أعاني من ألم و قلق وخوف وتوتر، ما العلاج؟
2012-10-07 09:08:05 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا من الناس بطبعي سريع القلق والخوف والتوتر، ولكن تأتيني حالات على فترات أشعر فيها بقرب أجلي، وأني سأموت بهذه الليلة! وأشعر بتوتر وخوف عظيمين يدفعني لكره كل شيء، وأفقد لذة كل شيء، فلم أعد أستلذ لا بأكل ولا زواج ولا مال، ولا شيء.
أشعر بالاكتئاب كوني لا أستطيع التخلص من هذا الخوف، والمشكلة أني أعلم في داخلي أن الخوف يجلب الخوف، وتصبح سلسلة مفرغة، وغير منتهية من القلق الذي يخرج عن السيطرة، وفي إحدى المرات حاولت البحث عن الأسباب التي دفعتني لذلك ولأتخلص من هذا الشعور.
وجدت في نفسي أنه ربما تقصيري هو السبب، فالأصل بالإنسان الملتزم المؤمن أن لا يخشى لقاء الله إذا كان مؤمناً حقاً، ولا يخاف بهذه الطريقة، ووجدت أني مقصر وقررت في نفس أني سألتزم لله وسأعود لله.
بالفعل بدأت المحافظة على الصلوات بالمسجد، وقراءة الأذكار وصلاة الفجر والقرآن، وحاولت التقليل من التلفاز.
لكن يأتيني هاجس الآن أن عبادتي ليست مخلصة لله، وكأنني أردت فيها أن أرتاح في الدنيا، وأن ينزاح عني الهم، وأن الله لن يقبلها مني، لأني أردت الدنيا فيها، وأشعر بعدها بخوف أشد وقلق أشد، وأشعر أني غير مؤمن، وأصاب بالإحباط والخوف من كوني غير مؤمن، ثم تبدأ أفكار تأتيني حول الإسلام مما يزيد قلقي أن إيماني قد انتهى، وأستعيذ بالله من الشيطان فلا أجد نتيجة، مما يزيد حيرتي بأن تلك ليست من الشيطان، وإنما أنا فعلاً غير مسلم، وأشعر برغبة بالابتعاد عن الله حتى أتخلص من ذلك الخوف، وأن أتجاهل الموضوع.
هذه الأفكار تطاردني منذ سنوات وتختفي وتعود، وأشعر أنه ربما خوفي منها هو ما يجعلها حبيسة نفسي، وهو ما يدفعها لأن تعود.
المشكلة أن ما يصيبني من تسارع في دقات القلب ونوبات الخوف والهلع تعود فكرتي الأولى أني سأموت وأعود في دوامة متعبة، ومن قلق إلى قلق واكتئاب يفقدني لذة كل شيء.
المشكلة أنني أحاول أن أتغلب على تلك الأفكار، مرات أشعر أني انتصرت على أفكاري ثم ما تلبث أن تعود بهواجس وخوف جديد، ولا أدري ماذا أفعل؟ فأنا تعبت .
أرجو توجيهكم ونصحكم حول هذا الخلل النفسي الذي يعتريني، فأنا لا أستطيع أن أزيح التفكير من رأسي وأن تستقيم حياتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على الكتابة إلينا.
من الواضح أن ما تعانيه هو حالة من الوسواس القهري، ومن أصعب الوساوس، هي وساوس العقيدة والدين والصلاة، وكما ذكرت في سؤالك، وأعانك الله على هذه المعاناة.
صعوبة الوساوس أنها تأتي في أعز شيء على الإنسان وهو عبادته وإيمانه، ومن هنا كانت صعوبات الوسواس، فالمحاسب الأمين تأتيه الوساوس على أنه غير دقيق وربما غير أمين أيضاً في حساباته، والمؤمن قد تأتيه الوساوس في أعز شيء لديه وهو كل ماله علاقة بربه وخالقه والوضوء والصلاة، حيث تدور في ذهنه أفكار أو جمل أو عبارات أو حتى صور وخيالات، كلها قد تتعلق بالذات الإلهية، وما يمكن أن يوحي بأنه "كفر" صريح، كأن يشك أصلاً في وجود الخالق، أو يتصور أن هناك صفات النقص لله تعالى، أو قد يشك في مصداقية القرآن الكريم، كلام الله تعالى، أو أموراً أخرى تتعلق بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أو الملائكة، أو القدر أو اليوم الآخر.
وهكذا فقد لا يسلم شيء مما يعتز به الإنسان ويؤمن به، فتضيق الدنيا على هذا الشخص المبتلى بكل هذه الوساوس، ويبدأ يتساءل إن كان قد خرج عن الدين والملة، مما يضاعف في معاناته، وحتى يدخل في دائرة معيبة، وقد يصاب بحالة من الاكتئاب من هذه المعاناة. وقد تتأثر أنشطته الحياتية من الطعام والشراب والعلاقات الزوجية والأسرية، وكما يحصل معك.
اطمئن يا أخي، فكل ما يدور في ذهنك من هذه الوساوس، وربما غيرها كثير لم تذكرها لنا لخجلك منها، أو ارتباكك من ذكرها، كلها وساوس، لست مسؤولا عنها؛ لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل أنت لاشك تحاول جاهدا دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا نريدها.
والله تعالى الرحمن الرحيم ما كان ليعاقب إنساناً على عمل ليس من كسبه، ولا هو يريده، بل هو يبغضه ويدفعه عن نفسه.
صحيح أن بعض الناس، وخاصة ممن لم يصاب بالوسواس، يجد صعوبة كبيرة في فهم هذا الأمر، إلا أن هذا لا يغيّر من طبيعة الأمر شيئاً، ويبقى الوسواس عملاً ليس من كسب الإنسان، وليس من صنعه.
الوسواس ليس دليلاً أو مؤشراً على "الجنون" أو فقدان العقل أو ضعف الإيمان، كما قد يشعر المصاب، وإنما هو مجرد مرض نفسيّ، أو صعوبة نفسية قد تصيب الإنسان لسبب أو آخر، كما يمكن لاضطرابات أخرى أن تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية.
وكما أن لهذه الاضطرابات علاجات، فللوسواس وغيره من الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية...
في هذا الموقع وغيره الكثير من الأسئلة التي تدور حول الوساوس، مما يعكس أولاً مدى انتشارها بين الناس، وإن كان من المعتاد أن لا يتحدث الناس عنها، ولا حتى المصاب، إلا بعد عدة سنوات ربما، حيث يعاني أولا بصمت ولزمن تطويل قد يصل لسبع أو تسع سنوات، ولذلك أشكرك على أن كتبت لنا تسأل.
إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس، وأن تطمئن لصلتك بالله تعالى، فهذا من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج.
ومن أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، وهناك بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية العامة للشخص. أنصحك بمراجعة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي قريب من مكان سكنك، ليقوم على العلاج ويشرف عليه.
وفقك الله وحفظك من كل سوء.