الخوف من كل شيء لا يجعلني أستمتع بحياتي

2011-06-22 12:43:23 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم جزيل الشكر على موقعكم الأكثر من رائع، والذي أشعر فيه بالأمان، فأنا دائماً أشعر وكأنه وسيلتي للاطمئنان والراحة.

مشكلتي هي أنني أخاف من كل شيء وأقلق، فمثلاً عندما نقرر أن نخرج أبدأ في الخوف من الخروج، وأشعر أن هناك شيئاً في صدري يرجعني إلى البيت، عندما أسافر قبل السفر تأتيني أفكار بأنني سوف أتضايق بالطائرة ولن أستطيع الخروج منها، وأنني لن أستطيع التنفس، كونه مكاناً مغلقاً، وعندما أركب السيارة أوجه المكيف إلي خوفاً من تضايقي، لا أعرف السبب الرئيسي، وأظل أكتم نفسي إلى أن أتجشأ، وبعدها أشعر براحة، وأصبحت هذه العادة تلازمني ولا أستطيع تركها، وفي يوم من الأيام كنت جالسة مع أقاربي وفجأة أحسست بضيق في النفس وخفقان، وأردت الهروب من المكان الذي كنت جالسة فيه، ذهبت للطوارئ وأعطوني تنفساً، وأخبرني الدكتور أن عضلات الصدر منقبضة، مع أنني لم أكن متضايقة من أي شيء في ذلك الوقت.

مع الأيام أصبحت أخاف من التجمعات، أخاف أن يحدث لي شيء، فمثلاً عندما أكون جالسة مع أناس أحس نفسي بعالم آخر إلى أن أكلم نفسي وأستيقظ من هذا الشعور، لا أريد إخبار المحيطين بي بحالتي، أصبحت حساسة من كل شيء، وعندما يحدث بيني وبين زوجي مشادة كلامية أشعر بضيق، لم أكن كذلك، كانت شخصيتي قوية لا أتأثر بأي شيء، علماً بأنني أحسست بالتأثر بعد ولادتي لابني وحدوث مشكلة بيني وبين زوجي على اسم المولود، وبعدها أحسست بأنني تأثرت وانقهرت أكثر من اللازم، وبعدها شعرت بالضيق والحزن والهم، علماً بأن عمر ابني (6) أشهر الآن.

وبالنسبة للشعور الذي ذهبت بعده للمستشفى، وأنا طفلة صغيرة كنت أيامها بالصف السابع، عندما سافر أبي بعدها صرت أخاف الجلوس بالبيت وحدي بعد ذهاب أمي للعمل أصبح أقاربي يأخذونني للذهاب لبيتهم إلى عودة أمي من العمل، ذهبت إلى المستشفى آنذاك، وكل شيء طبيعيا، وبعدها ذهبت لشيوخ للرقية الشرعية، ومع عودة أبي أصبح كل شيء طبيعياً، ورجعت لي هذه الحالة قبل حملي، ولا أدري ما السبب.

ومن الأعراض التي أشعر بها دوخة وغثيان، وأحياناً أشعر بمنطقة الصدر أن هناك شيئاً يهوي ناحية القلب هذه، وضيق، وحمل بصدري، أعرف أنني أطلت عليكم، ولكن فعلاً شعرت بالراحة بعدما كتبت معاناتي التي لا أستطيع وصفها لأحد سواكم، بدأت أفكر في كل شيء وأحمل همه، لا أستطيع الاستمتاع بأي شيء سوى الأفكار التي أشعر بأنها واقفة ضد الاستمتاع بحياتي، علماً بأنني حالياً مرضع وأم لثلاثة أولاد.

ساعدوني جزاكم الله خيراً، وأرجو أن يكون الدواء بمتناول اليد.

وشكراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فهذا السرد الواضح لرسالتك يدل أنك في فترة الطفولة قد عانيت من مخاوف، وهذا يعرف بقلق الفراق، ودراسات كثيرة جدًّا أشارت أن 40 إلى 50 بالمائة من الذين يعانون من المخاوف - أيّاً كان نوعها أثناء الطفولة - سوف تحدث لهم بعض المخاوف المستقبلية، وتكون هذه المخاوف مصحوبة بشيء من الوساوس، وهذا هو الذي يحدث لك.

الجانب العضوي وهو شعورك بأن شيئاً في صدرك، والشعور بالدوران والدوخة والضيق العام في الصدر، هو جزء أساسي من قلق المخاوف، لذا هذه الحالات تعرف في بعض المرات بالحالات النفسوجسدية، لأن الأصل في الحالة هو نفسي، لكن الأعراض تظهر أيضًا في شكل عضوي، وهي ناتجة من انقباضات عضلية وليس أكثر من ذلك.

لديك درجة بسيطة من الخوف الاجتماعي، وهذا أيضًا شائع جدًّا ومنتشر، لا أعتقد أنه مشكلة رئيسية بالنسبة لك.

فترة ما بعد الولادة هي فترة قد يكون فيها شيء من الهشاشة النفسية بالنسبة لكثير من النساء، ونحن من حيث الصحة النفسية والطب النفسي نعتبر فترة النفاس هي مدة عام كامل وليست ستة أسابيع.

أنت الحمد لله تعالى لا تعانين من أي عرض من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، لكن هذا القلق، وهذه المخاوف التي تعانين منها ليست مستبعدة في هذه الفترة، خاصة أنه في الأصل لديك تاريخ لمثل هذه الأعراض.

عمومًا الحالة ليست حالة مرضية بكل شروط المرض، بالرغم من أنك ذكرت بأنك غير مستمتعة بحياتك، لكن أنا أقول لك أنها ظاهرة نفسية بسيطة، وحتى تستمتعين بحياتك يجب أن تكوني إيجابية في التفكير، فأنت الحمد لله لديك أشياء جميلة في حياتك كثيرة، لديك الزوج ولديك الذرية والأهل، وأشياء أخرى كثيرة إيجابية يجب أن تفكري فيها على هذا المنحى، ولا تكوني سريعة الانفعال والتأثر، مثلاً الخلاف الذي حدث بينك وبين زوجك حول تسمية المولود يجب أن لا يكون لهذا الأمر أي تبعات نفسية سلبية عليك، هذا أمر بسيط لا تأخذيه كرابط انفعالي يؤثر عليك.

إذن التفكير الإيجابي مهم كما ذكرت لك، وتفهمك لحالتك أنها بسيطة هذا مهم.

أنصحك بممارسة تمارين الاسترخاء، فهي تمارين جيدة فاعلة ممتازة، وللتدرب على هذه التمارين يمكنك أن تذهبي إلى أخصائية نفسية أو تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية إجراء هذه التمارين.

هنالك حاجة من وجهة نظري للعلاج الدوائي، أنا أعرف أنك مُرضع كما تفضلت وذكرت ذلك، بصفة عامة هنالك محاذير حول الكثير من الأدوية بالنسبة للمُرضع، لكن بعد أن يتخطى الطفل عمر الستة أشهر هنالك أدوية نستطيع أن نقول أنها سليمة جدًّا إذا تم تناولها بجرعة صغيرة، فمثلاً عقار (باروكستين) والذي يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) هو من الأدوية الجيدة جدًّا لعلاج مثل حالتك، فأعتقد أنه لا يوجد أي مانع طبي لأن تتناولي نصف حبة من هذا الدواء - أي عشرة مليجرام - يوميًا، لا تزيدي الجرعة عن هذه الجرعة، بالرغم من أنها صغيرة، والجرعة المثالية هي حبة واحدة، لكن يجب أن نوازن ونعادل ما بين الجرعة وما بين سلامة الرضيع.

أرجو أن لا تتخوفي حين ذكرت لك العلاقة ما بين الدواء والرضاعة، إن شاء الله نحن نتخذ التحوطات التامة تمامًا، فنصف حبة لن تؤثر أبدًا، وسوف تساعدك كثيرًا.

للمزيد من التحوط يمكنك أن لا ترضعي الطفل من الحليب الذي سوف يتكون ثمان ساعات بعد تناولك لنصف الحبة، أي اشفطي هذا الحليب ولا تعطيه للطفل، وبعد ذلك يمكن إرضاع الطفل من الحليب الذي يتكون بعد هذه المدة، وفي فترة الثمانية ساعات يمكن إعطاء الطفل بدائل أخرى، وأعتقد أنه في هذا العمر لن يمانع في تناول البدائل.

هذا بالنسبة للنصيحة في خصوص الدواء، وأركز مرة أخرى أن حالتك بسيطة، وأن تفهمك لطبيعتها سوف يجعلك تتجاوزينها تمامًا، مع ضرورة التفكير الإيجابي وممارسة تمارين الاسترخاء وإدارة الوقت بصورة جيدة.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول العلاج السلوكي للمخاوف: ( 262026 - 262698 - 263579 - 265121 ) .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

www.islamweb.net