كبرت وأبي لا يزال يخاف علي من المجتمع!
2012-06-12 13:32:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من مشكلة عويصة جداً، ومع أني لا أعرف أسرد مشكلتي؛ لأني لا أستطيع التعبير عنها، لكنني سأحاول على قدر استطاعتي.
أنا شابٌ -والحمد لله- أملك المال وجمال الخلقة والأخلاق والنسب، وكل شيء، ولا أعاني من نقص داخلي، مشكلتي أنني من أيام الطفولة كان أبي يخاف علي كثيراً، ونشأت وأنا غير جميع الأطفال، لا أملك أصدقاء ولا ونيساً، أيامي كلها وأنا وحيد، ألعب وحيداً، وأتكلم لحالي، وأقضي وقت فراغي في البيت والوحدة والنت، ولا أعرف إلا إخواني وأخواتي فقط، حتى أنني لا أتكلم معهم جميعهم؛ لأني خجول، وكبرت على هذا الحال حتى وصلت سن الـ21، ودخلت الجامعة -والحمد لله- وأبي لا يزال يخاف علي من المجتمع، ولا يريدني أن أختلط بالمجتمع والخروج، ولا يريد الأصدقاء، ويعجبه حالي وأنا هكذا!
أنا لا أستطيع البوح بذلك لأبي ولا لأمي؛ لأنني خجول، ولا أريد أن أزعجهم؛ لأني مطيع لهم، ولأنني أيضا أعرف أن أبي لا ولن يرضى بذلك حتى لو بحت له.
والآن أنا على وشك الإجازة الصيفية، ويوجد لدي وقت فراغ حاد لا أستطيع تملئته بشيء؛ نظراً لأن أبي يمنعني من الخروج من المنزل.
أرى جميع الناس يفرحون بقدوم الإجازة، والشباب يضيِّفون أصدقائهم، والعائلات تتهيب للسفر، وأنا غير ذلك، وأبي من النوع الذي لا يحب السفر ولا الخروج من البيت بداعي الترفيه؛ لأنه يعتبرها مضيعة للوقت، حتى أنني بدأت أفقد لذة الحياة، ولا أحس بلذة الشباب، ولا شيء، أرى جميع الشباب يشترون الأجهزة الحديثة والأمور الشبابية، وأنا لا أهتم بهذه الأمور مع أنه لدي المال.
فكرت أن ما أصابني هو من الخمول والاكتئاب ، وفكرت بتناول البروزاك، وخاصةً أنني بدأت أحس بوسواس الموت وأنني سأموت قريباً، وبالفعل استخدمت بروزاك؛ لأني رأيت من موقعكم أنه مفيد وسليم، واستخدمته لمدة أسبوعين كل يوم حبة، وبدأت أحس بوجع في منطقه الكلى (جانب العمود الفقري ) فخفت فتوقفت عن العلاج، واستشرت أطباء نفسيين، ونصحوني بعدم المجازفة بالأدوية، وأن الأدوية النفسية لها علاقه بالكلى والقلب، ولا بد من الذهاب لطبيب نفسي حتى يشخص حالتي.
هذه قصتي الطويلة، وأتمنى أن لا تنزعج مني يا دكتور، وأتمنى أنك تفهمت الموضوع.
استفسار أخير: هل أستطيع تناول الفافرين للقلق والاكتئاب البسيط؟ وما هي الجرعة المناسبة لي؟ مع العلم أني أعاني من آلام في الكلى، وأخاف أن يؤثر علي ويسبب لي فشلاً كلوياً وحصوات في المدى البعيد، وأيضاً: ما مدى تأثيره على الشعر والقلب والضغط؟
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
أخي، كثير من الآباء والأمهات قد يميز شخصياتهم ومناهجهم التربوية فرض الحماية المطلقة على أبنائهم، وهذا ناشئ من عدة أسباب، أهمها: أن المجتمع الآن أصبح لا يؤتمن في كثيرٍ من الأشياء، فمشاكل الانحرافات، وتعاطي المخدرات وسط الشباب هذا يجعل الكثير من الآباء لأن يكونوا في جانب الحذر الشديد، ويفرضوا حمايةً كبيرة على أبنائهم، ربما يكون هذا تصور والدك، وأرجو أن لا تلومه على ذلك.
هنالك وسائل كثيرة جداً يمكن أن تطمئن الوالد وتكون أنت محل ثقته، وتعيش نوعاً من الاستقلالية، ومن خلالها أيضاً تبني إمكانياتك ومهاراتك الاجتماعية، منها: التواصل، وهو بالطبع مطلوب، وأنا متأكد أن والدك سوف يطمئن كثيراً إذا أرى أن صحبتك ورفقتك من الشباب أصحاب الخلق والدين، ولذلك أنا أرى أن تربط نفسك بالمسجد، اذهب مع والدك للصلاة، وارتبط دائماً بالمسجد، صل صلواتك الخمس مع الجماعة بقدر المستطاع، هنا سوف تستطيع أن تبني علاقات وصداقات طيبة ومتميزة، وسوف يطمئن لها والدك، وهؤلاء يمكن أن تخرج معهم، ويمكن أن تدعهم إلى منزلك، ويمكن أن تمارس معهم الرياضة والذهاب إلى المنتديات أو اللقاءات والمحاضرات والدروس الجيدة والمفيدة، والانخراط في الأنشطة الثقافية وكذلك الرياضية كما ذكرت لك.
وأعتقد كل الذي يريده والدك أن يرى فعلاً أنك يمكن أن تكون وسط رفقة آمنة؛ لأن ضغط الزملاء أو ما نسميه بضغط الأنداد، ونقصد بذلك أن الإنسان حين يكون وسط مجموعة، هذه المجموعة إن كانت من أصحاب الأخلاق وتسير على النهج السلوكي الصحيح سوف يأخذ الفرد نفس سلوكهم والعكس تماماً، فالإنسان يتأثر برفاقه، وتأثير الرفاق أو الأنداد أو ما نسميه بالزمر في بعض الأحيان معروف من الناحية التربوية والسلوكية، فأنا أرى أن تأخذ هذه الخطوة بكل جدية، وهي البحث عن الرفقة الطيبة في أي مكان، وأعتقد أن والدك سوف يطمئن لذلك تماماً، ولا مانع أبداً أن تناقش والدك بصورة طيبة ولطيفة وتقول له برفق: (يا أبي أنا أقدر تماماً درجة شفقتك علي، ولكن الحمد لله تعالى أنا على درجة كبيرة من الإدراك والوعي، وأعرف المخاطر الاجتماعية والسلوكية، وأنا أصدقائي هم فلان وفلان بن فلان، تعرفت عليهم هنا وهنالك في المسجد ...الخ) هذه هي الرسالة التي يجب أن توصلها لوالدك، وأعتقد أنك من خلال ذلك تستطيع أن تبني شبكة اجتماعية جيدة جدًا.
الأمر الآخر الذي تحتاجه هو: إدارة الوقت بصورةٍ فعالة، وأن تشارك في الأنشطة الأسرية، هنا سوف يشعر والدك فعلاً أنك تستطيع أن تتحمل المسؤولية، ويمكن أن تعيش حياة فيها شيء من الاستقلالية، إذاً: المشاركات على النطاق الأسري أيضاً ذات فائدة كبيرة.
اذهب لزيارة الأرحام والأقرباء، وأقرباء والدك على وجه الخصوص، وأقرباء والدتك، هذا أيضا يشعر والدك بالأمان كثيراً، ويجعله أيضاً يثق فيك أكثر.
هذه هي المناهج التي يجب أن تنتهجها، وأنا لا أرى حقيقة أنك في نكد أو في كدر، فحياتك طيبة والحمد لله تعالى، وأنت الآن في مرحلة الدراسة الجامعية، ركز على دراستك كما ذكرت لك، وأدر وقتك بصورة صحيحة، ولا أرى أنك في الأصل في حاجة إلى علاج دوائي، البروزاك سليم وغيره سليم أيضاً، ولكن أنا لا أرى أنك في حاجة إلى علاج دوائي، حالتك هي حالة ظرفية، وتصحيح المفاهيم، وبناء شبكة اجتماعية طيبة، وتغيير نمط حياتك، والتفكير بصورة إيجابية سوف يكون كافياً، وإن تمكنت من الذهاب إلى الطبيب النفسي فهذا أيضاً سوف يكون -إن شاء الله تعالى- فيه إضافة إيجابية جداً.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.