الاكتئاب بسبب عدم وجود وظيفة
2010-06-30 11:11:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي شخصية ضعيفة، وزادت ضعفاً بعد تخرجي من الجامعة ولم أجد عملاً، وأتيحت لي فرصة عمل ورفضتها في البداية، وقد رفضتها لأنني كنت أتطلع إلى وظيفة أحسن، لكن مع مرور الوقت أصبحت ألقى اللوم من العائلة والأصدقاء، بسبب رفض هذه الوظيفة، مما سبب لي ضعفاً في الشخصية، وترددي في الكثير من قراراتي.
خاصة عندما أجد أصدقاء لي يعملون وأنا لا أعمل، وأحاول إكمال دراستي العليا، ولا أستطيع التحضير الجيد بسبب ما أعانيه من صراع داخلي، مما سبب لي صعوبة التركيز، فكيف يمكنني أن أكون ذا مبادئ قوية، ولا تهز شخصيتي وتضعفها، بل تدفعني إلى الأمام نحو مستقبل أفضل.
ثانياً: هل يمكنني أن أدفع رشاوى من أجل العمل؟ لأن الواقع أصبح مراً، فحين تذهب لاجتياز مسابقة تسمع أن هذا المنصب يقدر مبلغه بكم من النقود للنجاح! ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحمودي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا أعتقد أنك تعاني من ضعف في الشخصية، أنت لديك مزاج سلبي وربما يكون اكتئابيا بعض الشيء، وذلك لعدم حصولك على العمل، ويعرف أن الإنسان بعد أن يكمل دراسته يكون متحمساً ومتطلعاً لأن يجد عملاً مناسباً، ولكن بكل أسف الواقع الموجود يناقض ذلك، فالبطالة بين الشباب منتشرة، وفرص العمل أصبحت قليلة ونادرة.
لكن يجب أن لا تستسلم لهذا الوضع أبداً، عليك أن تبحث وأن تبحث، ولا تيأس مطلقاً، افتح كل الأبواب، إذا كان هناك إعلانات عن الوظائف تابعها، قدم في الدوائر الحكومية والدوائر الخاصة المختلفة، ولا أحد يقول لك يجب أن تدفع رشوة، هذا لا يجوز أبداً، كيف تحل مشكلة بمشكلة أفظع منها وترتكب حراماً.
ولا أعتقد أن هذا الأمر صحيح، وهذا إن أقدمت عليه حتى بمقاييس الدنيا سوف يجعلك في يوم من الأيام تحس بالذنب، وتحس أنك قد اقترفت عملاً وإثماً لم يكن من المفترض أن تُقدم عليه، وعليك بالدعاء وعليك بالتوكل وعليك بالبحث والإصرار، وكما يجد الآخرون الوظائف أنت إن شاء الله سوف تجدها.
لا تصف نفسك بأنك ضعيف الشخصية؛ لأن مجرد إطلاق هذه التسمية على النفس والاقتناع بها هو الذي يؤدي فعلاً إلى ضعف الشخصية.
أنصحك أيضاً أن تدير وقتك بصورة صحيحة، الإنسان حين ينجز أي عمل أو أي نشاط على النطاق الاجتماعي أو الشخصي أو حتى على النطاق الثقافي والمعرفي يحس في نهاية الأمر أنه قد أنجز شيئاً، وهذا الشعور بهذا الإنجاز يؤدي إلى شعور بالرضا ويؤدي إلى مشاعر إيجابية كثيرة جدّاً.
أنا أنصحك أن تضع جدولا يومياً: أولاً خصص وقتاً لأن تذهب وتسعى عن عمل، مارس الرياضة، صلواتك الخمس يجب أن تكون في المسجد، يجب أن تزور أصدقاءك وأرحامك.
نصيحة أخرى هي الانخراط في أي عمل تطوعي، إذا كانت هنالك أنشطة شبابية أو اجتماعية أو خيرية، لا تحرم نفسك منها.. هذه الأماكن وهذه الجمعيات والتنظيمات والأنشطة الشبابية تعطي الإنسان شعورا داخلياً بعزة النفس وبقوتها، وأنه يُقدم للآخرين، وهذا من أفضل الوسائل التي تقوي الشخصية.
كما أنها فرصة عظيمة لأن يقتدي الإنسان ببعض المتميزين في هذه المجالات الخيرية، من أصحاب الشخصيات القوية، والنافذة والمفيدة، وهذا يعطيك أيضاً شعورا بالجماعية والشعور بانطلاقة جديدة.
أنصحك أن تمارس الرياضة، الرياضة فيها خير كثير، وهي تقوي الأبدان وتقوي النفوس، وفيها خير للإنسان.
هناك فنيات بسيطة من المهارات الاجتماعية، التي يجب أن تحرص عليها، مثلاً حين تتحدث إلى الناس انظر إليهم في وجوههم، لا تتجنبهم أبداً، تبسم في وجوه إخوانك، ابدأ بالسلام، هذا أيضاً فيه إن شاء الله دافع قوي وتحسين للمزاج، ومن ثم تحس أنك فعلاً مفيد لنفسك ولغيرك.
الإنسان يجب أن يتعامل مع ذاته على ثلاثة محاور: أولاً ينظر إلى ما قام بإنجازه في الماضي، وحتى إن كانت هنالك عثرات يجب أن لا يأخذها كأمر سلبي، إنما هي نوع من التجارب والعبر.
عليك أن تنظر إلى مصادر قوتك، وهذا يأتي من خلال التحليل المناسب والمنصف للنفس، وهنا سوف تكتشف مصادر قوة كثيرة جدّاً في نفسك، وبعد ذلك اقبل ذاتك، اقبلها بمصادر قوتها ومصادر ضعفها، وحاول أن تطور الذات بأن تقوي مصادر القوة وأن تقلص من مصادر الضعف.
هذه هي الأسس الرئيسية وتنمية الذات دائماً تأتي بالاطلاع، بالقراءة، تنمية الثقافة، مصاحبة الخيرين، أخذ القدوة الطيبة، النظر إلى تاريخنا الإسلامي العظيم، والبطولات التي حدثت في هذا التاريخ.
هذا يا أخي كله يعطي الإنسان شعورا بعزة النفس ورفع الهمة، وهذا أيضاً إن شاء الله فيه إضافة جيدة جدّاً لتنمية الذات، ويجب أن تبتعد عن الرشوة تماماً، وعليك أن تبحث عن العمل، وأسأل الله أن يقيض لك هذا، وأن يسهل لك هذا الأمر، وأن يفتح لك أبواب الرزق.
وفيما يتعلق بالدراسات العليا لا تيأس ولا تحبط أبداً، ومن تجربتي الخاصة، إن الدراسات الأساسية الجامعية هي دائماً أصعب من الدراسات العليا، الدراسات العليا أصبحت سهلة ومتيسرة، وهناك طرق كثيرة لها، فلا تضع هذا الإحباط أمامك ليعطل من انطلاقتك، انطلق، وأنت الحمد لله في عمر فيه كل الطاقات النفسية والجسدية والوجدانية والفكرية متوفرة، نسأل الله لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.