أحاول أن أقوي إيماني، ولكن دون جدوى... فكيف أكون قريبة من الله؟
2012-05-13 19:43:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ سنة تقريبا، وأنا أحاول أن أقوي إيماني، ولكن دون جدوى، هذا كل ما توصلت إليه: عرفت توحيد الربوبية, وأنه الفرق بين المسلم والكافر هو توحيد الربوبية، وعبادة الله سبحانه وتعالى، وأن العبادة تنقسم إلى طاعات، وعبادة جوارح، وتوحيد الألوهية، وبعض معاني الأسماء والصفات.
غير أني أشعر أن ذلك لم يضف لي شيئا إذ بقي حبرا على ورق، أو أفكار لا أعلم كيف أستطيع تطبيقها؟ أو كيف تكون واقعا عمليا؟
وما زاد الطين بلة، المحيط المثبط الذي أعيش فيه، لا أدري ماذا أفعل؟
أريد أن أذهب لأداء مناسك العمرة، لكن لا محرم لي، أين الخلل؟ أين المشكلة؟
ربما هناك مشكلة في علاقتي مع الله؟ أو في توحيدي؟ أو في عباداتي؟ ولكن كيف أستطيع أن أتجاوز ذلك؟
كيف يعبد الإنسان الله حق عبادته؟ يقولون إن الإنسان لا يستطيع عبادة الله، وأنه لا يصل إلى درجات أعلى إلا بتوفيق من الله وتقدير منه، فدعوت الله، وفعلت ما بوسعي .... لكني دائما أكون مقصرة رغم حرصي، ورغم دعواتي .. فلمَ أنا على هذا الحال؟
يقولون الذنوب، ولكني أبذل ما في وسعي، لا أعلم أين الخطأ أو الخلل؟ ما سبب ذلك؟
ولا أريد أن أبقى أتخبط في الظلمات، تعبت، لا أستطيع أن أحتمل هذا الوضع.
أشعر أن هناك حاجزا بيني وبين ربي هناك ما يمنعني لما لم يجعلني الله من المقربين؟ قل ذلك من عند أنفسكم.
غير أنني لم أستطع أن أتحسن، فما السبيل؟ لقد ضقت ذرعا من نفسي.
أفيدوني ...جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك حرصك على التقرب من الله تعالى، ونسأل سبحانه وتعالى، أن ييسر لك هذا السبيل، فإن التوفيق فضلٌ منه ورحمة، والحرمان عدلٌ منه وحكمة.
ونوصيك أيتها البنت الكريمة والأخت العزيزة بأن تأخذي بالأسباب الصحيحة، وتنهجي المنهج السديد في التقرب إلى الله تعالى، فإن الطريق الموصل إلى الله أوضحه الله سبحانه وتعالى في كتابه أوضح بيان، وبيّنه لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بيانًا كافيًا شافيًا، فتركنا على المحجة البيضاء، وقد دلنا - عليه الصلاة والسلام – على الطريق القصير الموصل إلى رضوان الله تعالى، وبسلوكه يصير الواحد منا – رجلاً كان أو امرأة – واحدًا من أحباب الله، فقال لنا -عليه الصلاة والسلام – كما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه -: (يقول الله تعالى: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بأفضل مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولأن سألني لأعطينه، ولأن استعاذني لأعيِذَنّه، وما ترددتُ في شيء ترددي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته).
فهذا الحديث القدسي العظيم بيّن الله تعالى فيه الطريق الموصلة إلى حب الله، وكيف يكون الإنسان من أولياء الله المقربين عنده، وبيّن سبحانه في هذا الحديث أن أفضل ما يتقرب به الإنسان إلى ربه أداء الفرائض التي فرضها الله عز وجل عليه، سواء كانت فرائض قلبية كحب الله تعالى، وحب رسوله، وحب دينه، وحب المؤمنين، والخوف من الله تعالى، والتوكل عليه، ورجاء ما عنده من الخير، ونحو ذلك من الأعمال القلبية، وكذلك ترك المحرمات القلبية كالحسد والبغضاء لعباد الله المؤمنين، ونحو ذلك من المحرمات، والأعمال الظاهرة – أعمال الجوارح – سواء كانت باللسان أو بباقي الجوارح، وأهمها أركان الإسلام، كأداء الصلوات الخمس، وصوم رمضان، وأداء الزكاة لمن كانت عليه الزكاة، وحج البيت أو العمرة لمن توفرت فيه شروط وجوبهما وأدائهما.
ثم الفرائض الأخرى كصلة الرحم وصدق الحديث، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر الاستطاعة، ونحو ذلك من الفرائض. فهذا أفضل ما يتقرب به الإنسان المسلم إلى ربه سبحانه، وهذا الحديث نصٌ في هذا المعنى (وما تقرب إليَّ عبدي بأفضل مما افترضته عليه).
ثم بيّن سبحانه وتعالى أن مما يوصل إلى الله ويقرب الإنسان من ربه الاستكثار من النوافل بعد أداء الفرائض، وهذا بوسعك أن تستكثري منه ما استطعت، وأن تسألي ربك أن يوفقك وييسره لك، فأكثري من نوافل الصلاة، وأكثري من نوافل الصوم، والصدقة، والذكر، ونحو ذلك من الأعمال.
وكوني على ثقة بأنك إذا جاهدت نفسك لله تعالى، ولزمت هذه الأعمال، وصبرت عليها، فإن الله عز وجل سيفتح أمامك أبواب السعادة، وستجدين لذة الطاعة والمنجاة لله تعالى.
ولا تستطيلي الطريق، فإن الله عز وجل سييسر لك الخير إذا علم منك صدق الإقبال والرغبة، وقد وعد سبحانه وتعالى بالهداية من جاهد نفسه، فقال جل شأنه: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.
ومع علمته من مباحث العقيدة أيتها الكريمة من صفات الله تعالى وأسمائه وتوحيده سبحانه وتعالى توحيد الألوهية – أي توحيد العبادة – ينبغي أن يكون قاعدة تبني عليها أعمالك الطيبة، فإن التوحيد الخالص والعقيدة الصافية إذا رسخت في القلب بعثت صاحبها على العمل، فإيمان الإنسان بأسماء الله وصفاته يبعثه على مراقبة الله تعالى، والتقرب إليه، ورجاء فضله سبحانه وتعالى، والطمع فيما عنده من الخير، فهذا هو مقتضى الإيمان بأسماء الله وصفاته.
ننصحك أيتها الكريمة بأن تتعرفي على النساء الصالحات الداعيات الطيبات، فإن الجلوس معهنَّ والاستفادة منهنَّ من أعظم الأسباب التي تعينك على فعل الطاعات، وكذلك نوصيك بدوام الاستماع للمواعظ التي ترقق القلب وتذكر باليوم الآخر، وتحيي في النفس الأمل والحب والرجاء لما عند الله تعالى، فهذا من المحفزات التي تقويك على العمل والطاعة لله جل شأنه.
لا تيأسي أيتها الأخت، ولا تسمحي للشيطان أن يقنطك من رحمة الله ومن فضله، فإن رحمة الله قريبة من المحسنين - كما أخبر في كتابه الكريم - فأحسني ظنك بالله، وتوكلي عليه، واستعيني به، فإن الدين يقوم على قاعدتين: العبادة لله، والاستعانة به، كما قال جل شأنه: {إياك نعبد وإياك نستعين}.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يأخذ بيدك إلى كل خير.