أبي أصبح مصابا باكتئاب و إحباط وحالات توتر،..فما علاجه؟
2011-09-14 11:39:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا ابن كنعان، أرجو المساعدة في مشكلة وتحية طيبة للقائمين على الموقع.
قبل طرح المشكلة سأوضح طبيعة عيشنا، نحن نعيش منذ 18 سنة في دار حكومية صغيرة، نعيش في منطقة بعيدة عن الأقارب، ليست ملكا، ونحن كأي عائلة، نمر بمشاكل، وتصبح بيننا مشاكل وشجار، ولكن بعد أي شجار تصفو القلوب، وكأن شياً لم يحدث.
أمي إنسانة طيبة متعاونة مع أبي إلى أبعد الحدود، وأخواتي طيبات، أخلاقهن عالية، ولكن أختي الصغيرة تخاف من الامتحانات، وتقلق وتمر بفترات لا تستطيع النوم، وفي حالة يسودها العصبية، وأنا إنسان طيب لا أفتعل المشاكل مع الناس، وملتزم بعبادتي، وأبي أيضا ملتزم بعبادته، لكنه مريض بالقلب والقرحة والضغط، وليس لديه أصدقاء، فقط صداقات في العمل، وهو مهندس ناجح في عمله، ولكن لدينا صفة نشترك بها، وهي العصبية.
على العموم: بكلمات قليلة أحببت أن أوضح طبيعة عائلتنا، وحتى تتضح لديكم طبيعة المشكلة.
المشكلة أبي، منذ 2010 أصبح تظهر عليه علامات معينة، مثل انهيار أعصابه وعينه تدمع، ويتغير ضغطه، ومنذ شهر تقريبا، أصبح قلقا على أخواتي، ويندم ويصف نفسه بالفشل، لأنه لم يحقق شيئا من توفير بيت ملك لنا، علماً أننا لم نضغط عليه، إنما كانت في بعض السنوات بوادر فكرة للانتقال إلى بيت أفضل، وأفكار لا يفكر فيها رجل في الـ 52 من عمره، أفكار مثلا إذا أصبحت أختي الصغيرة بالكلية كيف ستذهب لها؟ وأصبح لا يطيق الوظيفة، وندم، لماذا لم ننتقل في 2005م؟ ويفكر بالانتحار! وينطق به حتى أشاهده يحمل السكين، وبعض الأحيان يخبر والدتي إذا انتحرت سيتأثر مستقبل بناتي، ويندم لماذا تزوجت! ويتعاجز من القيام بمشاوير معينة، وأصبح من إنسان نشط وعصبي إلى متكاسل وصامت، وينام كثيرا في النهار، ولا يستطيع النوم ليلا.
عجزنا عن علاجه، ذهبنا قبل أسابيع إلى طبيب نفسي، وذكر أنه مصاب باكتئاب وإحباط، وأعطاه علاجا، لكن العلاج أصبح يؤثر عليه، ويصاب بدوران .
أرجو منكم العلاج، وكيف سنتعامل معه؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كنعان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نشكرك على التواصل مع إسلام ويب، ونشكرك كذلك على اهتمامك بأمر أسرتك.
أيها الفاضل الكريم: لا يوجد بيت يخلو من المشاكل، والإنسان دائمًا في حياته يجب أن يكون متفائلاً، ويجب حقيقة أن لا ننسى الخير في حياتنا خاصة حين تسيطر علينا الأفكار السلبية، أنا متأكد أن عائلتك الحمد لله تعيش في خير كثير، هنالك إيجابيات كثيرة، قد تستغرب لكلامي هذا، لكنه حقيقة، فقط أنت نسبة لحساسيتك واهتمامك وبرك بأهلك وذويك سيطر عليك الفكر السلبي وبدأت تركز كثيرًا على النواقص دون أن تعري للإيجابيات اهتمامًا.
أنا أشكرك على تواصلك معنا، ولذا رأيت من واجبي أن أذكرك أن تتذكر أن لأسرتك أشياء طيبة كثيرة جدًّا، ويجب أن يُبنى الأمر على هذا، لأن هذا هو الذي يساعد على تطوير الأسرة واستقرارها.
ثانيًا: لا تحمل نفسك همومًا كثيرة، ساهم في ترتيب أمور أسرتك بشيء من الهدوء والطمأنينة والإيجابية، لا تقلق كثيرًا؛ لأن القلق الشديد سوف يقلل كثيرًا من طاقاتك النفسية ويجعلك لا تساهم المساهمة المطلوبة في شؤون الأسرة والعمل على استقرارها، وهذا بالطبع سوف يشعرك بالذنب، وحين تشعر بالذنب سوف يأتيك المزيد من الإحباط.
الجانب الآخر هو فيما ذكرته عن والدك، وحقيقة السرد الذي سردته هو سرد ممتاز ومفصل جدًّا.
أنا أتفق تمامًا مع الأخ الطبيب الذي ذكر أن والدك يعاني من الكآبة، نعم هذا اكتئاب نفسي ولا شك في ذلك، والاكتئاب النفسي له عدة أشكال وعدة ألوان، من أسوأ ما في الاكتئاب أن يشعر الإنسان بأنه قد افتقد قيمته وأنه أصبح عالة على الآخرين، ويتهم نفسه بالإخفاق، وهذا من أسوأ أنواع التفكير المعرفي الاكتئابي، والحديث عن الانتحار لا شك أنه مخيف خاصة في مثل عمر والدك، لكن إن شاء الله تعالى لن يقدم على مثل هذا الفعل، فهو رجل مسلم ويجب أن يُذكر بذلك، ويجب أن يُساند كذلك، وفي ذات الوقت توجد بفضل الله تعالى الآن علاجات فعالة وفعالة وممتازة جدًّا.
الدواء الذي بدأ والدك في تناوله وسبب له بعض الآثار الجانبية، هذا الدواء يمكن أن يُستبدل ويمكن أن يغير، هنالك أدوية كثيرة جدًّا الآن مفيدة، فالذي أرجوه منك هو الرجوع إلى الطبيب والتواصل معه وأن يُذكر له أن الوالد لم يتحمل الأثر الجانبي للدواء، وسوف يقوم الطبيب إن شاء الله باتخاذ الإجراء اللازم، إما أن يقلل له الجرعة ثم يبنيها تدريجيًا، أو يستبدل له بعلاج آخر لا يسبب هذا العرض الجانبي، والأدوية كثيرة جدًّا ومتوفرة، وأبشرك أن العلم قد قدم الكثير في هذا المجال.
أود أن أنبه إلى حقيقة مهمة جدًّا وهي: أيًّا كان الدواء الذي سوف يتناوله والدك لابد أن يكون هنالك التزام قاطع بالاستمرارية في العلاج؛ لأن هذه الأدوية تعمل من خلال ما نسميه بالبناء الكيميائي، والبناء الكيميائي لن يتحقق أبدًا إلا إذا كان هناك التزام بالاستمرارية القاطعة في تناول الدواء، والفائدة العلاجية لا تأتي إلا من خلال البناء الكيميائي، وهذا غالبًا يبدأ في الأسبوع الثالث من بداية العلاج.
فيا أخي الكريم: رأيت من الواجب أن أنبهك لهذه النقطة، لكن في نهاية الأمر أبشرك أن حالة والدك يمكن أن تعالج.
الاكتئاب النفسي بهذه الأعراض يستجيب للعلاج بصورة جيدة جدًّا، وحين يتحسن الوالد يجب أن لا يتوقف عن العلاج؛ لأنه في حاجة إلى جرعة وقائية، وهذا سوف يحدده الطبيب، ونحن الآن بفضل الله تعالى نتعامل مع أدوية تتمتع بدرجة عالية جدًّا من السلامة.
الأمر الآخر هو أن تحرصوا في مساندة الوالد، أن تشعروه بأنه قد قام بدوره تمامًا، وأنه الحمد لله تعالى لم يقصر في أي شيء، ويجب أن لا يحس بالذنب، وأنكم تقدرون كل ما قام به، وإن شاء الله يستطيع أن يقدم المزيد، وأنتم الآن في موقع تتحملون من خلاله المسئولية، وهكذا. ودائمًا خذ الوالد واذهب معه إلى المسجد، واجعله يؤدي الصلاة مع الجماعة.
من الضروري جدًّا أن تتاح له الفرصة للتواصل الاجتماعي، مع من يحبهم، مع من هم في عمره، وهكذا، هذا مهم جدًّا أيها الفاضل الكريم؛ لأن هذه العلاجات الاجتماعية التأهيلية وجد أنها ذات قيمة كبيرة جدًّا في علاج الاكتئاب النفسي، وفائدتها لا تقل أبدًا عن فائدة الدواء.
لا تجعلوا الوالد يحمل الهموم حول أختكم الصغرى والدراسة، يجب أن يُطمأن في هذا الموضوع، وهي من جانبها يجب أن لا تشعره أبدًا بأنها مقصرة أو في وضع يتطلب الشفقة أو المساعدة أو الاهتمام الشديد.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله تعالى له الشفاء والعافية.