أصبت بحالة نفسية صعبة بعد أن فضّلت زوجتي أهلها علي.
2012-01-26 08:08:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتقدم بالشكر إلى القائمين على الموقع لما يقدمه من فوائد جمة وحلولا لكافة الناس والمسلمين، فأنا متابع للموقع منذ سنين وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
أخي المستشار: أنا أمر بحالة نفسية بحتة وسأذكر لكم شيئا من حياتي لبيان ظروف إصابتي بهذه الحالة النفسية.
أنا شاب نشأت في ظروف عادية جدا وتزوجت زواجا تقليديا، أحببت زوجتي جدا وهي أيضا أحبتني جدا وكنا متوافقين في كل شيء، الوضع الاجتماعي والمادي حتى في الشكل وكنت بطبعي غيورا جدا، وزوجتي استجابت لي في أغلب طلباتي بسبب غيريتي هذه، مثل لبس النقاب وعدم الكلام مع فلان وفلان وهكذا.
مرت بنا ثلاث سنوات حدثت بيننا مشاكل كثيرة، وكنت غالبا لا أبتدئ بالمصالحة أبدا بل هي التي كانت ترضيني، وقد تعودت على ذلك وأنا لم أكن أقصر معها في شيء، لكن عصبيتي كانت دائمة وغيرتي شديدة، إلى أن جاء يوم سافرت زوجتي إجازتها السنوية حيث أنني مغترب وهي تقيم معي وتسافر كل سنة إلى أهلها.
كنت متفقا معها أنها تجلس 3 شهور، ولكن بعد شهر واحد اشتقت لها ولأطفالي، وطلبت منها الرجوع وقطع الإجازة، وتكتفي بالشهر لكنها رفضت بداية، وغضبت أنا ثم رجعت وكلمتني تلفونيا واعتذرت وقالت إنها سترجع، ولكن والدها عنفها وطلب منها أن تجلس لحضور عرس أخيها، فبلغتني زوجتي وقد نفذ صبري، فلم أكن أستطيع تحمل غيابهم أكثر من شهر، فقلت لزوجتي لن أسمح لك بالجلوس ارجعي فورا، فأصبحت زوجتي بين نارين أنا وأبوها.
كلمتني زوجتي تلفونيا وقالت: لن أرجع لك مرة أخرى، وأنهت المكالمة، واختارت رضا والدها على رضاي، ومنذ تلك اللحظة بالضبط أصبت بحالة نفسية وشعور باكتئاب حاد جدا، حاولت أن أفعل أي شيء للخروج من هذه الحالة لكن بلا جدوى، بعد ثلاثة أيام من تلك المكالمة كلمت زوجتي واعتذرت أنا لها، ليس من أجلها، ولكن للخروج من هذه الحالة النفسية وقبلت زوجتي الاعتذار، وطلبت مني الاتصال بوالدها لارضائه أيضا، وفعلت ورجعت الأمور لمجاريها، ورجعت زوجتي وانتهى كل شيء.
أكتب إليكم الآن وزوجتي معي في الغربة، وأمورنا طيبة وكل شيء أصبح على ما يرام، ولكن ما زالت الحالة النفسية تلازمني، لقد تغيرت تماما من شاب شديد الثقة بالنفس إلى شاب عديم الثقة بالنفس، من شاب طموح إلى شاب متشائم جدا، من نشاط إلى كسل، من شاب كان دائما مبتسما إلى شاب دائما شارد الذهن.
فقدت الثقة بنفسي تماما، وزوجتي تشعر بذلك وأصبحت إنسانا غير طبيعيا، ولكنني أحاول أن أخفي عنها بقدر الإمكان، أصبحت لا أحب العمل، أنتظر عودتي إلى البيت بفارغ الصبر لعدم رغبتي في أي شيء، وحصلت لي بعض الأعراض بسبب هذه الحالة :
أولا: لا يمر أسبوع إلا وأحلم أن زوجتي تخونني وأقوم من الفراش، وأتمنى الموت بسبب هذا الحلم.
ثانيا: أصبحت كثير المعاشرة الجنسية لزوجتي بطريقة غريبة، لم أكن معتادا عليها بشكل يومي.
ثالثا: يأتيني إحساس أنني لا أستطيع العيش بدون زوجتي، وأوقات أشعر أنني لو طلقتها سأرتاح.
رابعا: لو حدثت الآن أي مشكلة بسيطة جدا بيني وبين زوجتي، ترجع لي الحالة النفسية وتزداد علي.
فمنذ أن فضلت زوجتي والدها علي وأنا مصاب بتلك الحالة النفسية، زوجتي هذه التي كانت تحبني حبا جنونيا لدرجة أنها طلبت مني الدخول عليها أيام الملكة بدون علم أهلها، وأنا رفضت خوفا عليها، والآن تفضل أهلها علي.
أخي المستشار: أعطني حلا سواء كان علاجا أو أن أذهب إلى طبيب نفسي، وأنا سأمشي على خطواتك بإذن الله، فأنا أشعر أنني مصاب بشيء نفسي غريب، فكل الأمور من حولي مرضية، وزوجتي تحاول إرضائي الآن، ولكن ما زلت حزينا جدا، أرجوك خلصني من هذا الإحساس أريد استعادة الثقة بنفسي، أشعر أنني لن أرتاح إلا إذا شعرت أنني أستطيع الاستغناء عن زوجتي، إذا أردت ذلك فأنا أشعر أنني مفتون بها.
جزاك الله خير الجزاء، آسف جدا على الإطالة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى ثقتك بهذا الموقع.
وكما أنه أعجبني تماما التنسيق، والتدرج المنطقي لرسالتك، والتي عكست وبصورة جلية حالة الشعور والقلق الوساوسي الذي تعاني منه، ويظهر أن ذلك انعكاسا لشخصيتك، فأنت تحمل جوانب الطيبة وفي ذات الوقت القلق، وعندك أيضا بعض الشكوك الوساوسية، وبصورة واضحة وجلية.
أخي: يظهر لي أن التوافق المتميز بينك وبين زوجتك، لا أقول جعلك تطلب مساحة أكبر في الشراكة الزوجية، لكن ربما يكون بصورة لا شعورية، كنت تود أن تكون زوجتك مستكينة دائما لما تطلبه ليس لأنك رجل متسلط، ولكن هذا الذي عهدته فيها من طيبة ومرونة، بعد ذلك حدث نوع من التصادم القيمي الداخلي حين شعرت أن زوجتك قد رفضت الانصياع لتوجيهك، ولم تحضر مباشرة للم الشمل، وفضلت أن تنقاد وتنساق وتطيع ما قاله والدها، وأنت وضعتها في ميزان دقيق جدا، وضعتها في ميزان القبول لوالدها والرفض لك.
ثم بعد ذلك بدأ لديك الشعور الكدري والشعور بالكرب البسيط، وعسر المزاج، وهي بالطبع كلها إفراز ناتجة من القلق الوسواسي الذي تعاني منه، وشخصيتك أيضا تحمل سمات الطيبة والبحث عن المثالية، وهذا يجعل الإنسان يفتقد المرونة في بعض المواقف، وهذا كله ينتج عنه اكتئاب ثانوي من الدرجة البسيطة، وأعتقد أن هذا هو الذي تعاني منه.
أخي الكريم: تفهمك لطبيعتك هو الحل الأساسي، وحاول أن تراجع نفسك وتدرك الأمور الإيجابية في حياتك، لديك زوجة صالحة، والأم الرؤف، وهذه إيجابيات كبيرة.
حاول أن تدعم علاقتك بزوجتك فيما هو إيجابي، وتغاضي عن السلبيات، وحاول أن تجد لها العذر.
أخي: كثيرا ما نجد أنفسنا في وضع تصادمي مع من نحب، وهذا ينتج لأننا نريد أن نكون مثاليين، وأن يكون هناك نوع من التماثل أو التطابق أو التماهي وهذا لا يمكن أن يحدث، حتى أن كثيرا من علماء السلوك يحتمون علينا أننا يجب أن نقبل الآخرين كما هم، لا كما نريد، ونحترم حيزهم النفسي والوجداني.
ربما يكون هناك نوع من المبالغة في مثل هذا النوع من التفكير، لكنه عموما يستحق أيضا التأمل كفكر سلوكي راشد وجيد.
أخي الفاضل: أنت مطالب بأن تحسن الظن، وتعرف أن حياتك الزوجية أفضل مما تتصور، وتصرف انتباهك لما هو إيجابي، ولا تكون حساسا حيال تصرفات زوجتك.
بالنسبة للرغبة الجنسية الجامحة، كثيرا ما تكون مثل هذه الأمور عقوبة للذات، وعقوبة للزوجة، أنا لا أريد أن أضع لك تفسيرات فلسفية أو تحليلية، لكن أعرف أن بعض الأزواج حين يكون هنالك سوء توافق أو احتقانات نفسية لم يفصح عنها من الطرفين أو طرف واحد، يحدث هنالك شيئا من الإسراف أو التعاطي مع المعاشرة الزوجية.
إذاً -أخي الكريم-: أنت على خير، وفي خير وكل الذي تحتاجه هو التفكير الإيجابي وتوازن الأمور، وتحمل شيء من الأذى، ومساندة زوجتك فيما هو إيجابي ومحاولة التغاضي عما هو سلبي.
أنت لست في مصيبة، فأنت سعيد فقط ينبغي عليك أن تستشعر ذلك، وتكثر من الدعاء واصرف انتباهك عن السلبيات بالإصرار على ما هو إيجابي، وحاول أن تكون مبدعا في عملك، وتواصل اجتماعيا، ومارس الرياضة واخرج مع أسرتك للترويح عن نفسك وعن أسرتك.
أعتقد أنك لو تناولت عقارا بسيطا، والذي يعرف باسم بروزاك، ويعرف باسم فلوكستين بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة 3 أشهر سوف يفيدك كثيرا.
بارك الله فيه وجزاك الله خيرا.