يلازمني الحزن والكآبة والصمت، وأشعر بأن الناس تكرهني!
2012-10-26 12:09:20 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخوتي الكرام: أكتب لكم وأنا لا أدري ما بي بالضبط؟ أحس بأنني إنسانة غريبة، أحب الانطوائية، وتأتيني فترات لا أحب التكلم بها مع أي أحد، وأن أظل صامتة بدون أي حديث، وأحس بأنني لا أقوى على التفكير بأي شيء، كأن شيئا يغلق عقلي ورأسي، وأحس بأن الناس يكرهونني لأنني هكذا، وعندما أتكلم مع أحد أحس بأنني أود التشاجر معه بدون أي سبب.
وأحس بالحزن والنكد دائما، بدون أي سبب، وعندما أريد أن أغير من نفسي، وأن أقوم بشيء أسعد به نفسي، فإني لا أقدر على ذلك، لأن هذا الحزن الغريب دائما ما أشعر به، وبدون أي سبب من الأسباب.
أعتذر لكم لأني أطلت عليكم، ولكن لا أدري ما الذي بي؟ مع العلم أنني - والحمد لله - إنسانة مواظبة على الصلاة، وأقرأ بعض الأحيان الأذكار.
مع شكري وتقديري لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم المهدي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن رسالتك بالفعل معبرة جدًّا، وقد احتوت على أعراض عبرتِ عنها بوضوح، ومثل هذه الأعراض لا نشاهدها كثيرًا، ولكنها مهمة، وأهميتها تأتي من أن الصورة لهذه الأعراض لا تنطبق انطباقًا مثاليًا على كثير من التشخيصات النفسية، ولكن يُعرف تمامًا أن الاكتئاب النفسي في حالات نادرة قد يأتي بهذه الصورة التي تعانين منها: مشاعر غريبة، انطوائية، عزلة، سوء ظن بالآخرين وإن كان الإنسان لا يقصد ذلك، الانفعال الداخلي المكبوت، وشعورك بالحزن والنكد هو شعور واضح فيما يخص تشخيص الاكتئاب.
فأنا - أختي الكريمة – أعتقد أنك تعاني من حالة اكتئابية، - وإن شاء الله تعالى - أن الذي بك سيزول، ولكن إنِ استطعتِ أن تذهبي إلى الطبيب النفسي فهذا هو الأفضل والأمثل والأجود، أما إن لم تستطيعي أن تذهبي، فمن جانبي أقول لك: من المهم أن تبحثي في الأسباب الحياتية والظروف المحيطة بك، وإن كانت هناك أي ضغوطات نفسية، فحاولي أن تتجاوزيها بقدر ما تستطيعين، وافرضي على نفسك التفكير الإيجابي، فالتفكير الإيجابي هو مبعث إراحة النفس وإشعارها بقيمتها، وبالطبع عكسه التفكير السلبي الذي يجر النفس نحو الكدر والشعور بالنكد والحزن.
بمعنى آخر: اجعلي لحياتك قيمة، فهذا التفكير السلبي المشوه لا تدعيه يفرض نفسه عليك أبدًا.
لا شك أن محافظتك على الصلاة وقراءة القرآن والأذكار هي من المعينات العظيمة لك - إن شاء الله تعالى -، لذلك كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، وكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا اللهُ رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم).
خط العلاج الثاني هو العلاج الدوائي: ولكن هذا يجب أن يسبقه إجراء بعض الفحوصات الطبية، وتأكدي من نسبة الهيموجلوبين لديك، ووظائف الكلى والكبد، ومستوى هرمون الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين دال، وكذلك فيتامين (ب12) هذه فحوصات روتينية، ولكن دائمًا ما نراها مهمة في البروتوكولات العلاجية حتى تكون أكثر شفافية وانضباطًا وعلمية.
الدواء الذي سوف يناسبك وأراه دواءً جيدًا ومفيدًا - إن شاء الله تعالى – هو عقار (سيرترالين)، والذي يعرف تجاريًا باسم: (زولفت) أو (لسترال)، وهو دواء مفيد، ودواء سليم، ولا يسبب الإدمان، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية.
والجرعة المطلوبة في حالتك هي: أن تبدئي بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا)، يتم تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعليها حبة كاملة، تتناوليها ليلا أيضًا، واستمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها حبتين ليلاً – أي مائة مليجرام-، وهذه الجرعة استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، وبعدها خفضي الجرعة إلى حبة واحدة لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم إلى نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين أيضًا، ثم توقفي عن تناول الدواء.
أعتقد - أيتها الفاضلة الكريمة – إذا اتبعت هذه الإرشادات سوف تتبدل أحوالك تمامًا، وينشرح صدرك - بإذن الله تعالى -، ويزول هذا الحزن، وهذا النكد، وهذا الكرب الذي تشعرين به.
نسأل الله أن يفرج عنك الهم والغم والكدر والنكد والحزن، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير في هذه الأيام الطيبة، التي نسأل الله تعالى أن يعيدها علينا وعليكم بالخير واليُمن والبركات.