خجل شديد وانطوائية وعدم حب للمذاكرة .. هل السبب الحسد أم الإنترنت؟

2020-04-12 01:04:07 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:

في البداية: أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع، إنه بالفعل من أفضل المواقع التي تصفحتها، تبارك الله, جزاكم الله خيرًا, وبارك فيكم.

أنا طالبة في المرحلة الإعدادية –المتوسطة- أعاني من الخجل الشديد، وهذا يضرني؛ فأنا لا أحب الخروج من المنزل إلا للمدرسة، ولا أحب أن أتغيب عنها أبدًا، لكني لا أحب الخروج للتنزه أو للتسوق، وهذه لم تكن عادتي في البداية، بل كنت أحب الخروج جدًّا سواء للمدرسة, أو للتنزه, أو غيرها, وأيضًا أصبحت لا أشارك المعلِّمة في الفصل، ولا أحب أن أرفع يدي؛ لكي أُجيب على السؤال الذي تطرحه، حتى لو كنت أعلم الإجابة، فأنا أخشى أن تكون إجابتي خاطئة, وأُحرَج أمام صديقاتي، لا أثق بنفسي أطلاقًا، وأصبحت لا أحب المذاكرة، ولا أذاكر مع أني أريد المذاكرة، ولكني لا أقدر؛ فأنا أشعر بعدم الرغبة بها، وأحب أن أقرأ أي كتاب، سواء كانت كتبًا مدرسيةً أم غيرها، إلا كتبي المدرسية.

لا أعلم هل هذا بسبب حسد أم بسبب تعلقي بالإنترنت؟ فقد أصبحت أفكر في الإنترنت دائمًا، حتى عندما أذاكر كنت أعتقد أن الإنترنت والمنتديات والتعرف على صديقات من شتى البلدان سيساعدني على التخلص من خجلي! لكن مشكلتي زادت؛ فأنا مازِلت كما أنا خجولة جدًّا, ولا أثق بنفسي إطلاقًا، ومستواي الدراسي قلّ قليلاً، علمًا بأني كنت في السابق ممتازة، ومن أفضل المتفوقات, وأيضًا أخاف منذ صغري من جميع الحيوانات, وخصوصًا القطط, والطيور, والحشرات, والظلام, والمرتفعات.

بصراحة يعجبني أنني خجولة، لكن خجلي فوق الحد, ويؤثر عَلَيّ جدًّا, وأصبحت أنسى كثيرًا هذه الأيام, مع أن الكثير يقول: إن ذاكرتي قوية، فأنا مثلًا أنسى ما كنت أفكر به منذ دقائق، وأنسى أين وضعت الشيء، ومتى حدث الأمر، لا أعلم هل هذا بسبب أني أفكر كثيرًا فأنا طوال الوقت أفكر, ولا أحب أن يتكلم معي أحد؛ لأنه يقاطع تفكيري.

أنا مترددة جدًّا ومتوترة دائمًا، وأشعر أن عقلي لم يَعُدْ كما كان، فقد كنت ذكية جدًّا، وذاكرتي قوية, ومتفوقة جدًّا في الدراسة، وأحصل على أعلى الدرجات، ولكني أصبحت الآن أنسى بسرعة، وأصبحت لا أرغب في المذاكرة حتى تراكمت عَلَىّ المواد.

لا أستطيع أن أؤدي الأعمال المنزلية، رغم أن الأعمال المنزلية في صغري كانت متعة بالنسبة لي، وكنت أساعد والدتي في الكثير من الأعمال.

وأنا ملتزمة بالصلاة ,وقراءة القرآن, ولكني أتكاسل كثيرًا عن الصلاة فقليلًا ما أؤدي صلاةً في وقتها، وأنا غير اجتماعية إطلاقًا، وأخشى التعامل مع الناس.

لقد حاولت أن أمنع نفسي من الجلوس على الإنترنت بضعة أيام، ولكن ذهني كان شاردًا في التفكير به دائمًا، أنا غير راضية عن نفسي إطلاقًا، ولا أدري ماذا أفعل؟ وأطلب مساعدتكم -إذا سمحتم-.

وشكرًا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ريحان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله لك العافية والشفاء, والتوفيق والسداد، ونشكرك على كلماتك الطيبة في حق إسلام ويب.

كل الأعراض التي وردت في رسالتك أعتقد أنها مرتبطة بالمرحلة العمرية التي تمرين بها، ففي مثل سنك هنالك تغيرات بيولوجية ونفسية وفسيولوجية ووجدانية كثيرة جدًّا، قد تجعل الفتاة تكون غير متأكدة من ذاتها، وقد يكون هنالك عسر في المزاج، وشيء من القلق، وهذه المراحل نعتبرها مراحل طبيعية لدرجة كبيرة.

ضعف التركيز, وافتقاد الرغبة, هي دليل قاطع على وجود القلق النفسي الداخلي، كما أن الخجل الشديد الذي عطّل حياتك لدرجة كبيرة، وجعلك تعيشين حياة رتيبة جدًّا دون أي إضافات جديدة، أعتقد أنه جزء من القلق، والذي أصبح أيضًا يأخذ طابعًا وسواسيًا بعض الشيء.

هذه المرحلة مرحلة عابرة، مرحلة سوف تنتهي -بإذن الله تعالى- لكن لابد أن تكون لديك الفطنة والذكاء, والتدبير الذي تدفعين من خلاله نفسك لأن تقومي بعمل ما، وسيكون مفيدًا لك ولغيرك، فهذا مهم جدًّا، بمعنى آخر: يجب أن لا تستسلمي أبدًا لهذا الخمول والتكاسل، وعدم الرغبة في فعل الأشياء.

ضعي برنامجًا يوميًا، هذا البرنامج يجب أن يشمل على أنشطة مختلفة، من الجميل أن لديك رغبةً في الذهاب إلى المدرسة، لكن قولي لنفسك: حين أذهب إلى المدرسة يجب أن أعمل كذا وكذا، أن أُحيِّيَ معلمتي، أن أقابل صديقاتي، حضري مواضيع معينة، اطلعي عليها أولًا, وكوني مجيدة لها، إما بعض المواضيع الدراسية, أو بعض الأمور خارج المقرر الأكاديمي، اطرحي هذه المواضيع مع صديقاتك، وناقشيها.

هذه طريقة بسيطة وجيدة جدًّا، تدفع من ثقتك في نفسك، وتكسر -إن شاء الله تعالى- حاجب وحاجز الخجل الشديد الذي أصبح يسيطر عليك، والذي أرى أنه في الأصل ناتج من حالة القلق التي تعيشين فيها.

حين ترجعين من المدرسة لابد أيضًا أن تلتزمي بجدولك اليومي، فإذا لم تصلي الظهر في المدرسة فيجب أن تصليها بعد القدوم إلى البيت مباشرةً، بعد ذلك تناولي طعامك، خذي قسطًا يسيرًا من الراحة، مارسي بعض التمارين الرياضية في البيت، شاركي في أعمال المنزل، وهكذا.

لابد أن يكون هنالك برنامج، لابد أن يكون هنالك هدف، وحين يكون لديك برنامج وهدف فسوف يكون هنالك تطبيق، ويجب أن تتغلبي على مشاعرك السالبة، ولا تتبعيها أبدًا، إنما تفعلين وتطبقين, وبعد ذلك سوف تجدين أن المشاعر قد أصبحت إيجابية, وقد أصبحت جيدة جدًّا.

موضوع الإنترنت: هذه قضية أساسية رئيسية، إدمان الإنترنت الآن أصبح حقيقة، وأحد الإفرازات السيئة والسيئة جدًّا للإنترنت هو أنه يجعل الإنسان ينكب حول نفسه ليصبح انطوائيًا, لا يتفاعل مع الآخرين؛ لأن التفاعل مع الإنترنت أصلًا هو ذو اتجاه واحد، ويعرف تمامًا أن الذين يدمنون على الإنترنت تكون لديهم إفرازات داخلية في كيمياء الدماغ، هنالك مادة تعرف باسم الدوبامين، هذه المادة محفزة جدًّا ومشجعة جدًّا لأن يستمر الإنسان في مواصلة الاطلاع على الإنترنت والتصفح من موقع إلى آخر، وهكذا.

إذن يجب أن تحدي من هذا الأمر، يجب أن تعرفي أنك تواجهين حالة إدمانية مرضية، ولابد من التوقف عند هذا الحد، ولابد أن تبحثي عن بدائل أخرى جيدة.

نصيحتي الأخرى لك هي: أن تكون لك صداقات فاعلة، فهذا مهم جدًّا، الإنسان يحتاج لمن يعينه من الأخوات والزميلات والصديقات, الصداقات الفاعلة - خاصة مع المتميزات من الطالبات – إن شاء الله تعالى تجلب لك خيرًا كثيرًا، وسوف تجدين القدوة الصالحة في كل شيء، في أمور الدين والدنيا، وهذا يفيدك كثيرًا.

النقطة الأخرى: بر الوالدين، والحرص على ذلك حرصًا شديدًا, وأنا أعرف أنك -إن شاء الله- من البارين بوالديك، لكني أريدك أن تعطي هذا الموضوع أهمية خاصة؛ لأن بر الوالدين يفتح لك أبواب الدنيا والآخرة، ويجعلك أكثر انشراحًا, ويزيل قلقك -بإذن الله تعالى-.

حاولي أيضًا أن تطبقي بعض التمارين الرياضية؛ فالرياضة تحسن من التركيز، وكذلك قراءة القرآن، وأن تشربي كوبًا من الشاي المركز أو القهوة كل صباح، فهذا يحسن أيضًا من دافعيتك بصورة ممتازة جدًّا.

أريدك أيضًا أن تطرحي على والديك أنك ربما تكونين في حاجة لعلاج دوائي يسير ليحسن مزاجك, ويزيل عنك هذا القلق.

هنالك دواء يعرف تجاريًا باسم (فلوزاك), يناسب عمرك تمامًا، لا بأس في تناوله، واسمه العلمي هو (فلوكستين), وأنت محتاجة له بجرعة كبسولة واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، وهو دواء سليم وفاعل, وغير إدماني, ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، لكن لا تتناولي الدواء إلا بعد أن تطرحي الأمر على والديك، وإن وافقا بأن تذهبي إلى طبيب نفسي لجلسة أو جلستين فهذا -إن شاء الله- أيضًا سوف يكون مناسبًا, وأكثر فائدة مما ذكرناه لك.

موضوعك بسيط، وأطمئنك تمامًا، وباتباعك لما ذكرناه لك، إن شاء الله تعالى سوف تجدين أن الأمور قد تبدلت تمامًا، فقط ضعي هدفًا في الحياة, واسعي من أجل الوصول إليه، وإن شاء الله تعالى تجدين التوفيق والسداد, وسيكون منهجك -بإذن الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net