لدي قولون عصبي تسبب لي في القلق والمخاوف، ما العلاج؟

2011-12-29 10:44:58 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكر الله سعيكم، ورفع درجاتكم في عليين، فكم فرجتم على كثيرا من المسلمين، في هذا الموقع الرائع، البعيد عن مغالطات المواقع الطبية الأخرى، وكم استفدت من ردودكم على الاستشارات، وخاصة الدكتور الفاضل محمد عبد العليم، كم ندعو الله أن يجزيه عن الأمة عظيم الجزاء.

عانيت قبل فترة من تعب انتهى به التشخيص عند كثير من الأطباء إلى أنه قولون عصبي، لم أترك عضوا في جسمي إلا وفحصته، ولله الحمد النتائج سليمة، تنقلت بين دكاترة السعودية المشهورين، تخصص باطنية وقلب وكلهم أجمعوا على سلامتي، ولله الحمد.

حاولت التأقلم مع الأعراض الجديدة التي لم تكن مؤلمة لكن كانت تسبب القلق، فقط نفسية، تعبت لكن الحمد لله سيطرت عليه، وبدأت تخف حدة الخوف، وأتماسك إذا أحسست بشيء لا أذهب للطبيب بكل لحظة، هذه الأزمة بقيت معي تسعة شهور.

أنا أحاول التماسك من أعراض غريبة، رجفة بالجسم وخز في القلب، خوف من الموت، إسهال غثيان في الصباح تفكير دائم، ومما لاحظته في حالتي أنها تعود بدون أي أسباب! فقلقت نفسي، ومن شدة الخوف الذي انتابني ساعدني -ولله الحمد- إخوتي، في تفهم الأزمة.

لكن المتعب الآن وأرجوكم أن تقرؤوا هذا الجزء بكل دقة.

انتهت حالتي بالاقتناع، وفهم المرض، يعني من المفترض أن أتحسن، علما أني لم أتناول أي دواء، فقط حمية في الطعام، وقليلا جدا من الرياضة، ومحاولة إقناع نفسي بطبيعة تعبي، وقراءة القرآن.

أنا الآن في حالة غريبة، أشعر بألم في عظام الصدر، نغز في جميع أنحاء الجسم، وقبل يومين أصابتني رجفة قوية في الجسم، وكأني قد أصبت بنوبة برد، كانت وقت أذان الفجر استيقظت واستعديت للصلاة، فبدأت الحالة ما يقارب الساعة، خفت! لكن آثارها باقية من آلام الأفخاذ والخوف، ذهبت إلى المدرسة (كان عندي عمل مهم جدا، ولا يمكن تأجيله ويعتمد على مهارتي).

استمر التوتر وحتى أثناء عملي ارتفعت درجة الحرارة عندي، لكن استمريت بالعمل، وعندما انتهيت رجعت درجة حرارتي طبيعية، رجعت إلى البيت وأنا أشعر بتحسن -ولله الحمد- نمت وعند استيقاظي صليت العصر، وبدأت أقرأ سورة البقرة، فقد حافظت عليها طول تعبي، وأثناء قراءتي بدأت الأعراض! لكن حاولت أن أنهي السورة، وفعلا انتهيت وبدأت الأعراض مرة أخرى، ولكن أخف بكثير من الصباح.

تجاهلته ونجحت لكن ليس بدرجة كبيرة، خرجت لاجتماع عائلي لاحظت أن الأعراض زالت، وعند عودتي للمنزل واستعدادي للنوم عادت بشكل فضيع! وخز قوي في الذراعين والساقين والصدر من جهة اليسار، ومن أسفل الثدي يمين، بدأ الخوف عندي لكن تماسكت، وحاولت أن أقرأ، وحقيقة لكم الفضل بعد الله تعالى في السلوك الذي أنتهجه، مع التعب فقد تعلمت الكثير ودعوت لكم كثيرا، فلم أعد أهرع إلى إخوتي وأصر عليهم أن يذهبوا بي للمستشفى، بل أطبق ما قلتم من تجاهل وقراءة ورياضة واسترخاء.

نمت بعد حوالي ثلاث ساعات، وعند استيقاظي كانت الأعراض أخف بكثير، وعند صلاه الفجر بدأ يخيل لي أنه سيغمى علي! أيضا تجاهلت الموضوع وأكملت الصلاة -ولله الحمد- عدت وقرأت الورد، ونمت وعند استيقاظي نفس الأعراض موجودة فكتبت لكم أثابكم الله.

ما الذي أعاني منه؟ وحتى أكون واضحة أقول إنه في أثناء تعبي كنت كثيرة الأحلام المزعجة، وقد حلمت حلما ولا زال برأسي، وأخاف منه بالرغم أني لم أفسره وقلت مجرد كابوس، لكن هناك من يتكلم بأذني أن هذا الموت، وما تشعرين به هي أعراض الموت! وهذا معي من أول تعبي، ولا زال، فعندما جاءتني الحالة قلت هذا الموت، والأن أنا كل وسواسي نحو هذا الاتجاه.

ملاحظة: زميلاتي بالعمل منهن من أرسلت لي رسالة وقالت لابد أن تأخذي من أثرنا، وهي صادقة وجادة في قولها، وليس واحدة فقط بل كثير اتصل علي منهن، وقالت أنا مؤمنة بالعين، لكن في داخلي شيء يقول هذا ليس قولون، ولا عين، هذه نهايتك! تعبت بالرغم من محاولاتي.

حياتي تغيرت، فقد كنت زهرة للمدرسة، كما يطلق علي، ناجحة -ولله الحمد- في علاقتي الاجتماعية كثيرا، مميزة في مهنتي، مبدعة -ولله الحمد والمنة- على قدر كبير من الجمال، أهتم بكل من حولي مجتهدة في عملي.

أما الآن فمهملة جدا، كثيرة الغياب أو الاستئذان، مضطربة كل حديثي عن تعبي، وما أشكو منه لا أحب الخروج للمدرسة، لا أعمل شيئا سوى الاستلقاء والتفكير!

طبيعتي قلقة، أكتم ما بداخلي تعرضت للكثير جدا من المواقف، آخرها زواج أختي التي تصغرني، وكذاك زواج صديقتي التي تربطني بها علاقة قوية، ذهبت وتركتني.

كثيرة البكاء، أخاف من الموت، هذا جاء مع تعبي، أخاف أن لا أتزوج بالرغم أنه في السنة انخطبت أكثر من أربع مرات، وكلهن أرفضهن! تعب أهلي معي، أرفضهن أحيانا، لا أعلم لماذا لكن -الحمد لله- أني أقول لم يكتب الله لي بعد، ومع ذلك نفسيتي تتأثر كثيرا، ووقت أيام الخطبة أتعب تعبا غريبا -والحمد لله على كل حال-
متدينة منذ ست سنوات، لكن شخصيتي لم تتغير قصد اتجاه موضوع الزواج وغيره، حافظة لكتاب الله.

هذه صفاتي وهذه شخصيتي، وهذا ما أعاني منه بالله عليكم ماذا عن أمري؟ تبعت من التفكير، هل ما أعاني منه أعراض توحي بنهايتي أم هي عين، كما قالوا أم ماذا؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سندس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وفي شخصي الضعيف، وأسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا.

أؤكد لك أني قرأت رسالتك بكل دقة، خاصة الجزء الذي حتمتِ عليَّ أن أطلع عليه بكل تفاصيله، وحقيقة اطلاعي على تفاصيله زادني الحمد لله تعالى معرفة واطلاعًا بحقيقة حالتك، وتأكد لدي التشخيص.

تأكد لدي أن الحالة كلها تدور حول القلق النفسي، والقلق النفسي بكل تشعباته من مخاوف ووساوس وقلق توقعي ومراء مرضي – أي أن الإنسان يجد صعوبة في أن يقتنع أنه معافى بالرغم من أنه حقًّا معافى-

إذن الذي أؤكده لك تمامًا أنك تعانين من علة، فأنت ذكرت أن الأطباء جميعًا قد أجمعوا على سلامتك، وهذا شيء مفرح تمامًا، ولكن الذي لم يقل لك هو أنك تعانين من هذه الحالة النفسية القلقية الوسواسية البسيطة، وهذا يفسّر كل أعراضك.

أقول لك إن صاحب القلق يقلق، وفي بعض الأحيان يصعب إقناعه بما يعاني منه، وقد يدخل في الآليات العلاجية لكنه يتخير منها البعض ويقلق حول تطبيق البعض، وحين تأتيه الصحة والعافية يقلق أيضًا إلى مدى ومتى سوف تستمر هذه العافية، وهل سوف يعاني مرة أخرى من الحالة؟!

هذا هو الوضع الذي نشاهده بالنسبة لحالات القلق والتوترات، خاصة من النوع الذي تعانين منه.
الذي أود أن أصل إليه أن حالتك بسيطة وإن كانت مزعجة.

الحمد لله تعالى أنت على أعتاب العلاج، وذلك من خلال تطبيق تمارين الاسترخاء، وأرجو أن تعلمي أن حالتك هي حالة قلقية، وقد أعجبني إدراكك لأهمية صرف الانتباه عن الأعراض، وهذا هو جوهر العلاج في مثل هذه الحالات.

الذي لم تذكريه في رسالتك هو: ما هو موقفك من تناول عقار سبرالكس؟! والذي وصفته لك في الإجابة على الاستشارة السابقة تحت رقم (2127992).

أود أن أحتم على هذا الدواء، وذلك لسبب بسيط، وهو أن أمراض القلق من هذا النوع يوجد فيها مكوّن بيولوجي، مكوّن كيميائي، يتعلق بما يعرف بالموصلات العصبية في الدماغ، وهذه –أي مسارات هذه المركبات– لا يمكن أن تصحح إلا بمركبات مقابلة لها، وفي هذه الحالة هذا المركب هو الدواء، فيجب أن تأخذي بالرزمة العلاجية الأخذ الكامل، هذا مهم، فما جعل الله من داء إلا جعل له دواء أو شفاء، ونسأل الله تعالى أن يكون شفاؤك ودواؤك هو السبب في أن تزول هذه الأعراض منك، فأرجو أن تبدئي في تناول السبرالكس بنفس الجرعة، وبنفس المدة وبنفس التعليمات التي ذكرتها لك في الرسالة السابقة، هذا مهم وضروري وضروري جدًّا.

مجاهداتك مقدرة في أن تتحسني سلوكيًا، لكن هذا لا يكفي، أنا أؤكد لك ذلك، فأرجو أن تقدمي على تناول الدواء دون أي تردد.

التفسير للتذبذب في الأعراض هو من طبيعة مرض القلق، في بعض الأحيان تأتي النوبات دون مقدمات، في بعض الأحيان تكون هنالك عوامل مرتبطة لإثارة الأعراض، وبعض الناس يتحسنون دون أن يكون لهم توقع بهذا التحسن، والبعض تأتيه النوبة وهو في أفضل حالاته، وهكذا.

هذا كله يتعلق بكيمياء الدماغ، وبالتكوين الوجداني والنفسي للإنسان، وهنالك أمور قد نذكرها ولا نعرفها حتى الآن.

الذي أرجوه منك هو أن تتناولي الدواء، وطبقي بقية الإرشادات السابقة، وأنت ذكرت وبصورة جلية أن شخصيتك شخصية قلقة، هذا الاستعداد للقلق هو مكوّن وعامل رئيسي، ويجب أن لا نتجاهله، وإن شاء الله تعالى من خلال تناول الدواء والاستمرار على التطبيقات الأخرى سوف يختفي إن شاء الله تعالى كل الذي تعانين منه.

أنا لا أريد أن أشرح أعراضك، فهي واضحة جدًّا، وهي كلها تصب في خانة المخاوف القلقية الوسواسية.

بقي موضوع العين: العين حق فلا شك في ذلك، ونحن نؤمن بذلك تمامًا، ولكننا أيضًا نؤمن أن العين والسحر وغيره كلها أمور يُبطلها الله تعالى، فحصني نفسك، حافظي على أذكارك، واعرفي أن الله تعالى هو الشافي، وليس هنالك حاجة لأكثر من ذلك.

إن شاء الله تعالى باتباعك لما ذكرناه لك سوف تكونين في خير وأحسن حال، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، والشفاء والعافية.

www.islamweb.net