أخاف من المشاركة التي تتطلب القراءة..فهل هذا رهاب؟

2011-10-31 10:32:12 | إسلام ويب

السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم

أنا فتاة عمري 18 سنة, لا أعرف إن كنت أعاني من الرهاب أم لا, عندما كنت صغيرة كنت نشيطة, وفي المدرسة عندما بلغت الصف الخامس بدأت معي حالات التلعثم والخوف الزائد من المدرسين, في الصف السابع -أي عند دخولي للإعدادية-اختفت هذه المشكلة كليا, وأصبحت أتحدث جيدا, وأشارك في القسم, ومن الممتازين, لكن في العام التالي عادت لي الحالة واستمرت إلى هذا الحين, علما أنني أتحدث جيدا مع الآخرين, ولدي أصدقاء, المشكلة عندما يطلب مني الأستاذ القراءة, أو التحدث, قلبي يدق بسرعة, ويداي ترتجفان, وعندما أتكلم لا أستطيع التنفس, مما يسبب لي التوقف والتلعثم في بعض الحروف, مثل: حرف الألف والعين, علما أنني عندما أكون وحدي أتحدث جيدا, ومع أصدقائي أيضا, يعني أصبحت أخاف من المشاركة التي تتطلب القراءة, ربما تعود هذه المشكلة إلى الصف الثالث عندما ضربني المعلم لأني لم أقرأ جيدا, لم أخبر أحدا بمشكلتي, وأريد حلا لهذه المشكلة بدون دواء, فهل يمكن أن تختفي مثلما اختفت في الصف السابع؟ وهل علاجها سهل؟

آسفة للإطالة وشكرا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أماني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد اختلطت الأمور تمامًا على كثير من الناس حول الرهاب -خاصة ما يسمى بالرهاب الاجتماعي- والحالات أصبحت تشخص في بعض الأحيان بدون دقة, أو معايير علمية حقيقية، فبعض الناس قد يعانون من قلق ظرفي في مواقف اجتماعية معينة، هذه نعتبرها ظاهرة عابرة، ولا يُشترط فيها أبدًا أن تسمى حالة مرضية.

الذي ألاحظه فيما ورد في رسالتك أنها رسالة مرتبة, وقد أعطت صورة واضحة وصادقة ودقيقة عن خبرتك وتجربتك النفسية فيما يخص أعراض الخوف.

الحالة التي تعانين منها لا أعتقد أنها مرضية، إنما هي ظاهرة، والظواهر بالطبع أقل درجة من المرض.

الخوف أيًّا كان نوعه مطلوب, لكن يجب أن يكون بدرجة معقولة، فالذي لا يخاف لا يحمي نفسه، لكن هذا الخوف ربما يتعدى المعدل الطبيعي, ومن ثم تأتي الإشكاليات, ويقلق الإنسان حول مخاوفه، وهذا القلق يؤدي إلى المزيد من المخاوف، وهكذا يصبح الإنسان في حلقة مفرغة.

أنا أود أن أطمئنك كثيرًا أن حالتك حالة بسيطة جدًّا، فما حدث لك في مرحلة الطفولة حين كنت في الصف الخامس هو تفاعل عادي، ويحدث لكثير من الأطفال في تلك المرحلة، لكن أعتقد أن درجة الحساسية في شخصيتك, والتدقيق لديك عالية بعض الشيء، فأنت تراقبين أداءك والمتغيرات النفسية التي تحدث لك أثناء المراقبة الدقيقة واللصيقة، وهذا هو الذي يجعلك عرضة لنوبات الخوف البسيطة هذه.

الذي أود أن أنصحك به هو أولاً: أن تطمئني أنك لا تعانين من حالة مرضية، إنما هي ظاهرة كما ذكرت لك.

ثانيًا: الخوف مطلوب, لكن يجب أن يكون في حدود المعقول، وهو نوع من القلق النفسي, وليس أكثر من ذلك.

ثالثًا: أود منك أن تصححي مفاهيمك، وذلك باتباع الآتي:

الإنسان حين يكون في مواجهة, ويأتيه الخوف, بعد ذلك تحدث له تغيرات فسيولوجية, تفرز مادة تسمى بالأدرانلين، هذه تزيد من تسارع القلب، وقد يشعر الإنسان بالتلعثم، والبعض يشعر برعشة, أو رجفة, أو دوخة، ويأتي للإنسان شعور أنه مراقب من قبل الآخرين، وأنه سوف يفقد السيطرة على الموقف، وسوف يكون مصدر استهزاء الآخرين وتحقيرهم, هذا الشعور شعور خاطئ؛ حيث إن التغيرات الفسيولوجية التي تحدث لا يمكن للطرف الآخر أن يلاحظها، فهي مشاعر وتغيرات داخلية خاصة بالشخص نفسه, فأرجو أن تصححي مفاهيمك حول هذا الأمر.

رابعًا: الخوف أيًّا كان نوعه يعالج بالمواجهة، والتجنب يؤدي إلى المزيد من المخاوف والوساوس, المواجهة الجيدة هي التي تبدأ في الخيال، وأنا أريدك أن تطبقي هذا التمرين:

اجلسي في الغرفة، تخيلي أنك أمام جمع كبير جدًّا من الناس, فيهم الأساتذة والمعلمون والمدراء, وعدد كبير جدًّا من الطلاب، وطُلب منك أن تقدمي عرضًا لموضوع معين, عيشي هذا الخيال بكل دقة، ابدئي في تحضير الموضوع، ثم ابدئي في الإلقاء، وإذا كانت درجة التركيز لديك عالية, وكذلك الدقة في التنفيذ لهذا التمرين في الخيال، سوف يكون نفعه عليك كبيراً.

هذه التمارين تحتاج أن تمارس باستمرار، ويجب أن تغيري موضوع المواجهة من وقت لآخر، مثلاً: هذه المرة أنت قدمت العرض أمام مجموعة من المعلمين والطلاب، المرة القادمة تصوري أنك قدمت عرضًا لعدد كبير جدًّا من النساء، وبينهنَّ بعض النساء مما يسمى بعلية القوم.

تخيلي وضعا ثالثا وهو أنه طلب منك أن تلقي محاضرة دينية مثلاً أمام بعض الداعيات.

موقف آخر: لديكم مناسبة كبيرة في البيت, ولابد أن تستقبلي الضيوف,... وهكذا.
إذن التعرض في الخيال يعتبر علاجًا أساسيًا جدًّا لحالتك.

خامسًا: هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، لا بد أن تطبقيها بدقة، وللتدرب على هذه التمارين لا بد أن تقابلي أخصائيا نفسيا، وإذا كان هذا غير ممكن فتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.

سادسًا: لا بد أن يكون لك مبادرات اجتماعية تتفاعلي فيها مع الآخرين، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، شاركي صديقاتك وزميلاتك في الأنشطة الثقافية والعلمية, وربما الأعمال الخيرية، قومي بزيارة أرحامك... هذا هو الذي سوف يفيدك -إن شاء الله- كثيرًا في التخلص من درجة الرهاب البسيطة التي لديك.

بالنسبة للأسباب: هي لا تعرف، لكن قطعًا التجربة التي مررت بها في الصف الثالث ربما تكون هي السبب التي أدت إلى هذه المخاوف.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net