أعاني من آلام المفاصل والعضلات، فما العلاج؟

2012-11-21 07:08:24 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني منذ شهر تقريباً من آلام في فترات متقطعة بدأت من أعلى الفخذ الأيسر من الخارج، ثم بدأت في الانتشار الأسفل إلى أعلى الركبة على شكل سريان كهربائي مؤلم جداً، ثم انتقل بعد أسبوعين للفخذ الأيمن، ويمتد إلى الأرداف وبعد ثلاثة أيام بدأ الأمر ينتشر في اليدين، ثم بدأت تسري هذه الكهرباء في الوجه، يصبح بعدها جلدي حساساً لأي شخص يلمسه.

علماً أنه لا توجد أي مظاهر لتغير لون الجلد أو تورم أو احمرار، تزداد الأعراض عندما أفكر وأركز معها، وتبدأ في الانتشار بعدها، ولا يوجد ارتفاع في درجة الحرارة، وذهبت إلى طبيب أمراض المخ والأعصاب اعتقاداً مني أن السبب التهاب في الأعصاب بسبب مرض السكر الذي أعاني منه منذ ست سنوات ولكنه أخبرني أن السبب ضغوط نفسية، فأنا أعاني منذ فترة من حالة هلع شديدة من الإصابة بمرض خطير، وخاصة بعد وفاة أحد الزملاء بمرض الذئبة الحمراء، والذي بدأ لديه بآلام المفاصل، مع العلم أنني أعاني من ارتفاع ضغط الدم والكولسترول.

كما أعاني من آلام أعلى المعدة آلام في الصدر شبيهة بالذبحة الصدرية، مع شعور بحرقان في الحنجرة وتغير في الصوت أحياناً، وخاصة بعد الأكل وتقلصات في الوجه وجفاف في الحلق، مما جعلني أراجع طبيب القلب وتم عمل جميع الفحوصات التي أكدت أنه ليس هناك علاقة للقلب والشرايين بهذه الأعراض، فما الذي أعاني منه؟ وهل له علاقة بمتاعب العضلات والمفاصل أم لا؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إيهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إن الشكوى ذات الطابع النفسي من خوف وقلق وتوتر قد تصل في بعض الأحيان إلى درجة ما نسميه بالمراء المرضي، ويُقصد بذلك أن الإنسان تكون لديه أعراض نفسية بسيطة، لكنه يضخمها ويجسدها، ويعطيها تأويلات مختلفة، بل يعطيها تفسيرات ذات طابع تشاؤمي، ويحاول أن يربط دائمًا بين شكواه وبين ما هو سيئ من الأمراض.

وقد يصل هذا الأمر إلى مرحلة الاعتقاد الجازم من جانب الشخص أنه بالفعل يعاني من علة عضوية ما، يخفيها عنه الأطباء، أو أنهم لم يُفلحوا في تشخيصها، ولذا تجد بعض الناس يتنقل من طبيب إلى آخر.

هذه الجزئية مهمة جدًّا، والجزئية الثانية أنه بالفعل بعض الأمراض العضوية لها مكون نفسي، حتى مرض السكر (مثلاً) ثلاثين إلى أربعين بالمائة من الذين يعانون من مرض السكر، قد يُصيبهم اكتئاب نفسي لا يتبادر إلى ذهنهم أبدًا، وهذا الاكتئاب قد لا يكون في صورته المثالية، وهي الشعور بالكدر والحزن وفقدان الشهية واضطرابات النوم وافتقاد الطاقات النفسية والجسدية، إنما قد يأتي في صور أخرى تتمثل فقط في الشعور البسيط بعدم الارتياح وعدم الشعور بتلذذ ولذة وجمال وطيب الحياة، وهكذا.

إذن الصورة قد تكون معقدة في بعض الأحيان ما بين الأعراض الجسدية والأعراض النفسية.

هذه المقدمة ضرورية جدًّا، لأنك مصاب بمرض السكر، وعمرك عمر وسطي (خمسة وأربعون عامًا) قد تأتي للإنسان فيه أعراض القلق والتوتر، وكذلك الاكتئاب النفسي حتى وإن كان من الدرجة البسيطة.

أنا أقول لك إن متابعة طبيبك – طبيب أمراض السكر – مهمة جدًّا، وأطباء السكر في نفس الوقت هم مختصون في الأمراض الباطنية، ويمكن للطبيب أن يفيدك من خلال إجراء الفحوصات الروتينية المجدولة، وكل ما له علاقة بعلتك وشكواك سوف يوجه الطبيب الفحص نحو ذلك، فأرجو ألا تشغل نفسك كثيرًا من هذه الناحية.

بالنسبة لشكواك الرئيسية وهي هذا الألم الذي تحس به والذي يعطي شعوراً من الوهلة الأولى أنه ذو طابع عصبي وليس عُصابي – أي ناتج من العصب أو من ضغط على الأوتار العصبية التي تخرج من أسفل الظهر، لكن في ذات الوقت لا نستطيع أبدًا أن ننكر الجانب النفسي إذا وضعنا الأمور في سياقها الواحد.

أنا من الناحية النفسية مطمئن لدرجة كبيرة، وأقول لك إن حالتك - إن شاء الله تعالى – سوف تتجاوزها.

مضادات الاكتئاب المضادة للقلق والمخاوف ذات جدوى كبيرة جدًّا في علاج مثل هذه الحالة، وهنالك دواء يعرف علميًا باسم (إستالوبرام) واسمه التجاري (سبرالكس) يمكنك أن تتناوله، وذلك بعد التشاور مع أطبائك، والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة، وهي نصف حبة – أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام –.

أرجو أن تتناولها يوميًا بعد الأكل - يمكنك أن تتناولها صباحًا أو مساءً - استمر على هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، وتناولها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

توجد أدوية أخرى أيضًا قد تفيد في مثل هذه الأعراض، مثل عقار (Lyrica لريكا) والذي يسمى بـ (pregabalin بريجابالين) لكن هذا الدواء يجب ألا يُؤخذ إلا بعد مقابلة الطبيب، وأخذ المشورة منه، لأن الـ (بريجابالين) بالرغم من أنه دواء جيد جدًّا للآلام العصبية ويقلل كثيرًا من القلق ويحسن النوم، إلا أنه قد يسبب شيئاً من التعود لدى بعض الناس.

أيها الفاضل الكريم: أرجو أيضًا أن تمارس الرياضة الخفيفة، ويجب أن تُدير عملك بصورة جيدة، وكذلك وقتك، وكن إيجابيًا في تفكيرك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة المستشار/ د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة المستشار/ د. محمد حمودة استشاري أول باطنية وروماتيزم ++++++++++++++++++++++++++++++

بارك الله فيك ونرجو من الله أن يهدئ بالك ويعافيك، وأريد أن أقول أولاً إن مضاعفات السكري ومنها التهاب الأعصاب عادة ما تحصل بعد سنوات طويلة من السكري غير المنضبط، وهذا لا يعني أنه لا يحصل بعد عدة سنوات من السكري إلا أن هذا نادر، وعادة ما يكون في شخص لم يتم تشخيص السكري عنده لفترة طويلة، أو تأخر العلاج عنده بسبب عدم اعتقاده أنه بحاجة للعلاج، لأن السكر مرتفع قليلاً عنده.

أعتقد أن السبب هو أن طبيب الأعصاب الذي زرته يرى أن مشكلتك ليست التهاب أعصاب، أي أنها ليست عضوية، وإنما هي بسبب أن الأعراض عندك لا تتوافق مع التوزع التشريحي لالتهاب الأعصاب، أو لأمراض الأعصاب التي يمكن أن تحصل كمضاعفات من السكري، وبسبب أن الأعراض حصلت بعد موت زميلك، نرجو أن يتغمده الله برحمته، ولزيادة الأعراض مع التوتر والقلق كما ذكرت.

لذا أرى أن تبدأ بالعلاج كما وصفه لك الدكتور محمد عبد العليم، وهذا إن شاء الله سيجعلك أكثر تقبلاً لموضوع زميلك، وبإذن الله تخف الأعراض وتختفي .

نفس الشيء بالنسبة للأعراض الأخرى فقد طمأنك الطبيب المختص أن الأعراض الأخرى أيضاً بسبب خوفك من وجود مرض خطير عندك، وهذا يسمى في الطب الخوف من الأمراض (Hypochondriasis).

وهو اضطراب شائع، ويعني خوف المريض من أن يكون لديه مرض جسمي خطير، ولذلك فهو يتفحص جسمه باستمرار، ويفسر بعض الأعراض العادية أو الفيزيولوجية على أنها خطرة، وتدل على احتمال الإصابة بأحد الأمراض الخطيرة، مثل الأورام الخبيثة أمراض القلب أو أمراض أخرى.

المريض عادة لا يستجيب للتطمين إلا بشكل مؤقت، حيث يعاوده القلق والتفكير في مرض جسمه، ويراجع عديداً من الأطباء على الرغم من أن الفحوصات طبيعية.

طبعاً أنا يا بني رأيي أن الأطباء المختصون قد فحصوك جيداً، وهم أهل الذكر في هذا الخصوص، فالفحص الطبي الطبيعي والتحاليل الطبيعية عند مريض عنده خوف والأعراض حصلت بعد حادثة معينة أو ظروف معينة، والأعراض تزداد مع الضغوطات النفسية، فكل هذا يجعلني أرى أن السبب هو نفسي، وكل الناس تمر في ظروف غير طبيعية في حياتهم وضغوطات نفسية إلا أنهم يختلفون في ردود الفعل.

كلما كان إيمان الإنسان أقوى بالله تعالى كلما نظر إلى الأحداث التي تجري من حوله أنها كلها بيد الله تعالى، أولها وآخرها، وأنه لا يمكن أن يسلم أمره إلى الله ويرضى بما قضاه الله، وكل ما يحدث معنا مكتوب علينا أو لنا من قبل مولانا، وأنه قد جفت الأقلام ورفعت الصحف، وأنه ليس للإنسان إلا أن يدعو الله " يا لطيف الطف بنا " ونحمده أولاً وآخراً، فالخيرة فيما اختار سبحانه، وسوف تجد يوم القيامة أن صبرك يجازيك الله تعالى عليه بغير حساب، فماذا أعظم من ذلك؟!

نرجو من الله لك الشفاء والمعافاة، وأن يبارك لك في أيامك.

www.islamweb.net