التردد في اتخاذ القرار يفوت الكثير من المصالح

2004-03-04 11:39:32 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأساتذة الأفاضل القائمين على هذه الصفحة الطيبة، لا أجد أي كلمة شكر أشكركم بها على ما تقومون به وتقدموه للشباب، جعله الله في ميزان حسناتكم وأحسن الله إليكم.

لقد تم مساعدتي في مشاركات سابقة، وجزاكم الله عني خير الجزاء، لكن سؤالي هذه المرة لم أكن متوقعة أني سأسأله شخصاً ما أو سيشغل تفكيري لهذه الدرجة .

المشكلة في الزواج، فأنا لا أنكر أني مثل أي فتاة تفكر في الزواج وتكوين أسرة مسلمة، وتربي جيلاً مسلماً نافعاً، وهي مجرد فكرة ومجرد أحلام، وأحاول أن أستعد لهذا الدور بشتى الطرق، مثل التثقيف والعلوم وما شابه ذلك، لكن عندما يصبح الأمر جد -أي عندما يتقدم لي شاب ملتزم وطيب وذو خلق- لا أعرف ماذا يحصل لي، أخاف وأرتبك، وأدخل في دوامة: هل هو شريك حياتي؟ هل هو الشخص المناسب؟ هل سأكون زوجة صالحة؟ هل أنا الشخص المناسب لهذا الشاب؟ وهذه الأفكار تراودني إلى أن ينتهي الأمر بأن أرفض لحججٍ أحياناً تكون معقولة بالنسبة لي، مثلاً أنه لا يكون على القدر الكافي من الالتزام والمعرفة، أو أحياناً أسباب ليست مقنعة، مثلاً أني أشعر بضيق ولا أرتاح لهذا الشخص وأشعر أنه ليس الشخص المناسب لي .

مع أني في الغالب أرفض جميع الخطاب الذين يتقدمون لي عن طريق الأخوات أو العوائل من غير أن أراهم أو حتى أعطيهم الفرصة، أرفضهم مسبقاً، وأكون جازمة أنهم ليسوا بتلك الكفاءة ؛ لأني أشعر أني لست مستعدة للزواج أو لتكوين أسرة.

أبي لا يهتم بالأمر، بل يكاد يكون أخرج نفسه من الموضوع، بل إنه يرفض كل شخص ملتزم وفيه كل الشروط لمجرد أنه عربي وليس من نفس القومية، فهو ليس ملتزم ولا يهمه الدين، بل يكاد يكون من المعادين للإسلام أسأل الله له الهداية والثبات، أشعر أن مسئولية الاختيار على كتفي أنا؛ لأني أبي لا يهمه الأمر ولا يبالي بالتزام الشخص ولا يهمه سوى القومية.

مشكلة أخرى: لا أريد الزواج من نفس القومية، وأريد الزواج من مسلم عربي، يمكن لأني أتقن اللغة العربية أكثر والله أعلم، أو لأني بقيت بينهم وعشت بينهم أكثر؟ والذين رفضتهم كانوا كذلك أي من نفس قوميتي، لم أرتح لهم نفسياً، وشعرت بضيق عندما قابلتهم، أما العرب الذين تقدموا فإني رفضتهم لعلمي المسبق أن والدي لن يوافق، وستحصل مشاكل وخلافات أنا في غنى عنها، مع أنهم خيرين وطيبين وذوو خلق ودين.

أنا في دوامة، بعد أن تكرر موقف التردد والحيرة والخوف وعدم الراحة عدة مرات كلما أصبح الأمر جد، وكان الشخص حسب المواصفات التي أتمناها وأطلبها.

من الإخوة الذين طلبوني ورفضتهم منهم من قال لي أني مغرورة، ومنهم من قال أني عديمة الشخصية، ومنهم من قال: احتمال تكوني مسحورة، لهذا كلما أصبح الأمر جد ترددتِ وخفتِ، وحاولتِ أن تجدي أي سبب لتقفلي الموضوع.

لا أعرف إذا كان من الممكن أن يكون كلامهم صحيح؟ أم أنهم يقولون هذا لأني رفضتهم؟
وما موضوع السحر هذا؟ هل من الممكن أن يسحر الشخص ولا يتزوج؟

ما رأيك فضيلتكم في مشكلتي؟ وما هو أنسب حل لي؟ أنا لا أنكر أني لم أعد صغيرة، لكني في نفس الوقت صابرة لأني مؤمنة أن مثل هذه الأمور قسمة ونصيب ومقدرة من عند الله متى ستكون ومع من، لكني فعلاً لا أعرف وأخاف جداً من الموضوع.

أعتذر على الإطالة، لكني أحببت أن أوضح المشكلة من كل الجوانب لكي تستطيعوا مساعدتي وإرشادي، فأنا إنسانة أحب أن أحلل كل شيء وخاصةً نفسي، أحب أن أفهم لماذا وكيف لكي أعرف التعامل معها.

ماذا يحصل لي؟ هل ما حصل من تجارب فاشلة متكررة في عائلتي، والانفصال بين أبي وأمي، والمشاكل المستمرة بينهم ممكن أن يكون هو السبب فيما وصلت إليه، ورفضي النهائي من الزواج من شخص من نفس قوميتي؟ فأنا فعلاً لا أتخيل نفسي مع إنسان من نفس القومية .

أسأل من الله أن يتقبل كل مجهوداتكم ويجعلهاً خالصة لوجهه الله .

يا حبذا لو ترشدوني على كتاب إن كان اجتماعياً أو نفسياً ممكن أن يقويني ويساعدني ولكم مني جزيل الشكر.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسملة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك أن يعافيك من كل بلاء، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرزقك زوجاً صالحاً مباركاً.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فأنت ولله الحمد لست مسحورة، وليس عندك أي شيء من هذا القبيل، وكل الذي عندك إنما هو نوعٌ من الأمراض النفسية تسمى بالخوف الاجتماعي، أو الرهاب الاجتماعي، أو الخجل الاجتماعي، وهذا يؤدي غالباً إلى الخوف من المستقبل، وصعوبة اتخاذ قرار مخافة أن يكون خطأ، والتردد الزائد الذي يؤدي إلى تفويت الكثير من المصالح والفوائد، وهذا هو الذي تعانين منه أختنا بسملة، وهو للأسف مرض ينشأ مع الإنسان منذ صغره؛ نتيجة عدم المشاركة الأسرية وعدم التفاعل مع الطفل وهو صغير، مما يحرمه من المشاركة الاجتماعية، ويؤخر ويضعف نموه الاجتماعي، فيُصاب بمثل حالتك تماماً، وهناك عاملٌ آخر يؤدي إلى هذا التردد كذلك، وهو الانفصال بين والديك، فهذا أيضاً يلقي بظلاله على نفسيتك من حيث لا تشعرين، وعلاج ذلك سهلٌ جداً بمراجعة أي طبيب من النفسانيين، وسوف يزول بسهولة -إن شاء الله-، كما يمكنك الاستفادة من الكتب التي تتحدث عن الثقة بالنفس، وهي كثيرة وسأذكر لك بعضاً منها، كذلك يمكنك التخلص من ذلك بوقفة قوية وصادقة مع نفسك خاصة عندما يتقدم إليك شاب يتمتع بالمواصفات التي تريدينها، فما عليك بعد الرؤية إلا الاستشارة والاستخارة، وتتوكلي على الله فوراً ولا تترددي، ولا تعطي لنفسك هذه الفرصة مرةً أخرى، وإنما احزمي واعزمي وتوكلي على الله فوراً وبلا تردد ما دام مناسباً شرعاً وعرفاً، وقبل أن تبدئي خطواتك العملية نحو قبول من يتقدم إليك عليك بحل مشكلة القومية مع والدك أولاً وقبل كل شيء، وتحددي موقفك من هذه النقطة بوضوح، إما أن تقبلي بكلام والدك أو ترفضيه بلا تردد، أما ترك هذه المسألة معلقة فأرى أن هذا أيضاً مما يقوي عندك عملية التردد وصعوبة اتخاذ القرار المناسب، وعليك كذلك بأهم سلاح وأقواه وهو الدعاء، والإلحاح على الله أن يصرف عنك هذا التردد، وأن يوفقك لاتخاذ القرار المناسب، واعلمي أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، كما أخبرت بذلك السنة النبوية المطهرة، فعليك بالدعاء، وإليك بعض الأسماء المرشحة من الكتب، وإن كنت أعتقد أن عندكم الكثير منها:

1- كتاب: كيف تزرع الثقة في نفسك د . هيا السبيعي – قطر.

2- كتاب: دع القلق وجدد سعادتك محيي الدين عبد الواحد.

3- كتاب: دع القلق وابدأ الحياة ترجمة: عبد المنعم محمد الزيادي.

4- كتاب: كيف تفهم نفسك وتفهم الناس؟ ترجمة: شقيق أسعد فريد.

5- كتاب: أتح لنفسك فرصة ترجمة: عبد المنعم محمد الزيادي.

6- كتاب: كيف تنمي ثقتك بنفسك دار المعارف الطبي.

7- كتاب: استمتع بالحياة ترجمة/ عبد المنعم محمد الزيادي.

وغير ذلك من الكتب التي تتناول موضوع الثقة بالنفس.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسعادة في الدنيا والآخر، وبالله التوفيق.

www.islamweb.net