أعتقد أنني أتعس إنسان بسبب معاناتي من الرهاب والاكتئاب والقلق.

2011-09-29 10:30:05 | إسلام ويب

السؤال:
كما هو في العنوان ولا أدري من حيث أبدأ في الحديث عن مشاكلي النفسية، -والحمد لله- أولا وأخراً.

فأنا في البداية أعاني من قلق حتى من أسهل المواقف، وضربات القلب دائما عالية، وبدون سبب بل بمجرد التفكير في بعض المواقف أحس أحيانا بقلق شديد.

والمشكلة الأخرى أني أعاني من رهاب اجتماعي شديد من أي موقف أحتك فيه بأشخاص، ولا أعرف كيف أبدأ الحوار، وأتحدث معهم، ولا أحسن اللباقه، حتى وإن كانوا من أقاربي إلا أني دائما ما أجلس وحيدا، وأحس بالمتعة عندما أكون وحيدا، فعندما أكون مع الناس أشعر بقلق شديد، وأعتقد أن الجميع يراقب تصرفاتي، وأني على خطأ، حتى وإن حدث خلاف بيني وبين أحد الأشخاص أشعر أني خائف، وأتصبب عرقا مع أن الموقف لا يستدعي ذلك.

والمشكلة الثالثة أني أعاني من اكتئاب شديد، وأحس أحيانا أن الموت أريح لي من هذه الحياة والعذاب الذي أنا فيه مع أني من عائلة مستقرة، ووضعي الاجتماعي والأسري جيد، ولكني أعتقد أني أتعس إنسان، ومما يخفف عني ذلك أني-ولله الحمد- محافظ على صلاتي جماعة في المسجد في كثير من الأحيان.

والمشكلة الأخيرة هي الوسواس، وكثرة التفكير في كل شيء، ويأتيني وسواس في الصلاة أني لم أتوضأ جيداً، وأني لم أتم الصلاة، وأسهو كثيراً في صلاتي، وفي كل شيء.

أشعر أن جميع المشاكل التي ذكرتها ولم أذكرها لها سبب واحد، ولا أعرف ما هو.

أعتقد أن الاكتئاب والقلق والوسواس والفوبيا لها سبب واحد، وأني أستطيع مواجهة هذه الأمراض والعقد، ولكني أفشل عند أول لقاء مع أي شخص غريب، أو موقف جديد.

هذه المشاكل وغيرها أثرت على حياتي كثيرا، وأعتقد أنه ليس عندي قابلية للتكيف مع ظروف الحياة، فأقل مشكله تسبب لي قلقا وعدم نوم.

وأعاني أيضا من القولون العصبي، وقال لي طبيب الجهاز الهضمي أن كل الفحوصات سليمة، وأن السبب نفسي بحت.

فهل هناك حبوب أو علاج مفيد لحالتي؟ مع العلم أنني لم أتزوج، ولا أفكر بالزواج؛ لأني لست قادراً نفسياً ولا بدنياً على موضوع الزواج.

وشكراً، وآسف على الإطالة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهوّن على نفسك فحالتك بالفعل هي قلق نفسي، والقلق الذي تعاني منه ينقسم إلى جزئيات معروفة، وهي الوساوس القهرية، والمخاوف، وشيء من عسر المزاج، وكذلك لديك ما نسميه بالقلق التوقعي، أي أنك دائمًا تعيش تحت التهديد النفسي الذي يسببه لك القلق.

التشخيص هو تشخيص واحد وليست تشخيصات متعددة، والأمر الملحوظ في حالتك أنك تحاول أن تستفيد من القلق كطاقة إيجابية، مثلاً عند المواجهة، عند محاولة إنجاز أي شيء، لكن هذا القلق يزداد ويتحول إلى طاقة سلبية، هذا هو الوضع بالنسبة لك.

أعتقد أنه من الأفضل لك أن تبدأ بتناول العلاج الدوائي، فهنالك أدوية متميزة جدًّا لعلاج هذ النوع من القلق، وأفضلها عقار زيروكسات والذي يعرف علميًا باسم (باروكستين) والجرعة هي نصف حبة (عشرة مليجرام) تناولها يوميًا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم -وهذه هي الجرعة المطلوبة في حالتك- استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة ونصف في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر أيضًا، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا دواء فعال مفيد وسوف تحس بفائدته الحقيقية بعد ستة أسابيع من بداية العلاج، وأرجو أن تتناول الدواء بانضباط شديد خاصة أنه سليم وغير إدماني، وغير تعودي.

الدواء سوف يساعدك كثيرًا في امتصاص درجة القلق الذي لديك، وحين يقل القلق يمكنك أن تطبق الآليات السلوكية لأنها أيضًا ضرورية، وهذه الآليات السلوكية تتمثل في:

أولاً: أن تطور من مهاراتك الاجتماعية، فحين تقابل الناس ابدأ بالسلام عليهم، وتبسم في وجوه إخوانك، هذا أمر مطلوب وجميل، وأنت الحمد لله تعالى من روّاد المساجد وتؤدي الصلاة في جماعة، كن دائمًا في الصف الأول، تجاذب الحديث مع إخوانك المصلين بعد أداء الصلاة، وإذا كان هنالك درس في المسجد حاول أن تحضره وحاول أن تشارك، وألق على الإمام سؤالاً أو سؤالين بعد انتهاء الدرس، هذا كله تفاعل اجتماعي ممتاز، خاصة وأنك حين تكون في بيت الله تكون في مكان هو قمة الطمأنينة وتحفك الرحمة والسكينة إن شاء الله تعالى.

ثانيًا: أنصحك بممارسة الرياضة الجماعية، ففيها خير كثير لك.

وبالنسبة لوساوس الصلاة فهذه تقابل بالحسم التام، والحسم هو أولاً أن تبني يقينًا أن صلاتك سليمة، هذا مهم جدًّا، وبالنسبة للوضوء إذا كان لديك إشكال معه: حدد كمية الماء، ولا تتوضأ من ماء الصنبور، توضأ من إبريق أو ضع الماء في إناء وحدد كميته ومدة الوضوء. هذا تدريب بسيط وجيد جدًّا.

ثالثًا: تغيير نمط الحياة بصفة عامة، والاجتهاد في دراستك، والإكثار من التواصل الاجتماعي، وزيارة الأهل والأرحام والأقرباء والمرضى في المستشفيات، هذه إضافات إيجابية جدًّا للإنسان، وفي نفس الوقت تعالج المشكلة التي تعاني منها.

رابعًا: نحن دائمًا ننصح بممارسة تمارين الاسترخاء، وأنتم الحمد لله في الكويت لديكم أساتذة كبار في الصحة النفسية مثل الأستاذ صلاح الراشد والدكتور نجيب الرفاعي، لديهم مؤلفات وأشرطة وسيديهات وكتيبات جيدة جدًّا عن كيفية مواجهة القلق وكيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، فأرجو أن تحرص على أن تقتني بعض هذه الوسائط المفيدة.

ولمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

www.islamweb.net