أشكو من متاعب الحياة وأنا بين أهلي، هل هناك حل؟
2011-12-19 09:51:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
وصلت إلى حال لا يعلم بها إلا الله.
أشعر بالغربة بين أهلي وهذا والله إحساس قاتل.
لم أتلق التربية الصحيحة منهمها، والتي جعلتني لا أستطيع مواجهة الصعوبات واتخاذ القرارات في حياتي.
لا يهمهما مني سوى أن أطبخ لهما، فأنا التي أقيم معهما.
بسبب ما أعانيه لم أعد قادرة نفسيا على القيام بأي عمل لهما أو لي.
أصبحت أكن لهما كراهية شديدة، لا يوجد أي حوار بيني وبين أمي مهما حاولت.
عندما أدلل نفسي بأي شيء يريحني نفسيا وأدفع مبلغا من المال، بنظرها هي وأبي أني مسرفة!!!
مادام بالحلال ما الضير في ذلك؟
مفهومها في الدين غريب عجيب لدرجة أني كرهت أني مسلمة.
علما أني لست مسلمة بالفعل بل بالاسم.
كل شيء النار ويا ويلك.
ولأضمن دخولي الجنة يجب علي أن أبخل على نفسي مهما كان لدي من مال وفير. أن أشتري الرخيص والذي لا جودة فيه ولا قيمة فيه.
لا يوجد أي أمل في حياتي.
أكره نمط حياتهم فهم متمسكون بالتخلف والرجعية.
وحظي في الزواج حرمت منه. إما من القبيلة أو فلا زواج لي.
وكل من تقدم لي نسخة من طليقي وأبي، سأعيش حياة تشدد وتخلف وسجن في البيت.
أنا لا أطالب السفر إلى أوروبا أو السكن في قصر. فقط حياة طبيعية.
كلما اقترحت شيء ما للتغيير يُسخر مني، وإذا اقترحته زوجة أخي فسمعا وطاعة لها.
مبلغ عشرون دينارا ماذا يشتري لي في الكويت؟
وتقول عني مبذرة، وأنا والله لا أتبع الموضة ولا أشتري الغالي، حتى الكماليات لا أشتريها. وفوق هذا ترى أني مبذرة وأنا أقسم لها أنها بالكاد تكفي وعندما أقنعتها زوجة أخي رضت!! أي ظلم هذا؟؟
لكن مادام الله قد أنعم عليهم بخير وفير يوفروا لي الحياة الكريمة، عوضا عن توفيرها للغير، الأغراب والأقارب!!
عجزت عن فهم عقليتهما وتعبت من الحياة معهما.
تناولت العديد من الأدوية النفسية وتنقلت بين الأطباء لكن للأسف لم أجد سوى النوم طوال اليوم.
ونسيت أن أخبركم أن رضاء أمي علي مقرون بخدمتها طوال اليوم هي وأبي.
وطبعا مهما حاولت فهي لا تنسى، تذكرني دوما بتقصيري بحقها. وتردد أني سأجد عقابي في أبنائي.
والله لم أعد أكترث فلينزل بي ما شاء الله من عقاب.
أليس ديني دين رحمة وعدل؟ فأين الرحمة لم أجدها في حالي؟
وجود أبي وأمي في حياتي كأني والله يتيمة ولو كنت كذلك لكان وضعي أهون لصبرت وصابرت.
أريد أن أجد الخلاص من الحياة معها هي وأبي.
حياتي سوداء لم أعد قادرة على فهم لماذا أعيش؟
ولأجل ماذا؟ هل لأمكث في المطبخ طوال حياتي؟!
لا أقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل فهما السبب فيما أعانيه.
أليس أهل علم النفس يقرون بأن دور الوالدين مهم وتربيتهما لأبنائهما لها التأثير في تكوين شخصية الابن أو البنت.
والله لا أتذكر أن لها فضل علي مثل أي شيء سوى تجهيز الأكل واللبس.
وأكثر الشي الصراخ والعقاب والدعاء.
من هي مثلي لا تصلح لتكون أما. ففاقد الشيء لا يعطيه!
وإن احتجت لعلاج نفسي فهو مكلف جدا وأبي وأمي سيمطرانني بوابل من الكلام المزعج لأنه مكلف، علما أن والدي يتحمل تكاليف علاج أقاربنا ودراسة أزواج أخواتي في السابق.
وآخر دواء هو بروزاك ارتحت معه لفترة لكن تغير حالي إلى الأسوأ.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ((ليتني لم أخلق)) حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أنا طبيب نفسي، والذي لفت نظري أن رسالتك تحمل كثيرًا من شحنات غضب وعدم ارتياح، واحتجاج على الذات وعلى العالم أجمعه، وكذلك على من حولك.
ولفت نظري الاسم الذي قمت باختياره لعنوان هذه الرسالة وهو (ليتني لم أخلق) هذا أيتها الكريمة يجب أن يُنظر فيه بعمق.
كثيرًا ما نتعامل مع بعض الكلمات أو الألفاظ نتيجة لانفعالاتنا السلبية، ومثل هذا التوجه في حد ذاته يزيد من الكدر والسوداوية في التفكير، وتبني الفكر السلبي في كل خطوة تتطلبها الحياة.
الذي ألاحظه في رسالتك بوضوح أنك تعانين نفسيًا، وهذه لا بد أن نعترف بها، وهذه المعاناة النفسية لها محاور ومحددات واضحة، ربما تكون لعبت ظروفك الأسرية فيها دورًا، لكن أعتقد أن شخصيتك أيضًا ربما تكون ساهمت في ذلك، وبما أنك استجبت إيجابيًا لعقار بروزاك في فترة من الفترات، فهذا أيضًا يدل أن الاندفاعات النفسية التي لديك تحمل سمات وصفات مرض الاكتئاب.
الذي أريده منك هو أن لا تحكمي مسبقًا على طبيعة تفاعل والديك إذا طلبا منك شيئًا ما، ليس من الضروري أن يرفض دائمًا.
أنا أعتقد أنك تنتهجين المنهج التشاؤمي جدًّا، وتكون لك هذه الأفكار المسبقة، ومن ثم تبدئين في حوار والدتك.
الحوار الرصين والجيد واللطيف خاصة مع الوالدين دائمًا يُدخل إلى نفسيهما السرور والارتياح والرضا عن الأبناء.
كلمة (يا أمي العزيزة، يا أمي الحبيبة: أريد أن أشاورك في أمر ما) وحين أقول (أشاورك) يعني أننا نتحاور، ليس هناك فرض رأي أبدًا.
هذا منهج يسير جدًّا، لكنه يُغيّر، والكلمة الطيبة المَرِنة وقعها عظيم على الإنسان.
الذي أراه أن لا تنظري إلى حياتك بهذه النظرة التشاؤمية، فأنت صغيرة في السن، والحمد لله تعالى أسرتك مقتدرة، ولا شك أنك باحثة نحو رضا والديك، وأنا من جانبي أؤكد لك أن أمك تحبك حبًّا شديدًا فطريًا، وكذلك أبوك، وهذا الحب حب جبلي وغريزي ومؤصل في الوالدين، ولا يستطيع أحد أن يتهرب منه أو أن يتخلص منه أو يقوم بفعل ما هو مضاد.
إذن أنت محتاجة لتغيير المفاهيم، ومساعدتك لوالدتك في المطبخ وفي ترتيب البيت هذا لا بأس فيه أبدًا، على العكس هي تريد أن تطور مهاراتك حتى تكوني زوجة مقتدرة إن شاء الله تعالى.
الأمر يتطلب منك الجهد حقيقة، وأرجو أن توسعي من علاقاتك الاجتماعية، هنالك الصالحات من النساء اللواتي يمكن أن يكن مصدرا للتشاور وللتنفيس النفسي.
ثانيًا: أكرر موضوع النظرة الإيجابية.
ثالثًا: الإنسان يجب أن لا يفرض قيمه على الآخرين، نحن مطالبون في حالات كثيرة أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد، خاصة حين يتعلق الأمر بوالدين.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أنك في حاجة له، لكنه من الأفضل أن تتابعي حالتك بواسطة مختص.
أنت ذكرت أنك تنقلت بين الكثيرين من الأطباء، تخيّري أحدهم وظلي معهم واصبري وصابري، وإن شاء الله تعالى تكون النتائج رائعة جدًّا.
التفكير في الانتحار هو خطأ، إذا لم أكن طبيبًا مسلمًا لقلتُ لك افعلي في نفسك ما تشائين، فالإنسان قبل أن يوقع الجريمة على نفسه هو حر في ذاته وحياته وجسده، وهكذا يقولون في بعض الدول والثقافات الغربية. هذا من ناحية.
لكن من ناحية أخرى فالانتحار في ديننا وشرعنا (حرام)، وهو قرار فوضوي وعشوائي جدًّا، و المنتحر لا يفقد نفسه فقط وإنما يسبب إدانة اجتماعية كبيرة جدًّا لذويه وإشعارهم بالذنب في نفس الوقت، وفي الانتحار تحذير بالعقاب نسأل الله لك العافية.
أنا لا أريدك أبدًا أن تفكري في الانتحار، كوني محبة لذاتك ولمن حولك، فالحياة طيبة جدًّا، والعقبات والعثرات ما هي إلا محسنات للدافعية والإصرار على الإنجاز، أمامك أشياء كثيرة يمكن أن تؤديها وأن تلعبي دورًا إيجابيًا في الحياة يفيدك ويفيد غيرك.
أتمنى لك السعادة والهناء، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأرجو أن تعيشي على الأمل والرجاء، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
__________________________________
انتهت إجابة المستشار النفسي الدكتور عبد العليم ، وتليه إجابة المستشار الشرعي الشيخ أحمد الفودعي.
--------------------------------------------------
فإن في كلام الطبيب النفسي – جزاه الله خيرًا – الكثير من الفائدة والتوجيه النافع، نأمل أيتها العزيزة أن تأخذي بهذه النصائح مأخذ الجد، وأن تعملي بها، مع إحسان الظن بالله تعالى أن يوفقك لما فيه سعادتك ومصالحك.
ونذكرك أيتها الكريمة بضرورة التفكر في هذه الحياة التي تعيشينها، وأنها مرحلة من مراحل العمر وليست النهاية، فلا ينبغي أبدًا أن يكون التساؤل لماذا تعيشين عديم الجواب عندك، فإنك تعيشين هذه الحياة لتزرعي فيها ما تحصدينه في حياة أطول منها، فإن الحياة الحقيقية تبدأ بالموت، فينتقل الإنسان من هذه الحياة القصيرة الضيقة التي كان يُبتلى فيها بالمحن والشدائد، ينتقل ليعيش الحياة الحقيقية، إما من أهل النعيم، وإما من أصحاب الجحيم. نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياك من أهل السعادة وأن يجنبنا كل أسباب الشقاوة.
هذه الحياة أيتها الكريمة هي مزرعتك التي تزرعين فيها، وكل لحظة من لحظات عمرك ثمينة غالية ينبغي أن تعرفي قدرها وثمنها لتستغليها فيما ينفعك، ولا يعرف الإنسان قدر هذه الحياة إلا حين يرى ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب حين الاحتضار بالموت، فهناك يُدرك قيمة اللحظات التي كان يعيشها في هذه الدنيا.
ونحن لمسنا أيتها الكريمة من خلال كلماتك أنك فتاة فيك الخير الكثير، ولديك من الإيمان ما يدفعك إن شاء الله إلى العمل بمرضاة الله تعالى، إذا أنت أحسنت استغلال الظروف التي أنت فيها، فأنت ولله الحمد تعيشين فراغًا في الوقت وصحة في الجسد ولا تزالين في مرحلة الشباب، استغلالك لعمرك فيما ينفعك سيجر إليك سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.
نصيحتنا لك أن تحاولي التعرف على النساء الصالحات كما أرشدك الطبيب قبل ذلك، فإن هذا النوع من العلاقات يعود عليك بالنفع سعادة في دينك ودنياك وآخرتك، فحاولي أن تشغلي جزءً من وقتك في البرامج النافعة كحفظ شيء من القرآن الكريم، وتعلم شيء من العلوم التي تنفعك، إما من علوم الدين وإما من علوم الدنيا، وكوني على ثقة بأن النساء الصالحات هنَّ خير معين لك على تحقيق منافع دينك ودنياك.
ولا تيأسي من رحمة الله تعالى، فإن الله عز وجل يُقدّر الضيق على الإنسان والابتلاء لا ليُهلكه ويُتعسه، ولكن ليختبر صبره، ثم يأتي بعد الضيق الفرج وبعد العسر اليسر وبعد الكرب الفرج، فأحسني الظن بالله تعالى، وأكثري من دعائه، واشتغلي بمناجاة الله تعالى، وهذا هو باب السعادة الحقيقي، إذا فُتح لك فلن تجدي سببًا يجلب لك بعد ذلك شقاءً.
حافظي على الصلوات في أوقاتها، وأكثري من الاستغفار، واعلمي بأن الاستغفار سبب جالب للرزق، فبه إن شاء الله تحصلين على الزوج الصالح والذرية الطيبة.
تذكري دائمًا إحسان والديك وأنت صغيرة، فكم تألمت هذه الأم في حملك، وكم لقيت من الشدة عند وضعك، وكم عانت في حضانتك وتربيتك في الصغر، وكم بذل الوالد من جهد في سبيل كسب لقمة العيش لك والإنفاق عليك، إذا تذكرت سابق الإحسان منهما، وما بذلوه من أجلك، فإن هذا سيدعوك إلى شكر هذا الجميل والإحساس بالمعروف وتقدير الموقف حق تقديره، ويدعوك ذلك إلى الإحسان والبر بهما بقدر الاستطاعة.
لا نشك أبدًا أيتها الكريمة بأن الوالدين يحبانك حبًّا جمًّا، فهذا ما فطر الله عز وجل عليه الخلق (البهائم والإنسان) فلا تسمحي أبدًا للشيطان أن يوصل هذه المفاهيم الخاطئة إلى قلبك، ويحاول أن يوجد النفرة بينك وبين والديك، وحاولي التذلل لهما بقدر الاستطاعة ومحاورتهما بالإقناع واللين، وستجدين منهما بعد ذلك آذانًا صاغية.
وأما في شأن النفقات فإن الإسراف أمر نسبي يختلف من شخص إلى آخر بحسب ما يقدر عليه، وليس حرامًا على الإنسان أن يشتري حاجته اللائقة به فيما يعتاده الناس من مثله ما دام ليس فيما يفعله معصية.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير حيث كان ويقدره لك، وأن يزيل عنك ما تعانينه من الكرب، وأن يرزقك الزوج الصالح والذرية الطيبة، إنه على كل شيء قدير.