الحقيقة الكامنة وراء تعلق اليتيم بآخرين والإرشادات في بناء القوة الشخصية فيه

2010-08-10 10:52:26 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي بعمر (4) سنوات، منذ وفاة أبي -رحمه الله- وهي تتعلق بأشخاص لا تبالي بهم سابقاً، عندما نأخذها من دونهم تبكي وتصرخ، تعلقت بأختي كذلك، وهي كانت لا تراها قبل وفاة أبي رحمه الله، فقط بعد انتهاء العزاء سألت عنها، ومن بعدها أصبحت تريد أن تذهب معها، تنام لديها ما يقارب الأسبوع، لا تسأل عنا أو عن أمي كفطرة أي طفل!

سؤال آخر: إخوتي صغار، وكما قلت سابقاً هم أيتام، فكيف نزرع فيهم قوة الشخصية، وعدم الانكسار، والاعتماد على النفس؟ وجزاكم الله خيراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ استغفار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذه الصغيرة -حفظها الله- أصبحت تتعلق بعدة أشخاص، ليس حزناً على وفاة الأب عليه رحمة الله؛ لأن الطفلة في هذا العمر لا تستوعب ذلك، ولكن أغلب الظن أنها أصبحت تجد عناية من عدة أشخاص، وهذا جعلها تبادلهم هذا النوع من العطف، ولكن بصورة لا يفهمها الكبار، بمعنى أنها تعبر عن وجدانها وعن عواطفها، وتتعلق بهؤلاء الأشخاص كتبادل معهم لما يقدمونه لها من عطف، وأصبحت بعد ذلك تبكي وتصرخ محاولة منها للفت الانتباه لها؛ لأنها قد زودت بكثير من العطف بعد وفاة الوالد رحمه الله، وهذا أمر طبيعي، وبعد ذلك أصبحت تطالب بالمزيد، وخيال الطفل وعواطفه دائماً يقوم على ذلك، إذا أعطيته شيئاً يعتقد أن هنالك شيئاً أفضل من ذلك يمكن أن يُعطى له، إذا قلت له كلمة يعتقد أن هنالك كلمة أجمل من هذه يمكن أن تُقال.

حتى الطفل عندما ينظر إلى صورة أو إلى فلم كرتون مثلاً، يحاول دائماً أن يقترب من شاشة التلفزيون؛ لأنه يعتقد أنه سوف يتحصل على تفاصيل أكثر مخفية عنه، والطفل خصب الخيال، ليس كما نعتقد، نعتقد أنه محدود الخيال، لا، الطفل يستطيع أن يفكر وخياله خصب جداً حسب ما يناسب مرحلته العمرية، فالذي أرجوه هو أن تكون المعاملة متوازنة مع هذه الطفلة، وأن نتجاهل تصرفاتها التي تؤشر على أنها تحاول ان تستدر عطف الآخرين.

بالنسبة لإخوتك أرجو ألا تنزعجي؛ فنحن -الحمد لله- نعيش في مجتمع فيه الكثير من الخير، هنالك دراسات أوروبية كثيرة تشير أن فقدان الأب أو الأم في سن مبكرة ربما يؤثر تأثيراً سلبياً على الأبناء، ولكن الدراسات التي لدينا في مجتمعنا العربي الإسلامي وما نشاهده نستطيع أن نقول: إن هذا الكلام ليس صحيحاً؛ لأن مجتمعنا فيه الكثير من التضافر، فيه الكثير من التكافل، وهذا تقدّم من خلال عناية كبيرة باليتيم، وأنا حقيقة أنزعج في بعض الأحيان مما يجده اليتيم من عناية قد لا تتيح له الفرصة لينمي شخصيته ونفسه، ويكون معتمداً على الآخرين، فإذن الشيء الذي أريد أن أقوله أن إخوتك يجب أن ينشّئوا تنشئة عادية، يجب أن يعرفوا ما هو صحيح وما هو خطأ، كل متطلبات التربية الوقائية، من توجيه، ومن توبيخ على ارتكاب الخطأ، ومن تحفيز، وترغيب وترهيب، في بعض الأحيان يجب أن يطبق عليهم، يجب أن لا نزرع فيهم ضعف الشخصية، وذلك من خلال بناء الاعتمادية فيهم، وأن نشعرهم أنهم دائماً في حاجة للآخرين، هذا هو الذي أحذر منه، وهذا هو الذي أرى أنها هي الوسيلة التربوية الصحيحة التي تقوي من شخصيتك.

أما إخوتك فاجعلوهم يعتمدون على أنفسهم، وحاسبوهم على الخطأ، ووجوههم نحو الصواب، وهذا -إن شاء الله- يرفع من مهاراتهم، ويرفع من شخصياتهم، وأرجو أن تطمئني، فنحن -الحمد لله- مجتمع متراحم، مجتمع فيه الكثير من الخير ومن التكافل، وإن شاء الله تعالى سوف ينشّئوا التنشئة الصحيحة، وأسأل الله تعالى لك ولهم التوفيق والنجاح.

www.islamweb.net