الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله الحربي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب، وأنا أذكر بعض رسائلك السابقة، أسأل الله لك العافية والشفاء.
الوسواس القهري – وحقيقة أنا أحب الآن أن أسميه الاستحواذ القهري، وذلك حتى نبعده من الوسوسة ذات الطابع الديني، أو الوساوس بمفهومنا الإسلامي نحوه – والذي إن أصيب به الإنسان علاجه بسيط جدًّا، ويأتي من خلال الاستغفار وقراءة المعوذتين حتى يخنس الشيطان.
الاستحواذ القهري – كما اتفقنا أن نسميه – يمزق الإنسان كثيرًا من الناحية النفسية، وهو مؤلم جدًّا، كان في الماضي يصعب علاجه، لكن خلال العشرين سنة الأخيرة والسنوات الستة الأخيرة على وجه الخصوص، اتضح أن كيمياء الدماغ تلعب دورًا أساسيًا في الإصابة أو استمرارية هذه الوساوس (الاستحواذات).
ما دمنا نتكلم عن كيمياء، وعن دماغ وعن أعصاب، هذا لا يمكن أن يعالج إلا من خلال الأدوية، وهذه حقيقة يجب أن نثبتها ويجب أن نتفق عليها -والحمد لله تعالى- الأدوية الآن أصبحت متوفرة، وأصبح فهم الأطباء لها واضحاً، لكن الإشكالية في أن الإخوة والأخوات الذين يعانون ،أو بعضهم الذين يعانون من هذه الاستحواذات أو الوساوس تجدهم يترددون، ويتشككون حتى في هذه الأدوية.
ليس لهم الصبر أو الدافعية الإيجابية نحو تناولها، لكن الآن -الحمد لله تعالى- يمر علينا الكثير من الإخوة الذين يعانون من هذه الحالات، وحين نشرح لهم، ونوضح لهم نجد أن قناعاتهم قد تحسنت نحو الدواء، ومن ثم يأتيهم الفرج وتختفي الأعراض، بإذن الله تعالى.
الذي أريد أن أصل إليه هو أن أول خطوة علاجية في حالتك هي التركيز على الدواء، وما دام السبرالكس قد أفادك في جانب الهلع ولم يفدك في الجوانب الأخرى، فأنا أقول لك إن بديله هو البروزاك، والبروزاك نفسه اتضح الآن أنه مفيد لنوبات الهلع والهرع، وذلك بجانب فعاليته القوية جدًّا لعلاج الوساوس والاستحواذات، لكن الجرعة يجب أن تصل إلى ستين مليجرامًا في اليوم على الأقل، وهي ثلاثة كبسولات، والبعض قد يحتاج إلى أربع كبسولات في اليوم، ومدة العلاج على هذه الجرعة يجب أن لا تقل عن سنة بأي حال من الأحوال، هذا بالنسبة للفترة العلاجية، أما الفترة الوقائية فيمكن أن تمتد أيضًا إلى سنتين أو ثلاث ولا مانع في ذلك.
الذي أنصحك به هو أن تبدأ في تناول البروزاك، كبسولة واحدة يوميًا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم لمدة شهر، ثم ارفعها إلى ثلاث كبسولات في اليوم، تناول كبسولة في الصباح وكبسولتين ليلاً، استمر عليها لمدة سنة كما ذكرت لك، بعد ذلك خفضها إلى كبسولتين في اليوم لمدة عام آخر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة عام ثالث. هذا من ناحية البروزاك.
أنت محتاج أيضًا لداعم رئيسي للقضاء على هذه الاستحواذات، أقصد بالداعم أنه دواء يدعم فعالية البروزاك، وفي ذات الوقت يساعد في القضاء على الأفكار الاستحواذية الظنانية التي تعاني منها، أرجو أن تتفهم هذه النقطة، أن الدواء الثاني والذي يعرف تجاريًا باسم (رزبريادال) ويعرف علميًا باسم (رزبريادون) هو دواء مدعم وليس دواءً أساسيًا، لكن المدعم ما دام هنالك حاجة له فلن تقل أهمية عن الدواء الأول وهو البروزاك.
الرزبريادون يتم تناوله بجرعة واحد مليجراما ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك تكون اثنين مليجرام ليلاً، تستمر عليها لمدة تسعة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى واحد مليجرام ليلاً لمدة عام، ثم توقف عن تناوله واستمر على البروزاك كما هو.
بعض الناس الذين لديهم مشاكل في النوم ننصحهم بتناول السوركويل، وأنت إن كانت هذه الأحلام ناتجة من ضعف في النوم، فأقول لك إن السوركويل - والذي يعرف علميًا بـ (كواتبين) - سيكون دواءً ممتازًا وفاعلاً وبديلاً مناسبًا للرزبريادون.
جرعة السوركويل هي خمسة وعشرون مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوع، بعد ذلك تكون خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم ترفعها إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم تخفضها إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم يتم التوقف عن تناوله. هذا بالنسبة للعلاج الدوائي.
بالنسبة للأسس العلاجية الأخرى: أنت مستبصر ومدرك بها، فقصتك مع الوساوس الاستحواذية طويلة، ولا شك أنه حدث لك نوع من التطبع والإلمام التام بماهيتها وكيفية مقاومتها.
الوساوس الدينية أرجو أن لا تُناقش، إنما تُحجر وتحقر وترفض، لا نقاش، لا تحليل، لا تفصيل، لا أن ننظر خلف المعلومة. هذا مهم جدًّا، تخاطب صراحة وعلانية (أيتها الوساوس، أنت وساوس، أنت حقيرة، أنت مستحوذة، لا مجال لك في حياتي أبدًا، أغلقتُ الباب أمامك ويجب أن يُغلق) وينتهي الأمر على هذا.
هذا يجب أن يكون نوعًا من الفكر المتصل، ويجب أن تصرف انتباهك من خلال الشروع والدخول في أعمال مفيدة، وهذا لن يأتي إلا من خلال الحصول على وظيفة، والإصرار على الاستمرارية فيها، والحرص بأن تطور نفسك، وعليك اكتساب المعارف، كن من رواد حلق العلم في المساجد وغيرها، مارس الرياضة، هنالك أشياء كثيرة جدًّا أنا أراها غير متوفرة في حياتك، فتغيير نمط الحياة هو الآن من أصول العلاج التأهيلي النفسي السلوكي.
وللفائدة عليك بمراجعة هذه الروابط حول علاج الكوابيس والأحلام المزعجة سلوكيا: (
2744 -
274373 -
277975 -
278937 ).
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.