زوجتي فضحتني كذبًا .. فماذا أفعل معها؟

2012-10-11 09:07:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.

أنا شاب عمري 36 سنة, متزوج, وعندي ثلاثة أولاد, مشكلتي مع زوجتي, فقد تزوجتها وعمري 22 سنة وهي تكبرني بسنة, ومنذ أن تزوجتها وأنا أعاني؛ لأنها تكبرني, وليست جميلة, ولكني تزوجتها بإرادتي وأنا صابر, لكن المشكلة أني تحاورت معها على إرث لها عند إخوتها بأن تطالب بحقها بحسن نية, لكنها أهانتني, وقالت لي: هذا الأمر لا يعنيك, وقالت لي: إنك لست رجلاً, فقمت بضربها, فخرجت من البيت, وجاءت بإخوتها إلى بيتي, وقالت لهم: إنه كل يوم يقول لي خذي حقك من إخوتك, وإلا فعلت لك كذا وكذا, وقد قام أخوها بسبي, وقال لي: يا طماع, وانتشر الخبر كالصاعقة عند الأهل والأقارب, وأصبحوا يقولون عني كلامًا لا أطيقه, والله يعلم أني أكره صفة الطمع منذ طفولتي, فأنا تيتمت وأنا صغير, واعتمدت على نفسي منذ صغري, وكوَّنت نفسي بنفسي -بفضل الله- فأنا الآن لا أطيق هذه الزوجة التي فضحتني, وأنا لم أطلقها مخافة تشتت أولادي؛ فهي الآن في بيتي لكنها كالمطلقة, فلا أنام معها, ولا أكلمها, وأنا الآن مصرٌّ على الزواج من امرأة أخرى تكون صالحة وطيبة تنسيني همومي, وتعوضني ما قد فات, فانصحوني ماذا أفعل؟

جزاكم الله خيرًا, وأرجو المعذرة للإطالة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية: نرحب بك في موقعك، ونشكر لك -ابننا الكريم- هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك الاهتمام بالسؤال، فإنما شفاء العيِّ السؤال.

ونحن نريد أن تعالج هذه الأمور بحكمة، ولا بد أن تعلم أن الحياة الزوجية تحتاج إلى صبر ثم صبر ثم صبر، وأن الإنسان لا يمكن أن يجد المرأة التي ليس عندها نقائص, وليس فيها عيوب؛ لأن المرأة خُلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، كما قال النبي -عليه صلوات الله وسلامه-.

أشار النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى هذه الحقيقة, وطلب النبي - صلى الله عليه وسلم – منا معشر الرجال أن نصبر, وفي هذا دليل على أن الخلل لا بد أن يُوجد بصورة أو بأخرى؛ ولذلك أرجو أن يكون هذا الأمر واضحًا، وعليك أن تحتمل هذه الزوجة التي بلا شك أخطأت في إخراج ذلك الخبر, وفي إخراج أسرار البيت، وفي هذا الكلام الذي أشاعته بين الناس، وأخطأ شقيقها أيضًا عندما جاء وتطاول بهذا الكلام، وهذا يدل على أنك في مجتمع تحتاج معه إلى أن تصبر؛ لأنها أخطأت، والأخ عالج الخطأ بخطأ أكبر منه، بدلاً من أن يردعها ويطالبها بأن تكتم أسرار بيتها.

وأرجو أن يعلم الجميع أنه لا مجال لرجل ولا مجال لقاضٍ أن يأكل حق امرأة، هذا معنى - بكل أسف - ربما يُوجد في بعض مجتمعاتنا مَنْ لا يُعطي المرأة حقها وحظها من الميراث، وهذه مخالفة لشريعة الله تبارك وتعالى، وأسوأ من ذلك أيضًا أن يرى الناس مطالبة المرأة بحقها عيبًا من العيوب، بل هناك مَن فيه بقية من الجاهلية يزعم أن المرأة لا نصيب لها لأنها ستذهب بهذا المال إلى رجل من خارج العائلة ومن خارج الأهل، وهذا خطأ كبير جدًّا؛ لأن هذا حق شرعه الله تبارك وتعالى.

فليس عليك حرج، فلا تحمل نفسك فوق طاقتها، وإذا كنت في هذا المجتمع الذي يُخفي مثل هذه الأمور، فأنت على الحق والصواب، بل ينبغي أن نجهر جميعًا بأصواتنا, ونطالب بإعطاء كل امرأة حظها وحقها من الميراث، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – حرّج بحق الضعيفين (اليتيم والمرأة)، فهناك من يأكل أموال الأيتام، وهناك من يأكل أموال أخواتنا اليتيمات أو من الكبيرات ممن لهنَّ حظ ونصيب في الميراث.

ولذلك لا تلتفت للكلام الكثير الذي قالوه، فإنك لم تقل أمرًا مخالفًا، والزوجة هذه أخطأت خطأ كبيرًا جدًّا في إخراج هذا الكلام؛ لأن هذا من الأسرار التي لا يريد الزوج أن تخرج، فالأسرار ليست أسرار الفراش فقط، ولكن كل ما يكرهُ الزوج خروجه يعتبر من الأشياء المحرم إخراجها من البيت، وكذلك كل ما تكره الزوجة خروجه وظهوره بين الناس لا يجوز للرجل أن يُخرجه, أو يتحدث به, أو يتكلم به بين الناس.

ولذلك نحن نتمنى أن تعالج الأمر بحكمة، ونتمنى من هذه الزوجة أن تعتذر وتعود إلى صوابها، وكذلك شقيق الزوجة الذي جاء وتطاول هو بلا شك وقع في خطأ كبير، وليس من الطمع أن يُطالب الإنسان بالحق الذي شرعه الله، وأن يشجع امرأة على أخذ حقها، بل ينبغي لهم أن يكونوا كرامًا, ويُعطوا أخواتهم حقهنَّ حتى قبل أن يطالبن؛ لأن هذه شريعة، وهذا حق نُسأل عنه بين يدي الله تبارك وتعالى.

لأجل ذلك أرجو ألا يأخذ الموضوع أكبر من حجمه، والمرأة بلا شك أخطأت، وأرجو أن يكون في هذا الهجر والبُعد عنها كفاية، وندعوك الآن إلى أن تعود إلى أسرتك وإلى بيتك، وإذا أردت أن تتزوج فالشريعة لا تمنع، لكن لا تجعل هذا سببًا للزواج عليها؛ لأنك ستفاجئ بنقائص أخرى في الزوجة الجديدة؛ ولذلك أرجو أن تعالج الأمور بحكمة، واعلم أن إثارة المشاكل تؤثر على الأطفال الذين يشعرون بكل خلاف بين الوالد والوالدة، ويؤثر ذلك على نفسياتهم.

فينبغي إذن أن تجتهد في معالجة هذا الأمر بحكمة، وبعد ذلك إن أردت أن تتزوج فعليك أن تختار الوقت المناسب والمكان المناسب والزوجة المناسبة، وتختار صاحبة الدين والخلق، وتكون أيضًا قد قمت بواجباتك تجاه الأسرة الأولى، وعليك أن تصبر على غيرة الزوجة الأولى، وعلى ما يمكن أن يلحقك من الأذى؛ لأن هذه أمور متوقعة، والإنسان ينبغي أن يراعي هذه الأمور تأسيًا برسولنا - صلى الله عليه وسلم – الذي كان يقضي يومه وهو غضبان من إحداهنَّ، وكان في بيته ضحاكًا بسّامًا، يُدخل السرور على أهله، وكان يحتمل منهنَّ، وهذه وصية لكل رجل.

ولذلك أرجو أن تحاول معالجة الأمر، وكنا نريد أن نعرف ما هي آثار هذا الهجر؟ هل هي نادمة؟ هل هي متأسفة؟ ما هو الوضع؟ هل هي مكابرة مصرة ومعاندة؟ .. فهذه أمور نحتاج أن نعرفها, وهل هذا الهجر أتى بثماره، أم أن الأمور تزداد سوءً؟ .. لذلك ينبغي أن ننتبه لهذا, وهل أنت أيضًا طبقت الخطوات العملية في قوله تعالى: {فعظوهنَّ واهجروهنَّ في المضاجع واضربوهنَّ}, إذا كان الضرب يصلح معها، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم – ما ضرب بيده امرأة, ولا طفلاً, ولا خادمًا، وأنا أقصد: هل حصل تدرج في الحلول التي تتخذها في علاج هذه الأزمة داخل بيتك؟

نسأل الله أن يلهمك السداد والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونكرر شكرنا لك على الاهتمام, والتواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يقدر لك ولها الخير، وأن يعيد لكم الاستقرار والثقة بينكم، وأن يهيئ لك من أمرك فرجًا ومخرجًا ورُشدًا وسدادًا، هو ولي ذلك والقادر عليه.

www.islamweb.net