تنتابني وساوس وأفكار غريبة حول المستقبل..فكيف أتخلص منها؟
2025-03-19 03:18:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من وساوس وأفكار غريبة منذ أكثر من 10 أشهر. بدأت مشكلتي مع وظيفتي الجديدة في المدرسة. كانت المشكلة في نفس اليوم الذي تلقيت فيه نتائج الطالبات لأول مرة؛ لأن الدرجات لم تكن مُرضية بالنسبة لي.
بعد انتهاء الدوام عدت إلى المنزل ونمت، وفي منتصف نومي استيقظت على إحساس غريب، وهو الاختناق والتعب. في البداية شعرت بإسهال، ثم بدأت بالصراخ حتى جاء أهلي وأخذوني إلى المستشفى، وكانت جميع نتائج الفحوصات جيدة.
منذ ذلك اليوم تغيَّرت أفكاري جذريًا، مررتُ بحالات اكتئاب شديدة، كرهتُ الدوام، وكرهتُ الناس، وكنت متعلقة بأمي فقط، حتى إخوتي لم أكن أرغب في أن يروني في هذه الحالة.
ذهبت إلى العديد من المشايخ، وجميعهم قالوا إنها عين. وفي النهاية، ذهبت إلى طبيب نفسي وتعالجت عنده لعدة أشهر، ولكن لم أستفد شيئًا؛ حيث كان يعتمد في علاجه على جلسات أجهزة مثل النظارة وجلسات علاج بالطاقة.
المشكلة الرئيسية تكمن في الأفكار؛ أكره التفكير في المستقبل، وأكره التفكير في أنني سأعيش حتى أصير كبيرة في السن، وأستغرب كيف سأتحمل ذلك! وأحيانًا عندما أرى شخصًا أمامي أفكِّر: لماذا لا أكون هذا الشخص؟ لماذا لم تكن روحي في جسد هذا الشخص وأكون أنا هو؟ هذه واحدة من الأفكار التي تراودني.
أصبحت أخاف من الابتعاد عن أمي، مع أنني كبيرة. فكرةُ الابتعاد عن أمي صعبة جدًّا، لدرجة أنها عندما تخرج من المنزل وتتأخر، أتصل بها (تصرفات طفولية)، وفي الفترة الأخيرة، عندما تجلس معي، أكره أن أكون معها، ولكن أريدها أن تكون موجودة في المنزل فقط، دون أن أتفاعل معها. أشياء غريبة وأفكار غريبة!
يئست من العلاج عن طريق المشايخ، ويئست من العلاج عن طريق الطبيب النفسي. لا أنكر أن حالتي تحسنت كثيرًا عمَّا كانت عليه، ولكن المشكلة لا تزال موجودة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميثة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
أصل الأفكار الوسواسية هي أفكار غريبة، أفكار تتصادم مع كيان الإنسان ومع ما يعرف بالأنّية، وهو مكون نفسي يميز الإنسان.
فإذن الوساوس بما تسببه من غرابة في الأفكار وإلحاح واستحواذ لا شك أنه ينتج عنها ألم نفسي كبير، هذا شيء نحن نقدره تماماً ونتفق معك في كل ما ورد في رسالتك، ولكن أقول لك: إن الوساوس الآن -الحمد لله- أصبحت تُعالج، وفيما مضى كانت توجد صعوبة كبيرة في علاج هذه الوساوس، ولكن الآن الطب النفسي أصبح بمقدوره أن يقدم الكثير، فإنه توجد أدوية فعالة وأفعال سلوكية جيدة، وفي حالتك أعتقد أن المطلوب هو المتابعة مع الطبيب النفسي.
أنا لا أريدك أن تيأسي من العلاج، العلاج نعمة من نعم الله تعالى، والمستحدثات خاصة في المجال الدوائي كثيرة جدّاً. ويعرف أيضاً عن الوساوس أنها تتحسن مع مرور العمر وتقدمه، فهذا شيء إن شاء الله في مصلحتك.
كثفي العلاج بتجاهل هذه الأفكار، بتحقيرها، واستبدالها بأفكار مضادة لها، اجعلي لحياتك قيمة، اجعلي لحياتك أهدافا، والحمد لله توجد إيجابيات كثيرة في حياتك، عليك بتذكرها ومحاولة تنميتها، فالإنسان يستطيع أن ينمي ذاته من خلال إنجازاته ومن خلال مقدراته التي هي أصلاً موجودة وقد تكون مختبئة، ولكن بشيء من الاجتهاد وبشيء من الإصرار نستطيع أن نخرج هذه الطاقات حتى نستفيد منها لتنمية أنفسنا، وهذا حقيقة يطابق ما أتى في الآية الكريمة: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}.
هذه الطاقات الداخلية موجودة ومختبئة في داخلنا، فبشيء من الدافعية وبشيء من التفكير الإيجابي إن شاء الله تعالى سوف تحسين أن الأمر قد أصبح أيسر مما تتصورين.
نحن دائماً نشير للإخوة والأخوات بالحرص على حسن إدارة الوقت؛ وحقيقة الوقت له قيمة عظيمة خاصة في حياة المسلم، ولذلك الحق عز وجل أقسم بالوقت (بالعصر، وبالفجر، وبالضحى) هذه حقيقة تذكرنا بأهمية الوقت، وهنالك دراسات كبيرة جدّاً توضح أن الذين يستثمرون أوقاتهم بصورة صحيحة ويديرون وقتهم بالطريقة الإيجابية المطلوبة دائمًا يكتب لهم النجاح والتوفيق والسداد، وهذا ليس صعبًا، فقط الإنسان يضع خارطة ذهنية بسيطة، يبدأ بصلاة الفجر، بعد ذلك إذا كان هناك دراسة يذهب إلى مدرسته أو جامعته، أو إذا كان له عمل يذهب إلى عمله، إذا كان هناك واجبات منزلية يقوم بها، بعد ذلك يأخذ قسطاً من الراحة، يقرأ، يطلع، يمارس شيئاً من الرياضة، يتواصل اجتماعياً، يرفه عن نفسه بما هو متاح ومباح.
فهذه إدارة الوقت وهي في حد ذاتها تمتص وتحاصر الطاقات النفسية السلبية مثل الوساوس؛ فالوساوس والقلق يأتي لأن الإنسان يكون قد تفرغ له، قد حضر نفسه لاستقباله، وذلك من خلال عدم استثمار الوقت بصورة صحيحة.
العلاج الدوائي أعتقد أنه مهم لك، والأدوية المضادة للقلق والوساوس متوفرة، وأنا متأكد أن الطبيب سوف يقوم بوصف أحد الأدوية لك.
إن السبل العلاجية الأخرى التي طبقتها لا بأس بها ولكنني لا أعتقد أنها كافية، فالأدوية فعالة، وأنت محتاجة لدواء واحد مثل عقار يعرف علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac) مثلاً، عقار ممتاز، مضاد للقلق وللوساوس وللمخاوف، ولهذه الأفكار الاستحواذية، وفي نفس الوقت يحسن الدافعية إن شاء الله.
جرعة البروزاك المطلوبة في حالتك هي كبسولة واحدة يومياً، تناوليها بعد الأكل، وبعد شهر ترفع الجرعة إلى كبسولتين، تكون مدة العلاج على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، بعدها تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، وبعد ذلك يتم التوقف عن البروزاك.
البروزاك دواء جيد وسليم، لا يؤثر على الهرمونات النسوية، وليس له أي تأثير على الأعضاء الجسدية الرئيسية، كما أنه لا يسبب أي نوع من الإدمان والتعود.
إذن ملخص الإجابة هو:
1. المعرفة بالوساوس:
- الوساوس هي أفكار غريبة ومتصادمة مع طبيعة الإنسان.
- تسبب الوساوس ألماً نفسياً كبيراً بسبب إلحاحها واستحواذها.
2. العلاج:
- أصبح علاج الوسواس القهري ممكناً بفضل التقدم في الطب النفسي.
- يتضمن العلاج استخدام الأدوية الفعالة والعلاج السلوكي.
- يُنصح بالمتابعة مع طبيب نفسي متخصص.
- لا يأس من العلاج، فهو نعمة من الله.
- تتحسن الوساوس مع التقدم في العمر.
3. نصائح إضافية:
- تجاهلي الأفكار الوسواسية وحقريها واستبدليها بأفكار إيجابية.
- حددي أهدافًا لحياتك واستثمري وقتك بشكل جيد.
- تذكري الإيجابيات في حياتك وحاولي تنميتها.
- استثمري وقتك بصورة صحيحة، وقومي بإدارة وقتك بشكل إيجابي.
- العلاج الدوائي مهم وفعال، مثل عقار "فلوكستين" (بروزاك).
- عقار بروزاك آمن وفعال ولا يسبب الإدمان.
- لا يؤثر عقار بروزاك على الهرمونات النسوية أو الأعضاء الجسدية الرئيسية.
4. إدارة الوقت:
- إدارة الوقت تساعد في امتصاص الطاقات النفسية السلبية مثل الوساوس.
- ضعي خطة يومية تتضمن الصلاة، العمل، الراحة، القراءة، الرياضة، والتواصل الاجتماعي.
- تذكري أهمية الوقت واستثمريه بشكل صحيح.
5. العلاج الدوائي:
- الأدوية المضادة للقلق والوساوس متوفرة وفعالة.
- عقار "فلوكستين" (بروزاك) ممتاز لعلاج الوساوس والقلق.
- الجرعة الموصى بها من بروزاك هي كبسولة واحدة يوميًا بعد الأكل، ثم ترفع إلى كبسولتين بعد شهر.
- مدة العلاج تكون ستة أشهر بجرعة كبسولتين، ثم ستة أشهر أخرى بجرعة كبسولة واحدة.
ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.