أهم مسببات ضعف الشخصية

2011-01-18 08:09:49 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: أحب أن أشكركم على الإجابة على أسئلة الناس، وتخفيف همومهم، وتوفير المعومات التي يحتاجونها، وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم جميعاً، علماً أني من المعجبين والمتابعين لهذا الموقع.

أنا شخص أُقيم في أمريكا منذ أربع سنوات، وأعاني من ضعف شديد في الشخصية منذ صغري سببها مشاكل عائلية، إضافة إلى المدرسة.

عندما قدمت إلى أمريكا اشتدت الحالة جداً، فكنت كلما أتكلم مع شخص أو أكون بين مجموعة من الناس ألاحظ ضحكاتهم علي، وقد سبب ذلك لي حالة نفسية شديدة، فأصبحت ألبس النظارات الشمسية حتى أهرب من النظر في أعين الناس خوفاً من نظراتهم لي، وقد كنت دائماً أتابع هذا الموقع المبارك، وبعض حالات الأشخاص التي هي شبيهة بحالتي، ومن خلال ذلك عرفت دواء Paroxetine، وFluoxetine، فذهبت إلى الطبيب وشرحت له مشكلتي وطلبت منه أن يعطيني Paroxetine، فأعطاني دواء Fluoxetine، ولم أرتح نفسياً، وقد ذكر لي الطبيب أنه يؤدي نفس الغرض، فبدأت باستخدامه من يوم واحد فقط، لكن أريد أن أعرف من سعادتكم توضيح الفرق بينهما، وهل يمكنني استخدام Fluoxetine وParoxetine معاً؟ علماً أنني أُعاني أيضاً من سرعة في القذف شديدة، وهل هناك شيء آخر تنصحونني به لحل ضعف الشخصية؟ علماً أنني حاولت كل الطرق الإيجابية للخلاص من هذا المرض الذي جعلني في عزلة من الناس، ويحاول تدمير مستقلبي.

أرجوكم انصحوني، ولكم الشكر والتقدير.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن أكبر مسببات ضعف الشخصية أو افتقاد الثقة في مقدرات الذات هو أن يحكم الإنسان على نفسه بالفشل أو أن شخصيته ضعيفة، إذن: القضية كلها تتمركز حول هذا الفكر المشوه الذي قد يسيطر على الإنسان نتيجةً لإخفاق في موضوع بسيط، أو لتجربة سالبة مر بها الإنسان في حياته، ومن ثم تبدأ هذه الفكرة في النمو وفي التكاثر إلى أن تثبت في كيانه وتعطيه هذا الشعور السلبي.

كل من يرى أنه ضعيف الشخصية نحن دائماً نطالبه بأن يجلس مع نفسه جلسة صادقة متجردة وبموضوعية، وأن يُعيد تقييم نفسه مرةً أخرى، ومن خلال هذا التقييم -إن شاء الله تعالى- يكتشف الإنسان أن لديه مصادر قوة كثيرة في شخصيته وفي مهاراته وفي تواصله مع الآخرين، ويكتشف أن هنالك نجاحات كثيرة قد حققها في حياته، ولكنه لم يعطها أي اهتمام، ولم يعرها حقها من التقييم والتقدير.

أخي الكريم: أنا أدعوك أن تتخلص من هذا الفكر السلبي، وذلك بأن تعييد تقييم نفسك، وأن تكون منصفاً معها، وبعد ذلك يجب أن تقبل ذاتك، فكل من يقول أنه ضعيف الشخصية أو أنه مفتقد الثقة هذا يعني بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة أنه يرفض ذاته، والإنسان يجب أن لا يرفض ذاته، يجب أن يقبل ذاته ويتفهمها، وبعد ذلك يسعى لتطويرها، وذلك من خلال التخلص من النواقص، بشرط أن ينظر إلى هذه النواقص بصورةٍ منطقية، وأن لا يكون مجحفاً في حق نفسه كما ذكرنا.

الأمر الآخر الذي أنصحك به هو أن تفصل بين مشاعرك وبين أفعالك، فالإنسان يجب أن يحكم على نفسه بأفعاله، وإن كانت الأفعال قليلة أو غير متطورة، أو ليس للإنسان مهارات كثيرة، عليه أن يعمل من أجل تطوير هذه المهارات، وأن يكون أكثر فعالية، وهذا يتأتى من خلال حُسن إدارة الوقت، ووضع خارطةٍ ذهنية، حتى لو قام بالكتابة على ورقة وحدد ركائز معينة لنشاطاته؛ لأن هنالك أنشطة رئيسية وهنالك أنشطة فرعية، وهنالك أولويات، وهنالك أسبقيات، وهنالك أمور صغيرة، وهنالك أمور كبيرة، وهذه تكون مصنفة ومختلفة، فمثلاً الصلوات الخمس يمكن أن تكون هي الركائز التي ينطلق من خلالها لإدارة وقته، ويجب أن يشمل النشاط العمل أو الدراسة، والقراءة، والترفيه عن النفس، والتواصل الاجتماعي.. وهكذا.

هذه كلها نشاطات مهمة إذا قام الإنسان بتطبيقها وتنفيذها، ثم بعد ذلك قام بتقييم أدائه، وسعى لتحسينه وتطويره دون أن يلتفت إلى مشاعره، سوف يجد أن المشاعر السلبية في نهاية الأمر قد تحولت إلى مشاعر إيجابية جدّاً.

أنت الآن في أمريكا، وهذا مجتمع فيه الكثير من التنافس، وفيه الكثير من الفرص، وفي نفس الوقت لا أعتقد أن الناس تلتفت لبعضها البعض، كل إنسان لديه استقلاليته لدرجة كبيرة، وأنت ذكرت أن بعض الناس يضحكون عليك حين تتحدث إليهم، وأرجو أخي أن لا تسيء التأويل أبداً، فهؤلاء إن كانوا يضحكون عليك فعلاً فهم أصلاً لا يستحقون أن تكون معهم أو تتكلم معهم، وأعتقد أن اهتزاز ثقتك بنفسك وربما شيءٌ من الخجل أو الخوف الاجتماعي جعلك تفكر بهذه الطريقة.

إذن: اخلع هذه النظارة الشمسية، لماذا تبني حجباً بينك وبين الناس؟ فهذه فكرة يجب أن يتم تجاهلها، يجب أن تحقر، ويجب أن لا تتبع مثل هذه الدفاعات النفسية السالبة.

بالنسبة للعلاج الدوائي، فالأدوية بالطبع مفيدة؛ لأنها تقلل الخوف، والرهبة والقلق، وتحسن من المزاج، وهذا بالطبع يزيد من فعالية ودافعية الإنسان.

الدواء الذي أراه مناسباً يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) ويعرف تجارياً أيضاً في أمريكا باسم (باكسيل Paxil) ويتميز بأنه أكثر فعالية فيما يخص علاج المخاوف والتوترات خاصة الخوف الاجتماعي.

لا توجد فوارق رئيسية بين الفلوكستين Fluoxetine والباروكستين، ولكن الفروقات تنحصر في أن الفلوكستين – والذي يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac) – هو أكثر فعالية لعلاج الوساوس القهرية، وأقل فعالية في علاج المخاوف والتوترات، وكلاهما جيد جدّاً في علاج الاكتئاب النفسي.

البروزاك يتميز بأنه لا يؤدي إلى شعور زائد بالاسترخاء، والباروكستين ربما يزيد النوم قليلاً، لذا ننصح باستعماله ليلاً، وربما يؤدي أيضاً إلى زيادة في الوزن لدى بعض الناس، وكلا الدوائين قد يؤدي إلى تأخير بسيط في القذف المنوي لدى الرجال، وأعتقد أن هذه سوف تكون ميزة إيجابية بالنسبة لك؛ لأنك قلت أنك تعاني من سرعة في القذف.

هذه هي الفوارق الرئيسية، وأنا بالطبع أنصحك بتناول الباروكستين، فهو -إن شاء الله- سوف يُساعدك في كل الأعراض التي ذكرتها، وحتى بالنسبة لمشكلة سرعة القذف التي ذكرتها.

لا بد أن تضع نماذج وقدوات في حياتك، اقرأ عن سيرة الصحابة الكرام، اقرأ عن سيدنا أسامة بن زيد حِب رسول الله وابن حب رسول الله، خذ هذه النماذج العظيمة في حياتك، وبالطبع لا نستطيع أن نكون مثلهم ولا نكون شعرة منهم، ولكن الإنسان حينما يأخذ هذه النماذج العظيمة ويحاول أن يتقمصها، ويحاول أن يتمثل بها، لا شك أن ذلك يعطيه ثقة كبيرة في نفسه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

www.islamweb.net