنهما طيبان كثيراً، لكن لا أعلم ما السبب؟! أحياناً أحس نفسي أني تعقدت، ما هو حل مشكلتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد ذكرت أن مشكلتك أنك قد ضربت ضرباً مبرحاً وشديداً من قبل والدك، وأصبحت هذه الصورة – أي: صورة الضرب والمعاملة من قبل والدك – تتكرر دائماً في عقلك وسببت لك مشاغل، وكنت تتعرضين لضرب أكثر عند البكاء، وهذا كله سبب لك ما وصفته بالكراهية لوالديك، بالرغم من أنهما يتميزان بصفة الطيبة كما ذكرت.

الذي حدث لك هو أن المعاملة القاسية في نظرك من جانب الوالدين ظلت في ذاكرتك، وأدت إلى ما نسميه بعصاب ما بعد الإصابة، والذي يُقصد بذلك أن بعض الناس إذا حدثت لهم ظروف نفسية شديدة، وبعد انتهاء هذا الظرف تظل الفكرة موجودة وتتكرر في شكل فكرة، وهذه الفكرة تكون في أساسها نوعاً من القلق والخوف وعدم الطمأنينة.

الذي أنصحك به هو أولاً أن تعرفي أن والديك لم يريدا بك شرّاً أبداً؛ لأن الله تعالى خلق الوالد والوالدة على فطرة المحبة لأبنائهما، وأقصد بذلك أنه لا يوجد مطلقاً أي كراهية من جانب الأبوين لأبنائهما. نعم المناهج التربوية تختلف، فبعض الآباء يميلون للضرب وكذلك الأمهات، وبعضهم يكون عطوفاً أكثر مما يجب،وبعضهم يكون وسطاً، وهكذا.

فيظهر أن والديك نشأا على هذا المنهج وهو منهج التأديب عن طريق الضرب وهو شائع في مجتمعاتنا، وفي نهاية المطاف لا أعتقد مطلقاً أن والديك قد أرادا بك شرّاً، فقط كان هدفهما أن تكوني أفضل طالبة وأن تكوني ذات خصال طيبة وحميدة، وكانا يريان أن هذا يمكن أن يتحقق من خلال الضرب، ولا شك أن هذا خطأ.

ربما أيضاً تصرفاتك قد ساهمت في أن يعاملاك بهذه الطريقة، وأنا بالطبع غير متأكد وأرجو أن تسامحيني في هذا، فالطفل إذا كان كثير الحركة لا يسمع الكلام ولا ينصت قد يلجأ الوالد أو الوالدان إلى ضربه مرات.

فإذن: العملية ربما تكون مشتركة، وأنا أريدك أن تبدئي من الآن صفحة جديدة، وأن تعاملي والديك باحترام وبكل بر، وأن تجتهدي في دراستك، ويجب ألا يكون هنالك أي كراهية من قبلك نحو والديك، فهذا لا يجوز، وهذا غير صحيح، والتمسي لهما الأعذار، فأرجو أن تكوني متسامحة، وفي نفس الوقت يجب أن تظهري الاحترام والتقدير والبر لوالديك، هذا من أهم واجباتنا الإسلامية والتي يجب أن نلتزم بها والتي يجب أن نقدرها.

وأنت يجب أن تتأكدي أنك إذا أحسنت التعامل مع والديك فهم إن شاء الله سوف يبادلونك هذا الإحسان بإحسان أكثر منه.

أرجو ألا تكوني متشائمة، كوني متفائلة، وكما ذكرت لك: ركزي على دراستك، وعليك بالإكثار من القراءة، وحافظي على صلواتك، وقراءة القرآن، ولابد أن تكون لك صداقاتك من الفتيات الطيبات الملتزمات، وتواصلي مع أرحامك.

أنت في هذا العمر من حقك بالطبع أن تقضي بعض الوقت في الترفيه المشروع، ويمكنك أن تروحي عن نفسك بأن تخرجي مع أفراد أسرتك إلى الحدائق وإلى المتنزهات، وأن تشاهدي البرامج الجيدة، وإن شاء الله الأمور تسير من حسن إلى أحسن، وأقول لك مرة أخرى: لا تكرهي والديك، هذا ليس صحيحاً، ويجب أن تحسني الظن بهم، فهم لا يريدون لك إلا الخير، لكنهم وللأسف أخطأوا الأسلوب، ويجب ألا يبقى هذا الأمر عالقاً في ذهنك، يجب أن تسعي لنسيانه، خاصةً أنك اعترفت بأنهما طيبان، فإذن السبب اتضح لك في الضرب، فلا تتركي للشيطان فرصة في أن يذكرك بضرب والديك لك، فهو يريد أن يحزنك أكثر ويريد أن يأجج في قبلك الحقد والكراهية للوالدين الذين رضا الله في رضاهما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً