الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فما وصفته هو نوبات هرع وفزع واضحة جدًّا، وأعراضك حقيقة تنطبق عليها المعايير التشخيصية التي وردت في التشخيص العالمي العاشر، أو في التشخيص الإحصائي للجمعية الأمريكية للأطباء النفسانيين رقم أربعة، فأعراضك واضحة جدًّا وقد أعجبني حقيقة الطريقة التي تمت عرض هذه الأعراض من خلال ما كتبته.
يجب أن نتفق على شيء وهو أن نوبات الهرع مزعجة – هذه حقيقة – وهي مزعجة في بداياتها، لأنها تجربة غريبة جدًّا على الإنسان، الإنسان حين يأتيه ضيق في الصدر وتسارع في ضربات القلب وخوف شديد وشعور بدنو الموت، هذه تجربة فظيعة ولا شك في ذلك.
وإشكالية نوبات الهرع دائمًا تجد الذين يصابون بها يتجاولون بين الأطباء، قد يبدؤون بطبيب القلب ثم من هنا وهناك، علمًا بأن هذه الحالة هي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالطب النفسي، وإن كانت هنالك دراسات تشير الآن أن بعض الذين يعانون من نوبات الفزع لديهم ارتخاء بسيط في الصمام الميترالي في القلب، وهذه تعتبر حالة حميدة جدًّا. الناس تخاف حين يقال أن الأمر له علاقة بالقلب، لكن هو ارتباط فيه شيء من الصدفة، وعمومًا حوالي عشرة بالمائة من الناس يعانون من ارتخاء في الصمام الميترالي، ويتم اكتشافه أيضًا عن طريق الصدفة قدراً.
لا شك أن مكونات العلاج ليست هي الدواء فقط، نعم الدواء مهم والسبرالكس دواء رائع ورائع جدًّا، ويعرف عنه أنه يخفف الأعراض كثيرًا، وهنالك أدوية أخرى كثيرة قد تكون مساعدة للسبرالكس، لكن الجوانب الأخرى في العلاج مهمة أيضًا وهي الجوانب السلوكية، وأهمها أن يتفهم الإنسان طبيعة نوبات الهرع، وهذه النوبات في بعض الأحيان تكون مرتبطة بما نسميه برهاب الساح/الساحة – أي الإنسان يحس بالخوف حين يكون لوحده، وقد لا يتمكن أن يذهب إلى الأماكن المزدحمة أو تأتيه النوبات وسط تجمعات مثلاً - .
الحمد لله أنت ليس لديك هذا الجانب، وطريقة العلاج كما ذكرت لك هي:
أولاً: التفهم، والتفهم أن الحالة مزعجة ولكنها ليست خطيرة، هي نوع من أنواع القلق الحاد، لا أحد يعرف أسبابها على وجه الخصوص كالكلام عن العوامل المرسبة مثل الوراثة، والكلام عما نسميه بالعوامل المهيأة وهي التجارب الحياتية التي قد تكون سبق أن تعرض لها الإنسان في طفولته بنوع من التخويف ولم يعيه في ذاك الوقت، وظهر الآن في شكل هذا الخوف، وهنالك نظريات أخرى كثيرة جدًّا.
ثانيًا: التفكير الإيجابي مهم جدًّا كعلاج أساسي لنوبات الهرع، وأنت الحمد لله تعالى لك أشياء طيبة في حياتك، فيجب أن تتذكريها دائمًا.
ثالثًا: التجاهل.
رابعًا: عدم الإكثار من التردد على الأطباء.
خامسًا: تطبيق تمارين الاسترخاء بكل دقة – وهذا مهم جدًّا – وإذا ذهبت إلى طبيب سوف يقوم بتدريبك عليها، وإن لم تذهبي فإليك بعض الاستشارات السابقة التي بها كيفية تطبيقها، وهي برقم (
2136015).
سادسًا: من المهم جدًّا أن تغيري نمط حياتك، تجعليها مفعمة بالأنشطة، التواصل الاجتماعي، ممارسة الرياضة التي تناسب النساء، الصلاة في وقتها، الدعاء... هذا كله يقلل كثيرًا من فكرة الخوف.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي فالسبرالكس علاج ممتاز، وأنا أفضل حقيقة أن تكون الجرعة عشرين مليجرامًا لمدة ستة أشهر على الأقل، بعدها يمكن أن تخفض الجرعة إلى خمسة عشر مليجرامًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى عشرة مليجرام لمدة ستة أشهر، ثم لخمسة مليجرام لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة لشهر آخر، وهكذا، والمنهج الذي انتهجتْه طبيبتك أيضًا هو منهج جيد وممتاز وأنا أقره تمامًا.
سؤالك: هل هذا المرض النفسي عبارة عن دوّامة وسوف تستمر إلى الأبد؟ .. الإجابة لا، بعض الناس قد لا تكون لديهم إرادة التحسن، لذا قد يكون المرض معهم كدوامة، لكن عددهم قليل جدًّا، لكن الذين يكون لديهم إرادة التحسن ويأخذون بالآليات العلاجية حتى وإن أتتهم نوبات فتكون بسيطة جدًّا، ويكونون قد وصلوا لدرجة عالية جدًّا من التواؤم مع حالتهم لدرجة التجاهل، وهذا هو التعافي. فإذن أمامك فرصة عظيمة جدًّا لأن تُشفين نهائيًا - بإذن الله تعالى – .
هل هو وراثي؟ .. نستطيع أن نقول إن الوراثة تلعب دورًا صغيرًا في نوبات الهرع والمخاوف عامة، والوراثة هنا ليست من جينٍ وراثي واحد، إنما تكون جينات صغيرة متعددة تهيأ الإنسان وتجعله مستعدًا لهذه النوبات أكثر من غيره.
بالنسبة لوالدتك وكذلك لابنتك: أعتقد أن هنالك نوعا من التماهي، نوعا من التعلم من بعضكم البعض، فأرجو أن تكسروا هذه الحلقة، ويكون هنالك نوع من التجاهل لهذه الأعراض.
ما الذي يؤكد أن عندك نقصا في مادة السيروتونين؟ لا توجد تأكيدات مباشرة، لكن الفحوصات التي تتم عن طريق الرنين المغناطيسي وفحص آخر يسمى بالـ (بت)، والرنين الوظائفي أثبتت وأعطت مؤشرات بأن حركة الدم والأكسجين في مناطق معينة تزداد، وهذه يعرف ارتباطها بالسيروتونين، كما أن الأشخاص الذين كانوا يعانون من نوبات الهلع والهرع بعد وفاتهم تم فحص أدمغتهم فحصًا دقيقًا، ومن خلال الإثبات المباشر اتضح أنه بالفعل يوجد لديهم نقص في مادة السيروتونين، وهذا أُخذ كدليل قوي جدًّا على اضطراب إفراز مادة السيروتونين.
والمؤشر الآخر وهو مؤشر عملي وأمام ناظرينا، وهو أن الأدوية التي تُعطى والتي اكتُشف أنها تزيل نوبات الهرع والهلع والفزع هي في الحقيقة تعمل من خلال تنظيم إفراز مادة السيروتونين، وهذا أيضًا يعتبر دليلاً جيدًا ومحترمًا.
ختامًا: أشكرك على رسالتك الطيبة، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.