عمري 23 سنة وأفكر في الزواج لإعفاف نفسي، فهل تنصحونني بذلك؟
2012-10-01 10:14:52 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.
اسمي هاني، حاصل على بكالوريوس رقابة جودة، أبلغ من العمر 23 سنة، يتيم الأب والأم، أعزب، أفكر في الزواج حتى أعصم نفسي من الخطأ، ولكن ليست لدي وظيفة ثابتة، وأنا أستطيع أن أدبر تكاليف الزواج، السؤال هنا: هل أقبل على الزواج مع هذا المستوى الاجتماعي؟ أم أنتظر حتى أكوّن مستقبلي؟ أريد منكم أن تفيدوني، وأن تخبروني ما هي فوائد وأضرار الزواج المبكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك - ابننا الفاضل - في موقعك، ونسأل أن يرحم الوالد والوالدة، وأن يسكنهما فسيح جناته، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل لك أمر الزواج، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على الخير، ونبشرك ونؤكد لك أنه ليس في الزواج المبكر أي أضرار؛ لأن الزواج المبكر هو الأحسن، وأنت بحاجة إلى امرأة تعينك على مواصلة هذا المشوار، وإذا كان عندك ما تستطيع أن تدبر به أمر الزواج وتأسيس أسرة، فخير البر عاجله، ولا تتأخر، لأن التأخر في الزواج أصلاً أمر دخيل وجديد على أمتنا، وجاءنا من ورائه ويلات وشرور لا يعلم مداها إلا الله تبارك وتعالى، والشافعي يقول: (رأيتُ جدة عمرها إحدى وعشرين سنة) يعني بنتٌ لما وصل عمرها ثماني سنوات تزوجتْ، وبعد سنة أنجبت بنتًا، وبنتها بعد تسع سنوات تزوجت وبعد سنة أنجبتْ ولدًا، فشهد الشافعي الجدة وعمرها إحدى وعشرون سنة.
من فوائد الزواج المبكر أيضًا أن المرأة تستطيع أن يكون عندها خصوبة وقدرة على إنجاب عدد من الأطفال، لأن أولاد الإنسان يدركونه بسرعة، يكونون إلى جواره، وهذا يسهل تربيتهم، وقد كان الفرق بين عبد الله بن عمرو بن العاص ووالده – رضي الله عنهما – إحدى عشرة سنة.
بهذه الطريقة يكون هذا الابن كأنه أخ للأب، ونخرج من إشكال كبير نقع فيه الآن في برامجنا التربوية، وهو تفاوت الأجيال، تجد الأب خمسين سنة والطفل عشر سنوات، بينهما عدد من العقود الزمانية، وبهذا تختلف المفاهيم، صاحب الخمسين سنة تفكيره أصبح مختلفًا، بخلاف الطفل صاحب عشر سنوات، هو يحتاج لنمط آخر من التفكير والتعامل، ولذلك الزواج المبكر فيه فوائد عظيمة جدًّا.
ومثلك سيجد الاستقرار والسعادة وراحة البال بالزواج، وهذا الرجل لا يمكن أن يسعد أو يرتاح إلا مع زوجة تُكرمه، والمرأة لا يمكن أن تسعد السعادة الحقيقية وتكتمل عندها معاني الأمومة وتكتمل عند الرجل معاني الأبوة، إلا من خلال الزواج، ولذلك الزواج فيه ثمار طيبة، فلا تتأخر في هذا الأمر، وتذكر أن الرزق من الله، وأن المرأة تأتي برزقها، والله دعا الناس ودعا المجتمع المسلم إلى إشهار هذا الأمر فقال: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} كأن الواحد يقول: من أين المال ومن أي المهر ومن أين كذا؟ فقال الله: {إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله} وكان السلف يوقنوا بهذا ويؤمنوا بهذا، حتى كان قائلهم يقول: (التمسوا الغنى في النكاح).
فإذن لا تؤجل هذا الأمر، ولا تؤخر، وننصحك بأن تجتهد في البحث عن الصالحة صاحبة الدين، صاحبة البيت الطاهر الطيب، الأسرة المعروفة بالخير، ثم تأتي دارهم من الباب وتقابل أهلها الأحباب، وتعرض رغبتك في الارتباط بهم، وقطعًا ستكون معك الخالات والعمات والأعمام ومن هم حولك، وسيكون - إن شاء الله تعالى – زواجًا سعيدًا، وبعد ذلك تأتي الذرية التي تعوضك عمّا فقدتَ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم الوالد والوالدة، وأن يسعدك في هذه الحياة.
واعلم أن من أبواب السعادة الكبرى تعجيل الزواج، لأن الإنسان سيجد المرأة التي تعينه على صعوبات الحياة، وليس في تأخير الزواج أي خير يُمكن أن يُعرف فيُذكر، بل الخير كله في الإسراع بطلب الحلال – طلب الزوجة – خاصة ونحن في زمن الفتن تمشي على رجلين، والرجل مواجه بفتن في الطريق وفي المكاتب وفي كل مكان، يجد الأشياء التي تثيره وتؤثر على استقراره النفسي وعلى حياته، والأخطر من ذلك على دينه، لأن هذه فتن؛ ولابد للإنسان بحكم فطرته – إلا عباد الله المخلصين - أن يميل لهذه المناظر ويعيش بعد ذلك التعاسة والشقاء، أو يتمادى فيخالف فيقع فيما يُغضب الله والعياذ بالله.
فإذن أمر الزواج أمر هام جدًّا، نتمنى أن تبدأ مباشرة بإعداد نفسك للزواج، ولعل من أول الخطوات حسن اختيار المرأة الصالحة التي إذا نظرتَ إليها سرَّتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالها، والمرأة تُنكح لأربع، لكن فاظفر بذات الدين تربتْ يداك.
نكرر شكرنا على التواصل، وسوف نكون سعداء إذا أتيح لنا أن نتابع مراسيم الزواج والخطبة معك، ونحن على استعداد لأن تتلقى التوجيه، فنحن لك في مقام الآباء، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا على خدمة شبابنا، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يلهمك الرشاد والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه ذلك.