كيف لي أن أخدم الإسلام؟
2012-09-03 08:05:55 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أنا فتاة، عمري 21 سنة، أدرس في كلية الطب في المرحلة الثانية, مُلتزمة بحجابي الكامل - ولله الحمد -، وأحب الإسلام كثيراً، وأتمنى أن يجعلني الله من الذين يُساعدون في نشر الإسلام.
كما أنني أحب أن أتفقه بأمور الشريعة، فأنا أجمع الكتب الدينية النافعة، وأقرأها كلما تيسر لي وقت، ويسر الله لي، وبدأت بعون الله بحفظ القرآن قبل فترة ليست بالطويلة، وأنوي - إن شاء الله - أن أحفظه كاملاً .
ولكن غالباً ما تستوقفني وساوس الشيطان، بأنني امرأة، وأنه ليس علي عمل كثير، وليس لدي علم كثير في مجال نشر الدعوة ونفع الإسلام، وأشعر بأن ذلك الأمر يؤخرني كثيرا عن التقدم، وأحياناً أتمنى أني كنتُ رجلاً لأدافع عن الدين، وأجاهد في سبيل الله.
أريد مساعدتكم في أن تُبينوا لي دور المرأة في الدعوة، وكيف يمكن أن أستثمر هذا.
بارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يوفقك في دراستك حتى تكوني طبيبة متميزة تخدمين دينك وترفعين راية إسلامك، كما نسأله تبارك وتعالى أن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فأسأل الله تعالى أن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، لحرصك الشديد على خدمة الإسلام، ورفع رايته، وانتشاره في العالم، وحرصك كذلك على هداية المسلمين واستقامتهم على منهج الله، ودعوة غير المسلمين للدخول في الإسلام، وهذا إن دل – كله - على شيء، فإنما يدل على ما أكرمك الله تبارك وتعالى به من نعمة عظيمة وهي محبة الإسلام، ومحبة الله ورسوله، وهذا كله يبشر بخير كبير، ونسأل الله تعالى أن يثبتك على ذلك، وأن يتوفاك عليه، إنه جواد كريم.
ومسألة الدعوة – ابنتي الكريمة الفاضلة – في الواقع ليس فيها فرق ما بين الرجل والمرأة حتى تتمنين أنك لو كنتِ رجلاً تدافعين عن الدين وتجاهدين في سبيل الله تعالى، لأن التاريخ يشهد بأن المرأة كان لها دور لا يقل ولم يقل أبدًا عن دور الرجال، فلعلك تعرفين أن أول من دخل الإسلام، وآمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم – هي امرأته خديجة بنتُ خويلد - رضي الله تعالى عنها –، كذلك أول شهيد في الإسلام كانت (سمية بنت خياط) أم عمار - رضي الله تعالى عنها –، ولقد لعبت المرأة دورًا كبيرًا حقيقة في الصدر الأول تحت راية النبي - عليه الصلاة والسلام – في الجهاد عنه حتى في القتال، ولعلك تقرئين في غزوة أحد وما فعلته الصحابيات الجليلات الرائعات كـ (أم يزيد بنت السكن الأنصارية) - رضي الله تعالى عنها –، وكذلك (أم حرام بنتُ ملحان) التي ركبت البحر أيضًا للجهاد في سبيل الله.
فهذه كلها وقائع تدل على أنه لا فرق في الدعوة إلى الله تعالى بين الرجل والمرأة، وأن المرأة بمقدورها أيضًا أن تلعب دورًا عظيمًا في خدمة دين الله سبحانه وتعالى.
وأنت تستطيعين – يا بنيتي – من خلال مهنة الطب ودراستها أيضًا أن تقدمين خدمة جليلة للإسلام، فإذا ما أكرمك الله وتخصصت في قسم أمراض النساء والوالدة، فإنك ستكونين سببًا في ستر عورات أخواتك المسلمات، وأيضًا في دعوتهنَّ إلى الالتزام بالشرع، والمحافظة على الطاعة، خاصة وأن قضية النساء والولادة من القضايا الحرجة جدًّا، فقد تكون الأخت منتقبة وملتزمة، ولعلها لم ير أحدٌ منها شيئًا، ولكن عندما تريد أن تضع مولودها، أو يكون لديها بعض المشاكل في الأمراض التناسلية، أو في غيرها، فإنها تضطر أن تكشف عورتها المغلظة أمام رجل أجنبي، وقد يكون كافرًا.
فأنت عندما تعقدين العزم – يا بنيتي – على أن تتخصصي في قسم النساء والولادة، تكونين قدمتِ خدمة جليلة للإسلام، وتستطيعين بجوار ستر عورات أخواتك المسلمات دعوتهنَّ إلى الله تبارك وتعالى.
كذلك أيضًا في وسطك الجامعي الآن ما بين أخواتك الدارسات والطالبات دعوتهنَّ للالتزام بالحجاب بمحافظتك على آداب الإسلام، وعدم الاختلاط الغير المنضبط مع الشباب، حتى وإن كانت هناك ضرورة، فليكن الكلام في حدود الحاجة فقط، ولا تسمحي لنفسك أو لأحد أن يقيم معك علاقات حتى وإن كان برغبة الزواج، ما دامت الظروف لا تسمح بالنسبة لك، وإنما لابد أن تكوني مثلا أعلى في كيفية تعامل المرأة المسلمة مع الرجال في هذا المجتمع المختلط، لأنه مع الأسف الشديد قد تكون الأخت ملتزمة، ولكنها تضحك وتبتسم، وتلتقي مع زملائها في الجامعة، وقد تتكلم كلاما ليس له معنى، وقد تكون في موضع خلوة مع أحد الطلبة، وإن كان سيذاكر معها بعض الأشياء، أو يراجع معها بعض المواد، هذه كلها تعطي صورة غير حسنة عن الفتاة المسلمة، لأن مثل هذه العلاقات محرمة شرعًا، وإذا كان ولابد، فلابد أن تكون في أضيق الحدود، وأمام الناس جميعًا، وألا يكون فيها شيء من الخروج عن الأدب مطلقًا.
فتستطيعين دعوة أخواتك الدارسات معك في الجامعة، وكذلك أيضًا في داخل الأسرة، بأن تعيني والدتك وأخواتك على الالتزام، وأقاربك من البنات، وبنات حيّك، وصديقاتك، وجاراتك، وأهلك، وأرحامك، فهذه فرصة بالنسبة لك، ولو أن كل واحدة قامت بذلك لاستقام المجتمع واستقر حاله.
كذلك أيضًا من الأمور المهمة جدًّا: من الممكن إذا كنت على قدر جيد من دراسة اللغة الإنجليزية أن تدخلي إلى المواقع، والمنتديات الإسلامية، وأن تساهمي في دعوة غير المسلمات، على أن تقرئي في هذه المواد بعض الكتب: كمسألة دعوة النصرانية إلى الإسلام، وكيف أدعو غير المسلمين؟
وتستطيعين من خلال لغلتك الإنجليزية أن تعرضي الإسلام على كم هائل من الناس الذين لا يعرفون العربية ولا يُتقنونها.
والتزامك بحد ذاته دعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وحرصك على حجابك دعوة إلى الله، ودورك لا يقل أبدًا عن دور الرجال بل قد يزيد، ولقد ذكرتُ لك أمثلة على ذلك، فأتمنى ألا يعتريك نوع من الهم أو الشعور بالنقص عن تقديم الدعوة لكونك فتاة، ولكن بالعكس، أنت تستطيعين أن تقومي بدور أكبر من الرجال في مجال دعوة النساء، خاصة وأن دعوة النساء من الأمور الشائكة جدًّا بالنسبة للرجال، ولذلك نجد أن معظم النساء متفلتات من التكاليف الشرعية، ولعل السواد الأعظم قد لا يعرفن أحكام الوضوء والطهارة وأحكام الغسل رغم أنهنًّ مسلمات مؤمنات.
فأتمنى أن تركزي على هذه الناحية، وأن تجعلي اهتمامك كله في مجال النساء، ولا تفكري في دعوة الرجال مطلقًا، فإن الرجال لهم الرجال، أما النساء فهنَّ في أمس الحاجة إلى أخوات داعيات بين النساء.
وكما ذكرت لك: ابدئي بالأقارب والأهل، كما قال تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، بمعنى أن تبدئي بالأقرب من أهلك وصديقاتك وزميلاتك في الدراسة، فهؤلاء يعرفن أخلاقك، ويعرفن قيمك، وإن تحدثت معهنَّ فقطعًا سيكون لديهنَّ رد فعل جيد، لأنهنَّ يثقن فيك، وفي أخلاقك، وفي قيمك، وسلوكك.
ركزي بارك الله فيكِ في دعوة أخواتك المسلمات، سواء أكان ذلك دعوة مباشرة، أو عبر الإنترنت، فإن هناك فرصة هائلة نحن في أمس الحاجة في استغلالها حتى نمكن لديننا.
هذا وبالله التوفيق.