كيف أتخلص من الوساوس القهرية الرديئة عن القرآن والإسلام؟
2011-01-12 11:25:15 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ فترة طويلة تراودني أفكار سيئة جداً، وأفكار شيطانية، فمثلاً أرى نفسي واضعة القرآن تحت قدمي، أو أني أشكك بعقيدة الإسلام، علماً بأنني مسلمة، ومتحجبة، وكثيرة التوبة والاستغفار.
أنا الآن محتارة ما هذه الأفكار؟ هل أنا محاسبة عليها أم أنه ليس عليها سلطان؟ دائماً أستعيذ من الشيطان، ودائماً أكون على وضوء وطهارة.
شكراً لكم، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا النوع من الأفكار التي تنتابك وتسبب لك الكثير من الإزعاج هي في الحقيقة أفكار وسواسية، وهذه الحالة نسميها علمياً بالوسواس القهري، وهي حالة مرضية نفسية، ولنفرق بينها وبين الوساوس التي تأتي من الشيطان: الوساوس الشيطانية دائماً تختفي حين يُذكر الله تعالى، الوسواس الخناس: أي الذي يخنس ويختفي ويُفقد أثره حين يُذكر الله تعالى، فالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم تعتبر علاجاً كافياً وشافياً لما يمكن أن نسميه بالوسوسة الشيطانية أو بحديث النفس الذي يعتري الناس من وقت لآخر.
ولكن هذا النوع من الوساوس وبما أنه لا يستجيب للاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فهو حالة نفسية طبية، وبفضل الله تعالى يمكن الآن علاجها، وذلك من خلال تناول أدوية طبية مجربة ومعروفة وفعالة جدّاً لعلاج هذه الأفكار الوسواسية.
الدليل الطبي على أن هذه الحالة طبية هو أنه اتضح أن الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الوساوس لديهم اضطراب في بعض المواد الكيميائية الموجودة في الدماغ ومن أهم هذه المواد مادة تسمى باسم (سيروتونين) والمناطق المضطربة في الدماغ تعرف بـ (نواة كوديت) ومنطقة أخرى تعرف بـ ( النواة القاعدية) وهذه المواد لا يمكن قياسها مباشرة أثناء الحياة، ولكن الأدلة العلمية عن طريق الرنين المغناطيسي الخاص أثبت هذا الجانب البيولوجي.
من خلال ذلك أيتها -الفاضلة الكريمة- أدعوك أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لهذا النوع من الوسواس، ومن أفضلها دواء يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac) أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجراماً، يفضل تناوله بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وهذه سوف تكون جرعة علاجية كافية بالنسبة لك، استمري عليها لمدة ستة أشهر، بعدها خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بعض الناس قد يحتاج لجرعة أكبر، ثلاثة أو أربع كبسولات في اليوم، وهذه جرع طبية مشروعة ومقبولة ولا تتعدى حيز السلامة، ولكن كما ذكرت لك حالتك إن شاء الله سوف تستجيب للجرعة العلاجية المكونة من كبسولتين في اليوم، والجرعة الوقائية التي حددناها بكبسولة واحدة في اليوم، والدواء لا يسبب الإدمان وليس له أي آثار جانبية سلبية، كما أنه لا يؤثر على الهرمونات النسائية.
بجانب العلاج الدوائي هنالك ما نسميه بالعلاج السلوكي، وأهم مبادئ هذا العلاج السلوكي هو أن تعرفي أن هذه وساوس، ويجب أن تحقري هذه الوساوس، وأن تهمل تماماً وأن تقاوم، وفي ذات الوقت هنالك حيل سلوكية جيدة جدّاً، ومنها: أن تفكري في هذه الفكرة الوسواسية حتى تحسين بالإجهاد ثم تقولين (قف، قف، قف) كأنك تخاطبين هذه الفكرة الوسواسية.
من التمارين الجيدة أيضاً: أن تربطي هذه الفكرة الوسواسية بشيء منفر ومقزز، ومن التمارين الشائعة جدّاً والتي ندرب المرضى عليها هو أن يفكر في الفكرة الوسواسية ويقوم في نفس الوقت بالضرب على اليد بقوة وشدة حتى يأتي إحساس شديد بالألمـ الهدف هنا هو أن يربط ما بين الفكرة الوسواسية والألم الجسدي، وجد علماء السلوك أن هذا سوف ينفر الوسواس ويضعفه حتى يقضي عليه إن شاء الله تعالى، التمارين تطلب التكرار لعدد عشر مرات على الأقل في الجلسة بمعدل مرتين في اليوم، ولابد أن يكون هنالك تركيز حقيقي وقناعة صادقة بأن هذا العلاج يفيد.
بالطبع لابد أن تراقبي نفسك في عقيدتك، وأن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، هذه أمور كلها مطلوبة، وعليك أن تديري وقتك بصورة جيدة؛ لأن الوساوس دائماً تستغل الناس من خلال الفراغ، والوسواس يمكن أن نسميه مجازاً بأنه أحد الأمراض الذكية، بمعنى أنه يستغل فراغ الناس ويتشكل ويتبدل ويتحايل على الناس؛ لذا تجدين أن بعض الناس تأتيه الفكرة الوسواسية وبعد أن تختفي قد تأتيه فكرة مخالفة لها تماماً، أو يحدث لهم نوع من النزعات والاجترارات والصور الذهنية القائمة على الوساوس.
أيتها الفاضلة الكريمة! هذا الوساوس إن شاء الله تعالى ليست دليلاً على ضعف في شخصيتك أو قلة في إيمانك، بل على العكس تماماً هو من صريح الإيمان، ونسأل الله تعالى لنا ولك المغفرة، وقد أفاد العلماء أن صاحب الوساوس من أصحاب الأعذار، وإن شاء الله أنت غير محاسبة عليها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.