خوفي وقلقي من مواجهة الآخرين يكاد يقتلني فماذا أفعل؟
2012-11-25 12:58:24 | إسلام ويب
السؤال:
حضرة الدكتور الموفق الفاضل المحبوب/ محمد عبدالعليم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أود أن أشكرك على ما تقوم به من جهد مبارك, وعمل كريم لخدمة إخوانك, وأبنائك, فبارك المولى فيك, وجعله في ميزان حسناتك.
أنا شاب عمري 33 سنة, متزوج وأعاني من قلق دائم منذ الصغر, بدايته كانت وأنا في الصف الخامس الابتدائي, وكنت أعاني من الخوف من مواجهة الآخرين, والتحدث أمامهم, والإمامة في الصلاة, وعندما أتعرض لموقف ما يصيبني شحوب في الوجه, وخفقان في القلب, وحجرجة في الصوت, وتلعثم في الكلام.
أخاف من كل شيء, لدرجة أنني أشعر بالجبن في كثير من المواقف, لذلك يخفق قلبي, ويزداد تسارع ضرباته, حتى عندما أسمع أي صوت طبيعي في أثناء نومي.
أريد علاجا لا يجعلني أظهر متوترا أمام الآخرين, وأن يزيل علامات الخوف والارتباك التي ترافقني, ويلاحظها الآخرون, علما بأنني متابع لموقعكم, وقرأت كثيرا من حالات مشابهة لحالتي, فقررت صرف دواء الزيروكسات لنفسي, وأتناول نصف حبة كل يوم لمدة عشرة أيام, وبعدها سوف أنتقل لأخذ حبة صباحا وحبة مساءً لمدة ستة أشهر.
قمت بهذا الإجراء وأعلم بأني على خطأ كوني لا أتناول هذا العلاج من بعد وصفة الطبيب, لذا أرجو مساعدتي, وبأقرب وقت ممكن.
دمتم ودام خيركم, وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
قلق المخاوف منتشر وسط الناس, الخوف الاجتماعي نرى الآن أن حالته في تزايد, لكن هو من الحالات السهلة العلاج إن شاء الله تعالى, الأمر يتطلب أولا بتصحيح المفاهيم, فهنالك كثير من الأشياء المغلوطة حول الخوف الاجتماعي، ولذا أريد أن أوضح.
أولا: الخوف الاجتماعي ليس جبنا, ولا ضعفا في الشخصية, أو ضعفا في الإيمان, إن شاء الله هو قلق, وخوف ذو طابع خاص مكتسب يكون ناتجا من تجارب سلبية حدثت في الماضي, دون أن يذكر الشخص تلك الحالات على وجه الخصوص, وقد تكون تجربة أو حادثة بسيطة جداً.
ثانيا: من الضروري أن تعرف أن التغيرات التي تحدث في المواجهات هي تغيرات فسيولوجية, تهيئة الجسم لأن يكون حسن الأداء, ومنضبطا, لكن مادة الأدرينالين وهي المادة التي تفرز تزيد من سرعة خفقان القلب, وربما التعرق وشيء من هذا القبيل، وما تحس به من أعراض لا يشعر به الآخرين لا بد أن تدرك هذه النقطة، الآخرون لا يشعرون بما تحس به أنت, وحتى ما يوصف بالتلعثم في الكلام لا يكون ظاهرا أبدا، إذن هي مشاعر خاصة بك أنت فقط.
ثالثا: وهذه نقطة علاجية مهمة جدا: المخاوف تعالج من خلال المواجهة والتحقير والتجاهل، فيا أخي الكريم أرجو أن تكثر من المواجهات, تدرك وتعرف دائما أنك ليست أقل من الآخرين.
رابعا: هنالك نوع من المواجهات المهمة والبسيطة والضرورية، وذات الفوائد الكثيرة والكبيرة جدا, ومن هذه المواجهات الحرص على صلاة الجماعة, وحضور حلقات التلاوة, ومشاركة الناس في مناسباتهم, وزيارة المرضى في المستشفيات، الانخراط في العمل الاجتماعي، والثقافي والخيري، ممارسة الرياضة الجماعية، إذن هذه كلها طرق اجتماعية تواصلية مهاراتية ممتازة جدا, وفي ذات الوقت -إن شاء الله-فيها خير للدنيا والآخرة.
خامسا: أرجو أن تدرب نفسك على حضور المناسبات الاجتماعية, وتكون مهيئا لذلك, ولا بد أن تكون لك الذخيرة والمعرفة اللغوية لكيفية التصرف حسب الموقف, ماذا تقول مثلا حين تهنئ أحدا بقدوم مولود, وأن تعزي أحدا, وأن تبارك لأحد زواجه، وهكذا، ولا بد للإنسان أن يكون ملما ومثقفا ومدركا تماما لكيفية التصرف في هذه المواقف, فالإنسان حين يكون غزير اللغة, ومتكمنا من ناصية المعرفة؛ هذا يجعله يحس بأن الأمر سهل جدا.
النقطة الأخيرة: هي العلاج الدوائي, أتفق معك تماما أن الخوف الاجتماعي علاجه بيولوجي، اجتماعي، نفسي، والجانب البيولوجي نعني بها الجوانب الدوائية العلاجية, والأدوية كثيرة جدا كما تفضلت وتكرمت, مثل الزيروكسات هو أحد هذه الأدوية الجيدة جدا, وأنت بدأت بتناوله بنصف حبة ثم بعد ذلك رفعت الجرعة إلى حبيتن, لا بأس في ذلك أبدا, وإن كان المفروض أن ترفع الدواء تدريجيا بعد نصف حبة تنتقل إلى حبة, وهكذا...
لكن -أي أربعين مليجراما في اليوم هي جرعة ممتازة لعلاج الرهاب والخوف- هذه تستمر عليها ليس لمدة ستة أشهر, وليس من الضروري كله هذه المدة، ولكن استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر, بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة ونصف في اليوم, أي ثلاثين مليجراما لمدة ثلاثة أشهر أخرى, ثم اجعلها حبة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر, ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر, ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر, ثم توقف عن تناول الدواء.
هذه الطريقة جيدة ومتدرجة، والتزامك بالعلاج وتطبيق الإرشادات السابقة هي مفاتيح الشفاء والتعافي بإذن الله تعالى.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا, ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق والسداد.