والد صديقي شكاك ومغرور ومتناقض ومتعجرف.. فكيف يتعامل ابنه معه؟
2012-04-22 07:52:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
لا أدري من أين أبدأ ولا أين سأنتهي، فالمشكلة التي سأذكرها عويصة جداً، وهي لأحد أصدقائي المقربين لي، بل هو أكثر من أخي، فهو يعاني من هذه المشكلة مع أسرته، وسأسردها ، وأرجو أن تساعدوني أو تشخصون أبجدياتها، وجزاكم الله خيراً.
إنني أكتب لكم هذه السطور بغية المساعدة؛ لأن صبرنا نفذ.
أسرة مكونة من أب وأم وبنت وثلاثة أبناء، الأب أناني ومنفرد، ومتعصب لآرائه، وشكاك، ومتناقض، ومغرور، يتصرف وكأنه جنرال في البيت، هو الآمر الناهي، يستعمل الضرب المبرح ، ويوبخ زوجته وأبناءه عند أي أحد.
هو صاحب الرأي الصحيح دائماً والباقون ما هم إلا أناس نصابين وكذابين وفاسدين وفاشلين.
يضيق الخناق على أبنائه حتى إنه يمنع عنهم الجوالات، وقد كبروا في السن ووصلوا لسن الرابعة والعشرين، ويعامل الصغير صاحب العشر سنوات بعقلية الكبير صاحب الأربع وعشرين سنة.
كثير الكذب والشكوك، لا يصدق أحداً، لئيم في تعامله مع الناس، فمن خدمه يشكره أمامه ويلعنه من خلفه، ويعتقد أن على جميع الناس أن يخدموه، وإن لم يخدموه فهم مقصرون في حقه.
مصاب بعدة أمراض: الضغط والسكري وما إلى ذلك، مع أنه ليس بعجوز، فعمره 47 سنة.
فارقه جميع أصدقائه وزملاء دراسته بسبب طبعه، وهو كثير المشاكل مع إخوانه، وتجده أحياناً حنوناً ومرة أخرى متعجرفاً، وأحياناً طيباً وأخرى شريراً.
يأمر أولاده بما لا يفعله، فمثلاً يطلب منهم الصلاة في المسجد وهو لا يصلي في المسجد.
طموحٌ جداً، وأكاذيبه خيالية.
هذا الأب جعل أسرته تكذب عليه في كل الأمور حتى لا تحصل كل يوم مشاكل، ولكنهم سئموا من الكذب، وإذا صارحته جن جنونه ومرض، وإذا كذبت عليه ومدحته ارتاح لك.
هذه هي الحالة باختصار، فأرجو منكم إخواني إذا هنالك تشخيص لهذه الحالة علمياً أن تمدونا به وبكيفية التعامل معه، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مراد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أشكرك أخي الكريم على اهتمامك بأمر هذا الأخ، وأسأل الله تعالى أن يعافيه.
وصفك لحالته واضح جدا، لكن -أخي الكريم- أقول لك وبكل أسف: إنه ليس من الصحيح علميا وليس من الإنصاف أن تشخص حالة أي إنسان دون إكمال المحاور التشخيصية الأخرى، وهي فحص الشخص، وكذلك إجراء بعض الاختبارات النفسية عليه، ونحن الآن لدينا محور واحد وهو الأوصاف التي أرسلتها لنا، وأنا أثق تماما في ذلك -أي في دقة معلوماتك- لكن المحاور الأخرى غير متوفرة، والطبيب النفسي مهما أوتي من معرفة واقتدار يكون قد أخطأ خطأ جسيما إذا اعتبر محوراً واحداً هو المحور التشخيصي، فالذي أستطيع أن أقوله لك -أخي الكريم- إن هذا الأخ ربما يكون يعاني من علة في شخصيته ، أو أنه يعاني من اكتئاب نفسي جعله لا يتحكم في اندفاعاته وانفعالاته، وربما يكون قد تطبع على نهج تربوي من الصغر ثم سار على نفس المنوال.
إذاً: الاحتمالات كثيرة جداً، لكن أعتقد أن لب الأمر يتعلق حول شخصيته.
أما كيفية التعامل معه، فعلى الناس أن تسعى لأن تتجنب ما يثيره، وأبناؤه عليهم شيء من التحمل ومحاولة بره، واستغلال اللحظات الجميلة حين يكون مزاجه أفضل، هذه اللحظات يمكن استغلالها وذلك بالتقرب إليه، وإبداء الود حياله، وكل إنسان لديه عاطفة، وكل إنسان لديه مشاعر ، لكن هذه المشاعر كثيراً ما تكون مختزنة أو سائرة في الاتجاه الخاطئ، فبعض الناس تجد أن لديهم مقدرات متميزة جدا لكنهم يفتقدون ما يسمى بالذكاء العاطفي، والذكاء العاطفي -حقيقة- هو المكون الرئيسي لكيفية أن يتعامل الإنسان مع الآخرين، وأن يعطي كل مقام حقه، ويتصرف التصرف الصحيح الذي يتطلبه الموقف.
أخي الكريم: ما ذكرته لك هو نوع من العموميات، لكنه مهم، وهو أن نشعر هذا الشخص أيضا بكينونته، وأنه هو رب الأسرة، ويمكن التناصح معه عن طريق الأصدقاء إذا كان ذلك ممكناً.
أيضاً: يمكن إخبار طبيبه الذي يشرف على علاج السكري مثلاً أنه يعاني من بعض الانفعالات وعدم التحكم في مشاعره في بعض الأحيان، ويمكن للطبيب أن يتناصح معه أو حتى يعطيه بعض الأدوية المضادة للقلق والتوتر، ويعرف أن كثيراً من مرضى السكر لديهم انفعالات نفسية سالبة جداً.
ختاماً: يمكن أن يكون إمام المسجد مصدر خير وبركة لتغيير سلوك هذا الأخ، وتوجيهه بلطف ومودة، والذي نتمناه جدا هو أن يقبل هذا الأخ بالذهاب إلى الطبيب النفسي، وأعرف أن ذلك قد يكون غير ممكن، لكن بشيء من الصبر والتقرب إليه بواسطة شخص يثق فيه ربما يقبل أن يذهب إلى الطبيب النفسي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأسأل الله له العافية والشفاء، وأشكرك على اهتمامك بأمره.