أبي يقف عقبة أمام زواجي فماذا أفعل؟

2012-07-25 10:02:11 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا شاب عمري 21 سنة, خطبت منذ أسبوعين -ولله الحمد- بنت عمي, وعمرها 17سنة, لكن الآن صرت أفكر بالزواج بجدية, لكن مشكلتي هي الوالد -حفظه الله- يريد التأجيل لثلاث سنين, وأنا أريد التعجيل أو أنتظر سنة واحده, علما أنه مقتدر ماديا, وعذره أن البنت صغيرة, ويريد مني أن أصبر حتى تنتهي من مرحلة الثانوية, وأنا راغب جدا بالزواج لأني أملك المال والشقة والسيارة, ومن ناحية إكمال الدراسة هناك مدرسة قريبة من بيتي, وأهل البنت راضون بهذا الأمر لكن أبي عقبة في طريقي.

أتمنى إعطائي بعض  الأساليب المؤثرة, والتوجيهات المقنعة, والحجج الدامغة, والفضائل؛ كي أوجها لوالدي لأن طبيعة والدي العزيز يتأثر بالكلام, وأنا حقيقة أريد العفاف والسكن والاستقرار النفسي, والجسدي, وابتغاء البركات.

أتمنى ألا يهمل سؤالي, فأنا دائم التفكير في هذا الأمر, وأتمنى الإجابة الشافية علها تكون مفتاحا لي في أمر الزواج.

وأجركم على الله.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على بلوغ العفاف، وأن يسخر الوالد لك، وتوجه إلى الله تبارك وتعالى، فإن قلب الوالد وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها سبحانه وتعالى.

ننصحك بداية بأن تُثبت للوالد وللأهل جميعًا أنك إنسان ناضج, وعاقل, وقادر على تحمل هذه المسؤولية -مسؤولية الزواج- وأنت لها ولله الحمد، والدليل على ذلك هو هذه الاستشارة المرتبة التي تواصلت بها مع موقعك، ولكن نحتاج لهذه القناعة التي عندنا من أنك ناضج تصل إلى الوالد، والسبيل إلى إيصال هذه القناعة وثيقة في أنك على قدر المسؤولية وعلى أنك ستبيض الوجه، هذا هو ظننا ويقيننا، لكن حتى تصل هذه المشاعر النبيلة إلى الوالد لا بد أن تقدم بين يدي ذلك صنوفا من البر وصنوفا من الإحسان.

وننصحك بأن تطلب مساعدة الأعمام, والعمات, والأهل, والعقلاء, والفضلاء، وإذا كان عندكم داعية يتأثر به الوالد -أو عالم– يستمع لكلامه، فعليك أن توصل ما تريد إلى ذلك الشيخ حتى يكون هو اللسان الذي يتكلم نيابة عنك، فإن الوالد عند ذلك سوف يستجيب بطريقة أفضل وأحسن عندما تكون هناك أطراف أخرى من الأعمام, أو من الوجهاء, أو من العلماء, أو من الدعاة إلى الله تبارك وتعالى، يتكلموا مع الوالد ويبينوا له أن هذا هو الأصل، وأن هذا التأخير الذي عندنا والذي أصبح الناس بكل أسف يعتادوا عليه هي من المصائب التي ما دخلت على أمتنا إلا بعد فترة الاستعمار، الاستعمار البغيض الذي ترك لنا عادات وأساليب سيئة وأنماطا سيئة في الحياة تخالف وتصادم هذه الشريعة.

وإذا كان المستعمر الكافر يؤخر الزواج فإن عندهم الانهماك في الفواحش، ولكن ليس بعد الكفر ذنب، لكن المؤمن الذي يسلك سبيل العفاف ينبغي أن يعجل في الزواج، ولذلك قالوا: كان الفرق بين عبد الله بن عمرو بن العاص وأبيه –بين الولد والابن– إحدى عشر سنة، وقال الشافعي: شاهدتُ جدة عمرها إحدى وعشرين سنة، وسبب ذلك أن الفتاة أصبح عمرها تسع سنوات وتزوجت وبعد سنة أنجبت بنتا, هذه البنت عاشت تسع سنوات ثم بعد ذلك تزوجت وأنجبت، فأصبحت الأولى جدة وعمرها إحدى وعشرين سنة.

فإذن الوالد يحتاج أن يفهم هذه الصورة، وإلى من يؤكد له أن الأصل في هذه المسائل هو التعجيل، وأن تأخير الزواج من البدع ومن الأمور الدخيلة على مجتمعاتنا والتي ما عرفها الناس إلا بعد فترة المستعمر البغيض، الذي بكل أسف باعد بين الناس وبين أحكام هذه الشريعة الغراء التي شرفنا الله تعالى بها.

وكذلك أيضًا لا مانع من أن تتكلم مع الوالد، ولكن نحن نفضل أن يكون الكلام بطريقة غير مباشرة، وإذا كان الجميع راضين وموافقين وأنتم ولله الحمد والوالد وسع الله عليكم، وعندكم بسطة في المال، وقدرة على إتمام هذا الأمر، فمن المصلحة أن تعجل فعلا بأمر الزواج، وخير البر عاجله، والزواج استقرار وسعادة للإنسان، وتستطيع أنت –وكذلك الزوجة– أن تُكمل الدراسة بعد الزواج، بل نحن نوقن أن الزواج يعطي أهدافا كبيرة للحياة.

الإنسان بعد الزواج إذا درس يكون للدراسة طعم، لأنه يفرح بنجاحه ومن ينتظر فلاحه، ويشعر الرجل أيضًا أنه ينبغي أيضًا أن يتحسن الوضع، لأن له أسرة، وستأتي له ذرية وأطفال، لا بد أن يجدوا أمامهم أبا على درجة عالية من العلم والوعي، وكذلك يجدوا أما ناضجة متعلمة، وهذا يعتبر دافعا لا يمكن أن يوجد إلا بعد دخول الإنسان في الحياة الزوجية التي تعطي الإنسان آمالا كبيرة, ودوافع كبيرة في الحياة، فإن الإنسان بعد الزواج يتفكر في المسؤولية، يبدأ ينظر للمستقبل بعينين مفتوحتين، يبدأ يأمل آمالا كبيرة لأنه أعطي أعمارا جديدة بأعمار هؤلاء الأطفال الذين سينتجوا من هذه الذرية؛ أيضًا بثقة وصقل الأم التي أصبحت تحت رعايته وتحت مسؤوليته.

فإذن ينبغي أن يطمئن الوالد إلى أن الصواب وإلى أن الأمر الصحيح هو أن يعجل الإنسان بأمر الزواج، وما يقوله الناس في الدراسة, أو أنت صغير, أو أن الناس تزوجوا متأخرين، هذه ما ينبغي أن نقيس عليها؛ لأن هذا خروج عن الأصل، فالأصل كما قلنا هو المبادرة بأمر الزواج وتزويج الفتاة في وقت مبكر، وكذلك الشاب يتزوج في وقت مبكر، وعلينا أن نعينهم بقدر استطاعتنا، إذا كان عندنا استطاعة من المال، كما قال الشيخ ابن العثيمين: (يجب على من ملك مالا أن يعين ولده على الزواج، وأن ييسر مهر بناته) رحمةُ الله عليه.

بل خوّف في بعض محاضراته وقال: (إذا قال الأب خلص الرجل يجمع فلوسا, ويقع الولد بعد ذلك في مخالفات شرعية، فإن الوالد شريك في هذه الجرائم التي يقع فيها الولد، لأنه حال بينه وبين بلوغ العفاف وبلوغ الطهر) لذلك ينبغي أن ينبته الآباء لهذه المسائل، وكان سعيد بن العاص يقول أيضًا: (إذا علّم الرجل ولده الكتاب وحج به البيت الحرام وزوجه فقد خرج من حقه) لاحظوا (وزوجه فقد خرج من حقه) وهذا كلام لصحابي جليل عليه من الله الرضوان.

فإذن نحن نتمنى أن يتفهم الوالد الوضع، وندعوك إلى أن تزداد في برك له، وتطلب مساعدة الفضلاء والعقلاء، ونتمنى أن نسمع عنك الخير، وأنت أعرف الناس بشخصية الوالد، وكذلك الأصدقاء يعرفوا شخصية الوالد، عليهم أن يبحثوا عن المدخل الحسن ويشجعوه على قبول الفكرة، كأن يقولوا له (من المصلحة أن يتزوج، ونتمنى أن تفرح بعياله، والسعيد من يجد مثل هذه الفرصة، فإنه ما من أبٍ إلا ويتمنى أن يرى أحفاده ويرى أبنائه وقد استقروا في بيوتهم وسعدوا مع زوجاتهم).

نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على إقناع الوالد، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا وإياك صلاح النية والذرية، وأستغفر الله العظيم لي ولك.

www.islamweb.net