كيف أجعل حياتي كلها لله في ظل مخالطة المجتمع؟
2011-10-31 10:07:56 | إسلام ويب
السؤال:
أرهقني انشغال قلبي عن الله, يكرمني الله بطاعات لا أستحقها فله الحمد والشكر, ولكن للأسف لا أجد قلبي أبداً, كيف أجعل الله أساس حياتي؟ الحل الذي أراه أن أبتعد عن الناس, وأحاول الانشغال مع الله, لكن الحياة لا بد فيها من الاجتماعيات والصداقات, وخصوصا أني أمل كثيرا, أرجو النصيحة.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يملأ قلبك بمحبته جل جلاله، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك أقول لك -بنيتي الفاضلة-: إنه مما لا شك فيه أن الأُنس بالله تعالى, والتعلق به من أعظم النعم التي يُنعم الله بها على عباده في الدنيا والآخرة، ولذلك حتى أهل الجنة في الجنة بعد أن يسألهم الله تبارك وتعالى عن النعم التي أعطاهم إياها، فيقول الله تبارك وتعالى: (أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعد ذلك أبدًا) فكان رضوان الله تعالى على أهل الجنة أعظم من نعيم الجنة كله, وكذلك في الدنيا أيضًا، عندما يُرزق العبد محبة الله تبارك وتعالى, وتملأ المحبة قلبه, فإنه يشعر بأنه إنسان آخر, وأنه في عالم آخر، هذه المحبة هي التي ملأت قلب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم, وقلوب الصحابة الكرام رضوان الله عليهم, حتى جعلتهم يقدمون أشياء نادرة لم تتكرر في التاريخ -كما تعلمين ابنتي الفاضلة آية- والدليل على ذلك أبو بكر رضي الله تعالى عنه، انظري ماذا فعل في الغار مع النبي عليه الصلاة والسلام، وانظري مثلاً عندما أمر النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة بالصدقة وحثهم عليها، يأتي بماله كله، أو عمر رضي الله عنه يأتي بنصف ماله، وعثمان بن عفان يدفع ملايين الأموال، وعبد الرحمن بن عوف، وهكذا كل الصحابة، هذا كله نتيجة حلاوة الإيمان التي ملأت قلوبهم، فأصبح أعظم شيء في حياتهم إنما هو مرضاة الله تبارك وتعالى، والأنس به سبحانه وتعالى جل وعلا, وحتى يتحقق لنا ذلك -بارك الله فيك-لأنك تقولين أنك تعانين من انشغال قلبك عن الله تعالى:
أولاً: لا بد أن يكون لك ورد يومي من القرآن الكريم بانتظام، ويكون هذا كالطعام والشراب والصلاة والنوم، يعني شيء دائم يكون لك عادة، ولا تتأخري عن ذلك ولا تجعليه حسب الظروف.
ثانيًا: عليك بالإكثار من ذكر الله تعالى، وعلى رأس الأذكار أذكار الصباح والمساء بانتظام يوميًا صباحًا ومساءً، وما بين الصباح والمساء لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله عز وجل.
ثالثًا: عليك بالاستغفار، لأن الاستغفار عظيم جدًّا, ويجعل العبد قريبًا من الله تبارك وتعالى، وله فوائد عظيمة.
رابعًا: عليك بالإكثار من الأعمال الصالحة، يعني حافظي على الصلوات في أوقاتها، وحافظي -بارك الله فيك- على النوافل مع الفروض، لأنه كما ورد في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه).
خامسًا: ابتعدي عن المحرمات كلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتق المحارم تكن أعبد الناس), وإذا كنت من أعبد الناس أحبك الله تبارك وتعالى.
سادسًا: عليك بمحاولة النظر في أحوال الذين هم أقل منك ظروفًا، مثلاً عليك بعيادة المرضى عند الظروف التي تسمح لك، وإذا كانت هناك فرصة لزيارة المقابر، وإذا كانت هناك فرصة للنظر في ملكوت السموات والأرض، وإذا كان لديك فرصة في قراءة كتاب من كتب العقيدة, خاصة كتب ابن القيم, أو ابن تيمية, أو الكتب الرقيقة التي تتكلم عن الرقائق، أو كتاب مثل (البحر الرائق) للدكتور أحمد شريف, أو غيره من كتب الأذكار التي ترقق القلب.
سابعًا: الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يشغلك الله تبارك وتعالى به وحده، والله قد وعدنا بإجابة الدعاء كما قال سبحانه: {أجيب دعوة الداع إذا دعان} فالدعاء مستجاب، والله تبارك وتعالى يقبل دعوة الداع كما أخبرنا عن نفسه جل جلاله، ويستجيب له، ويحقق له أمنياته, ما دامت الدعوة مستوفية لشروط الإجابة, وانتفت فيها موانع القبول.
فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يمنَّ الله تبارك وتعالى عليك بأن تكوني من أهل الجنة، وأن يرزقك الله تبارك وتعالى محبته، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وسليه سبحانه وتعالى أن يثبتك على الحق، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
بهذه الأمور -يا بنيتي إن شاء الله تعالى- مع المحافظة عليها, وملء الفراغات بذكر الله قدر الاستطاعة، يعني إذا كنت طالبة فمن البيت إلى المدرسة, أو من المدرسة إلى البيت إذا كنت تمشين على الأقدام, أو تركبين سيارة، إذا كنت جالسة في البيت مثلاً فاقضي بعض الحاجات مع الوالدة في البيت، اجعلي دائمًا ذكر الله تبارك وتعالى على لسانك، لأن الله تبارك وتعالى أخبر بقوله: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وستشعرين بسعادة غامرة -بإذن الله تعالى يا بنيتي- وعليك كذلك بالإكثار من الحمد والشكر (الحمد لله، الشكر لله) لأن هذه من أجل العبادات, وأعظم القربات، والنبي عليه الصلاة والسلام بشّر أن كلمة (الحمد لله) تملأ الميزان.
ثبتك الله تبارك وتعالى على الحق، ووفقك لطاعته ورضاه، وأعانك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وجعلنا وإياك من أهل الجنة وسائر المسلمين.
هذا وبالله التوفيق.