تفكير وسرحان دائم وإغراق في الأحلام وتخيل لأحداث المسلسلات
2011-01-20 08:03:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد ترددت كثيراً قبل أن أطرح مشكلتي، لأنها بالنسبة لي غريبة جداً، أنا كثيرة السرحان، ولا أستطيع التركيز في أي شيء، ولا حتى الخشوع في صلاتي، دائماً أغرق في بحر الأحلام الوردية، والأوهام الخيالية، ودائماً عندما أشاهد أي مسلسل أو برنامج وأعجب بأحد ممثليه أو طاقمه، أصبح شديدة التعلق به، فأبقى أفكر فيه وأتخيل مواقف معه، وكم أتمنى أن أغير تسلسل الأحداث في المسلسل أو البرنامج الذي يقدمه، ولكي أستطيع تخيل الأحداث يجب أن أسمع الأغاني، وأظل أدور في المكان لساعات، حتى أستطيع التخيل جيداً، حتى أثناء النوم يجب أن أفكر به.
أذكر أنني تابعت مسلسلاً ظل يستحوذ على عقلي وفكري لمدة 10 سنوات كاملة، لقد تعبت كثيراً من هذه المشكلة، وخصوصاً مسألة الدوران، لدرجة أني قد أبقى بلا طعام ولا ماء، ولا أقضي حاجتي، وأدور في نفس المكان ونفس الغرفة، وأخجل أن أفعل هذا أمام أهلي، لذلك أشعر بالارتباك والخوف إذا رأوني، فهل هناك حل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن المشكلة لديك هي أن الأمور قد اختلطت عليك بدرجة كبيرة، فهنالك أمور جادة في الحياة، وهنالك أمور أخرى هامشية وفرعية، ونستطيع أن نقول أنها واهية وغير جادة، وهي التي شغلتك، فهذه الأفلام والمسلسلات والأغاني لا خير فيها أصلاً، ويظهر أن خيالك الوجداني فيه شيء من الهشاشة ولم يُشغل بأشياء أسمى وأرفع وأهم، لذا أصبحت كل خيالاتك وطاقاتك النفسية متجهة نحو عالم الأغاني والتمثيل وما فيه، ويعرف تماماً أن درجة الخداع الموجودة في هذه التمثيليات والبرامج الغنائية والطرق التي تصور بها مبهرة جدّاً لبعض العقول، وبكل أسف ينساق بعض الشباب واليافعين الذين لم يصلوا إلى درجة النضج النفسي الكامل وراء هذه الأوهام، وهم بدورهم ينقلونها ويجعلونها واقعاً في حياتهم، وتتحول إلى أحلام وأمنيات، فالوهم قد يتحول إلى حلم، والحلم قد يتحول في بعض الأحيان إلى وهم، وهذه حقيقة معروفة.
إذن أيتها الفاضلة: أنت مطالبة بأن تحقري هذه الفكرة، أي فكرة الانخراط والانشغال بالتفاهات وبهذه البرامج والمسلسلات والأغاني، يجب أن تسمي بنفسك وتترفعي بها، فالأمر يتطلب منك السمو والانشغال بما هو أهم، اسألي نفسك: (بدلاً من أن أستمع إلى الأغاني لماذا لا أستمع إلى شريط من القرآن الكريم؟ بدلاً من أن أجلس لهذه المسلسلات وهذه الأفلام وهذه البرامج التافهة، لماذا لا أشاهد برنامجاً علمياً حقيقياً يكون مفيداً لي) وهكذا... فالتبديل وتغيير المسار هو العلاج الأساسي في مثل حالتك، وهذا هو الذي ننصحك به.
يظهر أن عملية الهشاشة النفسية التي لديك هي التي أضعفت تركيزك أيضاً، وهذا أيضاً ناتج عن القلق الداخلي، وبالطبع حين يكون الإنسان مشتت الخيال وتشغله أمور واهية يقل خشوعه في الصلاة؛ لأن القلب لم يخشع والجوارح لن تخشع، والنفس لن تخشع، فهذا الأمر يتطلب منك مرة أخرى استشعار أهمية الصلاة وتقديمها على كل شيء، والأمر يتطلب منك جهداً فكرياً.
عامل القلق يمكن التحكم فيه أيضاً بأشياء كثيرة جدّاً، أن تضعي لنفسك برامج يومية جادة، برامج حول الدراسة، حول ممارسة الرياضة، الانخراط في أعمال خيرية ونشاطات ثقافية، زيارة الأرحام، القراءة في الكتب العلمية الجادة، كتب التاريخ، كتب السيرة، هنالك أشياء جميلة جدّاً إذا شغل الإنسان نفسه واستثمر وقته من خلالها، فسوف يجد أن فكره وحتى وجدانه قد تغير تماماً، وهذا هو الذي أنصحك به.
سيكون من الأفضل لك أيضاً أن تتناولي دواءً بسيطاً مضاداً للقلق والوسوسة، حيث إن هذه الأمور أيضاً لا تخلو من طابع وسواسي بسيط، الدواء المفضل يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram) وجرعته هي أن تبدئي بخمسة مليجرام – نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناوليها يومياً لمدة شهرين، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة – أي عشرة مليجرام – وتناوليها لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى خمسة مليجرام يومياً لمدة شهرين أيضاً، ثم توقفي عن تناوله، وهذه الجرعة جرعة صغيرة وبسيطة جدّاً، وأنا على ثقة أنها سوف تقلل من هذا التشويش وضعف التركيز الذي لديك، والاسترسال في الأوهام وأحلام اليقظة التي لا داعي لها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.