عصبية وضعف إيمان وتفكير بالانتحار، فأرشدوني

2012-02-04 21:23:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
أود استشارة الدكتور محمد عبد العليم.

حالتي بدأت من الصغر، فقد كنت أعاني من الخوف من الناس, وأهتم بكلامهم، وفي مرحلة الدراسة كنت أكرهها وكانت هناك مشاكل مع والدتي.

دخلت الصف الثالث الثانوي, ثم امتحنت, فحصلت على نسبة 98% في الفصل الأول، وفي الفصل الثاني لم أستطع إتمام الدراسة، وبالتالي أعدت السنة, وتخرجت والتحقت بالجامعة, ولكن تم قبولي في تخصص لا أرغب به, ومن ثم تركت الدراسة, وحولت إلى جامعة ثانية، وتغيرت حالتي في هذه الفترة، في الماضي كنت لا أصلي, وأشرب الدخان, وأفعل المعاصي، ولكني تبت منها، والحمد الله؛ وأصبحت إنسانًا طيبًا محافظًا, أحب والدي، وفي هذه الفترة لم أستطع الدراسة؛ لأني كنت أعاني من اكتئاب, وقلق, ورهاب اجتماعي، زرت كثيرًا من الأطباء النفسيين, وكان إحساني قوي, وإيماني بربي قوي.

ومن هنا تبدأ المرحلة الثانية عند وفاة والدي العزيز، فقد كنت في الخارج وعند إعلامي رجعت وأدركت الصلاة عليه، تغيرت حياتي إلى إنسان قوي مسؤول، حالة لا توصف من الصبر, واليقين, والتوكل, وفهم الحياة، استمرت معي شهرًا و20 يومًا.
المرحلة الثالثة:
تغيرت من الحالة التي كنت عليها في المرحلة الثانية, وأصبحت إنسانًا لا مبالٍ، كثير الزهق، كرهت الحياة، عصبي على أمي وإخواني، مبذر للمال، أصبحت أمارس الجنس بكثرة، لا أصلي، وغيرها من الصفات السيئة، أفكر في الانتحار, والتخلص من الحياة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فمن خلال سردك الواضح بذاته نستطيع أن نقول: إنك قد مررت بمراحل تقلب فيها مزاجك، وكذلك تقلب فيها سلوكك، وأنا أود أن أفصل بين الاثنين – بين المزاج, وبين المسلك أو السلوك – السلوك هو مسئولية شخصية جدًّا، المزاج قد لا يكون كله تحت إرادة وتصرف الإنسان، يعني أن مسئولية الإنسان حياله قد لا تكون كاملة.

ربما يسأل سائل: كيف يكون سلوكي تحت مسئوليتي حين يكون مزاجي ليس تحت إرادتي ومسئوليتي بصفة كاملة؟ .. الإجابة بسيطة جدًّا وهي أن الإنسان ما دام مستبصرًا, ويفرق بين الحق والباطل, والخير والشر, والخطأ والصواب, فهنا يعتبر مسئولًا مسئولية كاملة عن سلوكه، وذلك مهما كانت مشاعره, ومهما كان مزاجه.

أما في حالة وجود اضطراب وجداني, أو اختلال عقلي فهنا الوضع يختلف تمامًا، ولا شك أن هذا بعيد عنك تمامًا -بفضل الله تعالى-.

هذه المقدمة مهمة؛ لأنني أعتقد أنها تلخص لنا تمامًا المراحل التي مررت بها، ولازلت أنت تمر بها الآن.

أنا بالطبع لا أنكر أن تحسن واستقرار المزاج يساهم كثيرًا أيضًا في تحسن واستقرار السلوك، لكني لا أريدك أيها الفاضل الكريم – وهذا من قبيل التناصح – أن تجد مبررًا للسلوك الخاطئ، خاصة أن الأمر مزعج بالنسبة لك ولنا، وأنت قلت: إنك أصبحت مبذرًا للمال, وأنك لا تصلي، وممارستك للجنس بكثرة، إن كان هذا في الحلال؛ فهذا أمر ليس بالمزعج بالطبع، لكن يجب أن يكون الإنسان وسطيًا في كل شيء.

الذي أراه الآن هو أن تجلس جلسة صادقة مع نفسك، وأن تقيّم الوضع تقييمًا جادًا، وبصورة قوية وثابتة وصلبة، وهو أنك رجل بالطبع, قد أنجزت، تعلمتَ، لديك وظيفة محترمة، شخصية متماسكة، لديك مهارات، فإذن اعتمادًا على هذه القاعدة الجوهرية والمهمة لابد أن يكون سلوكك متوازنًا، وأن تكون مشاعرك أيضًا متوازنة، وأن تصحح مسارك بأن تبتعد عن الخطأ وتنتهج الصواب، وهذا ليس بالصعب، فقط محابس النفس يجب أن تقفل حين تكون ضرورة لذلك، ويجب أن تفتح حين يكون مطلوبًا لذلك.

أنا أفضل أن تقابل طبيبًا نفسيًا؛ لأن حالتك بالفعل تتطلب شيئًا من الرعاية الطبية النفسية المتواصلة, وهذا لا يعني أن علتك صعبة أو مستعصية، لكنها تثير شيئًا من الفضول العلمي، وفي ذات الوقت المساندة الطبية النفسية مهمة؛ لأنها تجعل المعالج يستكشف في كل مرة أمورًا قد تكون خافية عليه, خاصة فيما يتعلق بشخصيتك, والمكونات الإيجابية, وكذلك المكونات السلبية، ومن ثم يستطيع المعالج أن يضع لك جدولًا علاجيًا استشاريًا ممتازًا.

ربما يكون أيضًا من الجيد أن تتناول دواءً يساعدك في تثبيت مزاجك, مع الميول لتحسين حالة عدم الارتياح واللامبالاة التي تعاني منها؛ لأن اللامبالاة كثيرًا ما تكون أيضًا مؤشرًا لوجود اكتئاب نفسي بسيط كقطب اكتئابي مكمّل, أو جزء من الحالة الوجدانية التي تعاني منها.

بخلاف ذلك أنا أريدك أن تعيش حياتك بإيجابية، بقوة، وأن تستدرك نفسك, وأن تتوب عن الذنوب، وأن تحرص على صلاتك، ولا تترك للشيطان مجالًا، احرص على الصحبة الطيبة.

التفكير في الانتحار لا شك أنه خطأ كبير، استعذ بالله تعالى من مثل هذا التفكير، واعرف أن تبعاته خطيرة والقيام به أخطر، وأنت مدرك ومستبصر، وأنت في هذه الأمة المحمدية العظيمة، ادعو الله أن يفرج عنك الكرب، وإن شاء الله تعالى حين تقابل طبيبًا ويصف لك الدواء وتتناوله فسوف تجد أن الأمور قد تبدلت, وأصبحت إيجابية جدًّا.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول تقوية الإيمان والرضا بالقدر والسعادة بالعبادة: (278495 - 2110600 - 240748 - 231202 - 278059).

أسأل الله لك العافية, والتوفيق, والسداد.

www.islamweb.net