زوجي الثاني يغار من بناتي من زوجي الأول لعدم إنجابي منه، أريد حلاً.
2012-07-25 22:57:32 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ 6 سنوات، وكنت متزوجة قبل ذلك وعندي بنتان من زوجي الأول، ولكني إلى الآن لم أنجب من زوجي الحالي لأن عندي مشاكل في الأنابيب واضطرابات، ولقد أجريت أربع مرات عملية طفل أنابيب، ولكن لم تفلح وأصبحت المشاكل مع زوجي مستمرة، مع العلم أن البنتين مع والدتي وأنا أسكن في نفس العمارة، ولكن كثيراً ما أشعر أن زوجي نفذ صبره، مع العلم أني دائماً أدعوه للزواج مرة أخرى، ولكنه يرفض بشدة وأقدر له هذا.
وهو أيضاً دائم الغيرة من بناتي، ودائماً في مشاكل بسبب هذا، فهو لا يحبهم وخصوصاً بنتي الصغيرة التي تبلغ من العمر 12 سنة والكبيرة 16 سنة، لدرجة أنه يرفض دخول بنتي الصغيرة عندي، وأنا متضايقة ولكني قلت يمكن لأني لم أنجب له أولاد إلى الآن، وقبلت هذا ولكن مشاعر بناتي تجاهه أصبحت مشاعر كره.
أعلم أنه صابر على موضوع عدم الإنجاب، ولكن من ناحية ثانية يكره بناتي ويعاملني معاملة سيئة وكأني أنا السبب في عدم الإنجاب، ولكنه شيء بإرادة الله عز وجل، أريد حل لهذه المشكلة، أتمنى من الله أن يعاملني وبناتي بالحسنى، وأن تسود حياة سعيدة بيننا، مع العلم أن البنات من يوم زواجي وهن مع جدتهن وهن لم يضايقنه أبداً، لكني أشعر أيضاً أنهم فقدوا أمهم، فلو ابنتي دقت الباب على لتكلمني يتضايق، ولو ذهبت لأكلمهن عند جدتهن يتضايق، لأني سبق أن قلت أننا نسكن في عمارة واحدة في بيت والدي.
أرجو إيجاد حل سريع، وآسفة على الإطالة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نعمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنّ عليك بذرية صالحة، وأن يكرمك بحسن أخلاق زوجك، وأن يملأ قلبه رحمة بك وببناتك، وأن يجعله والدًا لهما بمعنى الكلمة، وأن يجعله الله تبارك وتعالى عونًا لك على تربية ابنتيك تربية طيبة، وأن يملأ قلبه عاطفة وحنانًا عليك وعليهما، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن نوعية زوجك ليست نادرة، وإنما هي نوعية متكررة وكثيرة في معظم البلاد، لأن قلة العلم الشرعي – أو ضعفه – يجعل الناس يلقون باللوم والتبعة على الزوجة وكأنها هي التي تخلق وهي التي ترزق وهي التي تُحي وتميت، وهي التي بيدها الإيجاد من عدمه، بل هي التي بيدها أيضًا إنجاب الذكور أو الإناث.
وهذه مفاهيم خاطئة كما ذكرت منتشرة نتيجة ضعف العلم الشرعي وقلته لدى المسلمين، فهم أخذوا من الإسلام ما يروق لهم وتركوا منه ما لا يروق لهم، ونظروا إليه نظرة قاصرة، بل نظرة جزئية دونية حتى حرمهم الله تبارك وتعالى من لذة الإيمان ومن حلاوة الإيمان.
فقد يكون الرجل من المصلين، وقد يكون من المحافظين على الصلوات في جماعة، ولكن عنده سوء فهم لقضية الإيمان بالقضاء والقدر، فنجده يلقي التبعة واللوم على زوجته وأنها السبب في عدم الإنجاب، أو أنها السبب في عدم إنجاب الذكور أو إنجاب الإناث، أو غير ذلك من الأمور التي تعانين أنت من جزء منها.
وتصرفات زوجك مما لا شك فيه أعتقد أنها فعلاً كما ذكرت نابعة من الغيرة، فهو يشعر بأن زوجك الأول قد أنجب منك وأنه لم يُنجب، وكأن هناك ثأرًا ما بين زوجك الأول وما بينه، لأنه يرى أن زوجك الأول قد نجح فيما فشل فيه هو، رغم أن الأمور بيد الله سبحانه وتعالى جل جلاله، وهذا أمر لا دخل لك أنت فيه.
ولذلك أقول - بارك الله فيك -: إن الأمر علاجه ليس صعبًا، ولكنه يحتاج إلى شيء من الصبر، وإلى شيء من الحكمة، وإلى شيء من الحوار الهادئ، ولذلك أتمنى - بارك الله - فيك أن تجتهدي أولاً في الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يصلح الله لك زوجك، لأنك تعلمين أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء.
فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى مع البكاء – خاصة في جوف الليل وفي السجود وفي دبر الصلوات المكتوبات – أن يعطف الله قلب زوجك عليك وعلى بناتك، وأن يرزقه الرحمة والرأفة بك وبابنتيك، وهذا ليس أمرًا سهلاً كما تعلمين، لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – وكما أخبرنا أيضًا بقوله: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل) فعليك بذلك، بارك الله فيك.
أما الأمر الثاني الذي أحب أن أنبه عليه أيضًا هو مسألة الحوار، فأتمنى أن تعقدي جلسة هادئة بينك وبينه، وأن تكوني قد أخذت بالاستعداد اللازم، وأقصد بذلك: لو استطعت أن تصومي يومًا، وأن تتصدقي بصدقة، وأن تقرئي شيئًا من القرآن، وأن تصلي ركعتين بنية قضاء الحاجة، وأن تطلبي من الله العون على أن تفاتحيه، وأن تكوني قوية في عرض المشكلة وفي البحث عن حل لها، ثم تجلسي معه وتقولي له: (هل من الممكن أن نجلس معًا لنتكلم لدقائق معدودة، ولكن أتمنى أن تعطيني قلبك، وأتمنى ألا تتعصب، وتعطيني فرصة أن أتكلم).
ثم بعد ذلك تبدئي معه الحوار الهادئ: (قضية الأولاد أليست من الله تعالى، ألم يقل مولانا: (يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور) إلى أن قال: (ويجعل من يشاء عقيمًا)؟ إذن القضية هذه ليست لي ولك، فلماذا نحمل أنفسنا ما لا طاقة لنا به، ولماذا ندعي لأنفسنا بأننا قادرون على شيء ما جعله الله لأي أحد، فلا الأنبياء ولا المرسلون ولا غيرهم يملكون من هذا الأمر شيء، وإنما قال الله: {يهب} فإذن هي هبة من الله وحده، لا يستطيع نبي من الأنبياء أن يرزق نفسه إذا كان الله قد قدر حرمانه، فما بالنا بالأشخاص العاديين - ويمكن أن تضربي مثلا بقصة زكريا عليه السلام -).
إذن حاولي بارك الله فيك أن تتناقشي معه بهدوء، وأن تبيني له بأن قضية الأولاد ليست قضيتك.
ثانيًا: فيما يتعلق بهاتين الابنتين: بيّني له الأجر والثواب الذي يترتب على إكرامهما والإحسان إليهما، (افترض أنهما يتيمتان، وهما الآن فعلاً في حكم اليتيمتين، لأن الطفلة التي فقدت أباها يتيمة حتى وإن كان حيًّا، ولكن ما دام لا يحنو عليها ولا يتواصل معها ولا يملأ فراغها فهي كاليتيمة، ولذلك يسمونها يتيمة حُكمًا).
فبيّني له - بارك الله فيك - (لماذا تحرم نفسك الأجر وتعاقب هاتين الطفلتين البريئتين؟! حتى إنهما أصبحتا تنظران إليك بعدم الراحة، وهما لم يفعلا شيئًا، وأنا بقدر استطاعتي أجعلهما بعيدتين عنك، ولكن أنا أتألم) قولي له: (أنا أتألم أيضًا، أنا أتألم عندما أشعر أنك لا تريد بناتي وهم لا حول لهم ولا قوة، وأين أبوهم، لو أنهم ذكورا؛ لكان من الممكن أن أقول لك: يدبرون أنفسهم، وعندما تطردهم أنت وعندما لا تريدهما وعندما تكرههما، وعندما أنا أقف معك قطعًا سأبيعهما للشيطان، وسيتحولان إلى منحرفات، فأنت الآن بهذه الأخلاق الطيبة تضمهما إليك ولك فيهما أجر عظيم وثواب كبير عند الله تعالى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ) وتذكري له بعض الأحاديث وبعض الآيات التي تعطف قلبه على ذلك.
وبيني له بأنهنَّ لا دخل لهم في شيء، وأنك تجتهدين فعلاً في إبعادهنَّ، ثم أعرضي عليه مرة أخرى: ( إذا كنت تريد أن تتزوج أنا لا أمنعك من الزواج، ولكن الذي تفعله الآن يزعجني جدًّا، وأنا حقيقة آسفة جدًّا أن أتكلم معك وأفتح معك هذا الملف بهذه الصراحة، ولكن أنا لا أريد أن أفقدك، أنا أريد أن تظل معي تاجًا على رأسي، ولكن بهذه التصرفات أنت حقيقة تضيق عليَّ حياتي، وتجعلني أتمنى الموت والعياذ بالله رغم أننا نُهينا عن ذلك، وتجعلني أكره أولادي، وتجعلني أكره نفسي، فأنت بذلك ستفقدني، لأن الضغط الزائد من قبلك ومن قبل الأولاد قطعًا سوف يجعلني أفقد حياتي معك، فأنا أتمنى أن تعطيني فرصة أن أسعدك وأن أسعد معك، أنت الوحيد مفاتيح السعادة بيدك، وهؤلاء البنات ليس لهنَّ دخل في شيء، قل لي ما الذي تريده وأنا أفعله، ولكن لا بد أن يكون معقولاً، لأني لا أريد أن أخسرهم، وفي نفس الوقت أريدك رفيقاً لعمري ومصباحاً يضيء حياتي وسندي بعد الله، وموتى أهون من أن تتخلى عني, وأريد منك أن تتخيل أن هؤلاء بناتك أنت، وقدر الله وحصل خلاف بيننا وافترقنا وظروفك لا تسمح بعيشهم معك، فهل يسرك أن أرميهم في الشارع ليكونوا عرضة للضياع؟ قطعاً لم ولن تقبل ذلك.
إذن، فاعتبرهم يتيمتين تأخذ أجر الصبر عليهم من الله جل جلاله، وأعلم أنك رجل رحيم حليم كريم ومثلك لا يحب الظلم ولا الظالمين, فأعني على إيجاد حل مناسب، لأني في حيرة من أمري لا حرمني الله منك ولا أراني فيك مكروهاً أبداً ).
ومثل هذا الكلام الطيب من شأنه أن يؤثر بإذن الله تعالى، مع تمنياتنا ودعواتنا لك بالتوفيق.