الوساوس القهرية المتعلقة بالنظافة العامة والطهارة الشخصية وطرق التخلص منها
2010-07-07 13:02:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد ابتليت بوسواس النظافة، وفي بداية الأمر كنت أشمئز من كل شيء حولي وكأن النجاسة منتشرة في كل ما هو حولي، والآن أُعاني من الوسواس في طهـارتي؛ حيث إذا خرجت من الحمام لقضاء حاجتي -أكرمكم الله- أخرج وأشك هـل غسلت بعد قضاء الحاجة أم لا (أعني غسل المنطقة المعنية لقضاء الحاجة)؟ على الرغم أني أثناء الغسل أقول لنفسي: (أنا غسلت فانتبهي ولا تقولي بعد ذلك أني لم أغسل)، ومع ذلك أخرج من الحمام وبعد قليل أشك هـل غسلت المنطقة أم لا؟ وأتساءل هـل غسلت يدي أم لا؟ وأتساءل هل غسلت أظافر يدي جيداً أم لا؟
سيدي: هذه معاناتي، فماذا أفعل؟ هل أمشي وراء وسواسي وأعاود التنظيف -مع العلم أني بغير ملابسي لاعتقادي أنها تنجست- أم لا أتبع الوسواس وأعيش في ضغطٍ نفسي يبقى معي لساعات؟ وهـل علي شيءٌ في عدم اتباعي لهـذا الوسواس؟
هـذا غير أني أشمئز من الأحذية، وأحس أنها قذرة ونجسة، حتى أني أغسل يدي بعد لبسها، وأتضايق من الناس عندما يمسكون أحذيتهم ولا يغسلون أيديهم، أو حتى عندما يقعدون ويحطون أحذيتهم على الكراسي.
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nouf naif حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن حالتك واضحة وبسيطة بالرغم مما تسببه لك من إزعاج، فأنت تعانين من وساوس قهرية، ووساوس حول الطهارة، ووساوس حول الأوساخ، وهذه من أكثر أنواع الوساوس الشائعة، ويعرف أن الوساوس تكون متسلطة على الإنسان ومستحوذة وملحة جدّاً عليه، وتسبب له الكثير من القلق والمضايقات، خاصة إذا لم يتبعها ولم ينفذها.
أيتها الفاضلة الكريمة: الوسواس هو خبرة وتجربة مكتسبة، ويعالج بالتجاهل، وبأن نقوم باستجابات مضادة له، وأن يعرض الإنسان نفسه لمصدر وسواسه دون أن يستجيب، هذه هي الأسس والأطر الرئيسية.
أفضل النتائج في علاج الوساوس التي يتحصل عليها الإنسان هي ما كان تحت إشراف الأخصائي النفسي، ذلك من أجل تطبيق التمارين السلوكية بصورةٍ صحيحة، كما أن للأدوية دوراً فعالاً جدّاً؛ حيث إن الأدوية تقلل من القلق والتوتر ومن الوساوس، وتساعد الإنسان على تطبيق التمارين السلوكية.
إذن: الوضع الأمثل هو أن تذهبي وتقابلي الطبيبة النفسية، والحمد لله تعالى فالمملكة العربية السعودية فيها خدمات جيدة وممتازة جدّاً في هذا السياق، والذي ستقوم به الأخصائية النفسية هو أن تحلل هذه الوساوس، وتقومين أنت بكتابتها جميعاً في ورقة، وبعد ذلك تنظرين إليها وتخضعينها لشيء من المنطق، وذلك بتركيزٍ وتأمل وتفكر، وسوف تصلين في نهاية الأمر أن هذه الوساوس بالفعل هي حقيرة، والشيء الحقير يجب أن يحقر ويجب أن يتم تجاهله...هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: بعد ذلك تبدئين في التعريض؛ بأن تعرضي نفسك لمصدر الوسواس ولا تستجيبي استجابة سلبية، فبعد قضاء الحاجة تصرين على نفسك أنك لن تغسلي مرةً أخرى، وحددي كمية الماء الذي سوف تستهلكينه في الاستنجاء أو الاستبراء بعد قضاء الحاجة.
لابد من تحديد كمية الماء، وعدم استعمال الماء من الصنبور مباشرة، فهذه مهمة جدّاً، ومهما تنازعك نفسك، ومهما يجيء لك الشعور الداخلي، الشعور الملح والمستحوذ الذي يطلب منك الاغتسال مرة أخرى، قولي لنفسك: (لا، هذا وسواس حقير، لن أستجيب له أبداً) والعلماء اعتبروا أصحاب الوساوس من أصحاب الأعذار، فأيتها الفاضلة الكريمة لا حرج عليك أبداً بإذن الله تعالى.
بالنسبة للأحذية، أيضاً العلاج يعتمد على التعرض مع منع الاستجابة السلبية، فأنا كثيراً ما أقوم بأن أضع يد الشخص الذي يعاني من الوساوس على أسفل حذائه، وأنا أقوم في نفس الوقت بوضع يدي تحت حذائه؛ لأن المعالج حين يكون قدوة للشخص الذي يعاني من الوساوس، هذا وجد فيه فائدة ومنفعة كبيرة جدّاً.
فأنت - أيتها الفاضلة الكريمة - يمكن أن تطبقي هذا التمرين مع الأخصائية النفسية، وأنا أفضل أن تحاولي وحدك، وهو صراحة ليس صعباً، أمسكي الحذاء، وضعي يدك تحت حذائك لمدة دقيقة، بعد ذلك ارفعي يدك، وانظري إلى يدك، وحددي كميةً من الماء في كوب، وبعد خمس دقائق من وضع يدك تحت الحذاء قومي بغسل يدك بهذا الماء المحدود الكمية، وهذا مهم جدّاً، وبعد ربع ساعة قومي بتكرار التمرين مرة أخرى، وهكذا كرريه للمرة الثالثة يومياً.
بعد ذلك سوف تجدين حقيقة أن كل هذه الوساوس - إن شاء الله - قد انتهت تماماً.
العلاج الدوائي مهمٌ جدّاً، وبفضل الله تعالى توجد أدوية فعالة وممتازة، وهي غير إدمانية وغير تعودية، ولا تؤثر مطلقاً على الهرمونات النسائية، ومن أفضل هذه الأدوية دواء يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، فيمكنك أن تستشيري الأخصائية النفسية أو الطبيبة النفسية في أمر هذا الدواء، وعموماً أنا سوف أوضح طريقة تناوله، وهو يمكن الحصول عليه من الصيدلية دون وصفة طبية.
الجرعة عند البداية كبسولة واحدة (عشرون مليجراماً) يفضل تناولها بعد الأكل، وتستمرين عليها يومياً لمدة أسبوعين، وبعد ذلك ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم –أي أربعين مليجراماً– وتستمرين عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض إلى كبسولةٍ واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك يتم التوقف من هذا الدواء، وكما ذكرت لك هو فعال وسليم ويزيل القلق تماماً ويمهد للتطبيقات السلوكية بصورة فعالة جدّاً.
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.