أم زوجي تتدخل في خصوصياتي، فكيف أتعامل معها؟
2012-05-08 09:36:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعيش في بيت أهل زوجي، أمه أرملة، حماتي تدخل إلى غرفتي دائمًا بغيابي، تعرف كل شيء داخل الغرفة: شباكي نظيف أم لا؟ خزانتي مرتبة أم لا؟ أيضًا تستخدم أشيائي.
ذات مرة كانت غسالتهم لا تعمل فكنت أسمح لهم أن يستخدموا غسالتي، مع أنني كنت أتضايق لأنهم كانوا يدخلون إلى غرفتي من غير إذني، والآن زوجي اشترى لهم غسالة، ولكن ما زالت حماتي تستخدم غسالتي، وتدخل إلى غرفتي، أنا متضايقة من هذا الشيء جدًّا، حتى أنها لا تسمح لنا أن نغلق باب الغرفة علينا، وتدعو علينا (الله يغلقها بوجهكم إذا أغلقتم الباب).
أنا متضايقة فهم يدخلون إلى غرفتي، ويستخدمون أشيائي، لا يوجد خصوصية نهائيًا، والآن أنا وزوجي بيننا مشاكل بسبب هذا الموضوع, ماذا أفعل؟ ضاقت بي الدنيا، لا أحب البيت نهائيًا، وأصبحت لا أحبهم أبدًا؛ لأنهم مصدر إزعاج لي، غير ذلك أنها تتدخل بكل شيء، وتتدخل في تربيتي لأبنائي، ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ولا يخفى على أمثالك أن من الأمهات من تغار من زوجة الابن التي جاءت لتشاركها في جيبه وفي حبه، وأن تعلمي أن من الأمهات الأزواج فيهنَّ نوع من الفضول، ونوع من الرغبة والتعرف على أحوال الناس، فكيف إذا كان هؤلاء الناس هم الابن وزوجة الابن.
فنسأل الله تعالى أن يعينك على الصبر، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأرجو أن يُدرك هذا الزوج أن عليه أن يوفر لك البيئة الصالحة التي تجدي فيها الخصوصية، وتجدي فيها ما تحتاج إليه كل امرأة، لكن هذا الأمر قد يحتاج منه إلى وقت، وقد يحتاج إلى نوع من المحاولات مع مثل هذه الوالدة التي ربما لا ترضى بأن تسمع منه مثل هذا الكلام.
ولذلك ينبغي أن تصبري عليها، وتعتبريها مثل الوالدة، وتحرصي على ألا تظهري لها هذا الضيق؛ لأن إظهار الضيق منها والتضجر منها قد يزيد سعارها واشتعالها فيما تفعل، وزيادة غضبها عليك وعلى ابنها، ولكن نحن دائمًا مع أن يكون الابن هو الذي يتكلم، زوجك هو الذي يوفر لك هذه الخصوصية، وإذا أردت أن توصلي رسالة فينبغي أن تكون عن طريقه هو، وكم تمنينا أن يُدرك أمثال هؤلاء الأزواج أن الله -تبارك وتعالى- الذي أمرهم ببر الوالدة هو الذي أمرهم بالإحسان إلى الزوجة، وأن الله -تبارك وتعالى- الذي يحاسبهم على عقوق الأم هو الذي يحاسبهم على ظلم الزوجة, والتقصير في حقها.
وليت الرجال أدركوا أيضًا أن مثل هذه المرأة تحتاج أن تُكرم، وإلى أن يشعر الرجل بمعاناتها، فشعور الرجل وتقديره لمعاناة زوجته بصبرها على أهله، هذا يعطي المرأة قوة كبيرة جدًّا في التحمل والصبر، فإن المرأة بحاجة إلى دعم معنوي، بحاجة إلى مشاطرة ومشاركة معنوية في مثل هذه المواطن، ومعظم الرجال بكل أسف أدهى من ذلك، يخاصم زوجته وينزعج ويرفع صوته عليها، فلا تجد المسكينة المعاملة الحسنة من أهله، ولا تجد منه كذلك التفهم لمعاناتها.
لذلك أيضًا نحن نتمنى أن يتفهم الرجل هذا الوضع، وأرجو -وقد كتبت إلينا، وهذا دليل على أنك عاقلة وفاضلة- ألا تكثري من الشكاية من أهله خاصة في الأمور المألوفة المعروفة، فأعتقد أنه عرف أن أمه مزعجة، وأنها تدخل، وأنها تبحث، فليس هناك داعٍ لتكرار هذه الأسطوانة يوميًا؛ لأن هذا يؤلم الزوج، ويدفعه إلى الانفعال، فقد يصعب عليه تغيير هذه الأم بعد هذه السن، ولكن عليك أنت وعلى زوجك الشاب أن تصبروا وأن تحتملوا، ونحن نعتقد أن الحياة لن تطول بهذه الطريقة، وإذا كان الرجل معك واختارك من بين سائر النساء، وأنت مرتاحة مع زوجك فلا تجعلي هذه التدخلات سببًا لخراب بيتك، أو لتطور المشاكل بينك وبين هذا الزوج، الذي حقيقة لا نحمد فيه هذه السلبية، ونتمنى أن يكون له دور، وأن يؤدي هذا الدور بحنكة ومنتهى الحكمة.
نحن لا نريد أيضًا أن يؤذي أمه أو يجرح مشاعرها، أو يؤذيها، أو يغلق الباب في وجهها إذا كانت أمام الباب، ولكن أيضًا ينبغي أن يحفظ لك الخصوصية، وأن يكون هو الذي يتكلم إذا غضبت الوالدة لأن الباب مغلق، ينبغي أن يرد عليها، ويبين لها أن هناك أحوالاً ينبغي أن يكون فيها الإنسان يعيش وضعه الخاص، ولذلك الشريعة شرعت آداب الاستئذان، فلا يجوز للإنسان أن يدخل على آخر إلا بعد أن يستأذن في الدخول حتى ولو كان أباه أو أمه، فالإنسان قد يرى أشياء يكرهها، قد يرى أشياء تترك في الإنسان أشياء سالبة، وقد يوقع نفسه والناس في حرج عندما يدخل إلى غرف الناس وإلى بيوتهم دون استئذان.
وأرجو ألا تنزعجي لاستخدامها لأشيائك الخاصة، فإن هذا لون من الطمع في مال ولدها، ونوع من السيطرة على الولد، وعلى أمواله، وطبعًا هناك أمهات يربين الأبناء بطريقة معينة، ولكن مع الصبر ومع التفهم لهذا الوضع، ومع معاملة هذه الأم (الحماة) على أنها أم تهون عليك الأمور، وتسهل أمامك -إن شاء الله- الأمور، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبنا وذنبك، ولا تجعلي هذه المواطن سببًا لكراهية البيت أو لكراهية الزوج، ولكن الإنسان ينبغي أن يتعامل مع مثل هذه الأوضاع خاصة عندما تكون أم الزوج جاهلة، أو أن هناك من يحضرها، أو هناك ثقافة مُشاعة في البلد المعين أو في المكان المعين، والإنسان ينبغي أن يتفهم أوضاع الناس ويداريهم ويعاملهم بما تقتضيه الحكمة وبما تقتضيه المصلحة، ولا تقفي عند كل صغيرة وكبيرة، فإن الكثير الكثير في الحياة يؤلم، والإنسان ينبغي أن يتغافل عن الصغائر ويمضي في سبيله، ويشتغل بمعالي الأمور.
نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونوصيك وأنفسنا بتقوى الله تبارك وتعالى، فإن فيها المخرج وفيها النجاة، وندعوك أيضًا إلى أن تتفهمي هذا الوضع، وتستعيني بالصبر والصلاة، تستعيني بالذكر والاستغفار، واللجوء إلى الله -تبارك وتعالى-، وحاولي تقليص فرص الاحتكاك والخصام جهدك ما استطعتِ، ونتمنى أن يتفهم الرجل هذه المعاناة، وأن يهيأ لك الوضع الشرعي الذي أعطاكِ الله إياه والذي يُرضي الله.
وفي النهاية: ننبهك بأن الاسم الذي سميت به هذه الاستشارة لا يجوز التسمي به، وهو (لا إله إلا الله) أو (الله) أو نحو ذلك، فإن هذا لا يجوز تسمي الإنسان به.
أستغفر الله لي ولكم، وجزاكم الله خيرًا.