زوجي هو سبب انطوائي وخوفي، فماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟
2012-11-29 13:54:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أستاذي وشيخي الفاضل: أنا سيدة متزوجة منذ أكثر من ستة أعوام، ولدي أطفال صغار، وزوجي يكبرني بأربعة وعشرين عاما، وهو يعيش في بلاد الغرب منذ سنوات طويلة، وعندما تزوجت جئت معه إلى أوروبا، وعند وصولي إلى هناك، أصبح كل شي جديد علي: اللغة, الناس, الأماكن, الجو، وكل شيء، وكان زوجي يعمل طول النهار، ولا أراه إلا في الليل، وعطلة نهاية الأسبوع.
وهو من النوع الذي ليس له معارف أبدا ولا أصدقاء، ولم يكن من النوع الودود أو العطوف، بل أشعرني من اليوم الأول أن زواجه مني فقط لأني مسلمة وعربية، وقد جرب سابقا زواجه من غير مسلمة وأوربية، وصار له منها أولاد كبار، أشعرني (رغم عدم قوله) دائما أنهم هم الرقم واحد في حياته، وأن زواجه مني فقط لأخدمه إن تركه أولاده كما هو العادة هنا في بلاد الغرب، عندما يترك الأبناء أبويهم في كبرهم.
المهم أني تركت كل شيء منذ زواجي، ولم أفكر في عمل أو دراسة، ولم أعد أخرج أو أعرف أي شيء عن المجتمع، ولا أعرف عن المجتمع إلا ما أقرؤه في الصحف، أو ما ينقله لي زوجي من حوادث ومشاكل تحصل في المجتمع، وهذا فقط ما ينقله لي، فهو من النوع المتشائم جدا.
سؤالي هو: أنا صرت أخاف من كل شيء حولي، من الناس، ومن الكلاب، ومن كل شيء، حتى من الطيران، وهذا يمنعني من السفر كي أرى أهلي، فقد انغلقت حياتي لتصبح مجرد خوف، وملل، وتنظيف، وطبخ، وحتى نفسيتي تغيرت، وبدأت حتى لا أطيق أطفالي، أو أي أحد يتكلم معي، فالخوف يلازمني، ويمنعني من فعل أمور كثيرة.
أرجوكم ساعدوني ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رشا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا التواصل وحسن العرض للمشكلة، ونحسب أنك فهمتِ القضية، فإذا كان الزوج متشائمًا، ولا ينقل لك إلا الصور القاتمة، فكيف تصدقينه وأنت تعلمين أنه متشائم.
فلا تغلقي على نفسك، ولا تدخلي في هذا السجن، واعلمي أن الإنسان ينبغي أن يخرج ويشارك الآخرين في الحياة ليزورهم، ليقف معهم على أحوال الحياة، ومهما كان الإنسان ليس عنده خبرة في اللغة، إلا أنه يستطيع أن يتعايش مع الناس، ولو بالسلام والتحية، فلا تُدخلي نفسك في هذا السجن، وحاولي دائمًا أن تتلفتي وتنظري حولك، وتعاملي مع من حولك.
وأيضًا هؤلاء الأطفال ينبغي أن تجتهدي في تربيتهم، وفي الإحسان إليهم، وأن تستفيدي من الوقت الذي يكون فيه الزوج في داخل البيت، فتكوني له نعم الزوجة الوفية التي تحرص على إرضاء زوجها.
عليك أيضًا بأن تكثري من ذكر الله، فإن الطمأنينة مكانها واحد، وراحة البال مكانها واحد، {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، وعجبتُ لمن خاف أو خُوِّف كيف يذهل عن قوله تعالى: {حسبنا الله ونعم الوكيل}، فإنها كلمة قالها إبراهيم، فقال الله: {يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم} فقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال الله: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوءٌ}.
فإذن أنت لابد أن تستحضري هذه المعاني، واعلمي أن الله هو الحافظ، وأن الله هو الرازق، وأن الله هو الذي يحمي الإنسان، وأن الله تبارك وتعالى يدافع عن الذين آمنوا.
فهذا السجن مجرد وهم، فلا تدخلي نفسك في هذا السجن، وحاولي دائمًا أن تنظري إلى كمال وجمال هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
كما أنك تشاهدين الطائرات - ولله الحمد - تطير من هنا وهناك، والناس في أمن وسلامة وعافية، فالإنسان أحيانًا يجلس سنة أو سنوات لا يكاد يسمع إلا بحوادث محدودة جدًّا لهذه الطائرات، فلا داع لخوفك.
وكذلك هذه الحيوانات التي تتعامل مع الناس، وتعيش معهم في بيوتهم، كيف تخافين أنت منها؟ ومهما ذكر هذا الرجل، ومهما قال هذا الرجل، إذا كان هو متشائما، ولا ينقل إلا الصور الشاذة، وربما يكون في نقله مبالغة، ودائمًا الإنسان يتأثر بالبيئة التي هو فيها، إذا كان هو في بيئة من يُخوّف، ويأتي بالمبالغات فإنه سيتأثر بها، إذا كان يدخل على مواقع تتناول الغرائب ومثل هذه الأمور، فإنه يظن أن الدنيا كلها بهذه الطريقة.
فإذن حكّمي عقلك، وحكمي وعيك، وأنت - ولله الحمد - ناضجة وعاقلة، والدليل على ذلك هو هذا الكلام المكتوب، وحسن ترتيب هذا الكلام، وأنت - ولله الحمد - قادرة على الصبر، والدليل على ذلك أنك صبرت هذه السنوات الطويلة، فلا تهتمي بكلام الزوج، فإن الإنسان أحيانًا يقول مثل هذا الكلام، فلا ينبغي أن يؤخذ بأبعادها كلها، وإذا كانت هذه نيته فأنت تستطيعين أن تُسعديه إذا فكرت بطريقة إيجابية، وليس بالطريقة التي يفكر بها، ومتوقع من الرجل الذي ليس له علاقات، وليس عنده اجتماعيات أن يكون عنده بعض جوانب القصور، ولكن دائمًا نحن ندعو كل زوجة إلى أن تتذكر إيجابيات زوجها، والأشياء الجميلة التي فيه، ومن الأشياء الجميلة الآن كونه يحب البيت، ولا يحب الخروج، فبعضهم الآن يعمل طويلاً ثم يخرج من البيت مع الأصدقاء، ومع الصديقات الفاسقات، ولكن كونه معك في البيت، وكون الوقت الذي يقضيه إما في العمل أو في البيت، فهذا الجانب لعل فيه ميزة أرجو أن تستفيدي منها.
وبعد ذلك بعد أن تذكري الإيجابيات وما فيه من أشياء جميلة، حاولي تنبيهه لجوانب النقص وجوانب الخلل التي عنده، وتذكري من الإيجابيات أيضًا أنه يقوم بالصرف والإنفاق، ومن إيجابياته أنه اختارك، وأنه يأتي بالطعام والشراب، وأنه لا يكثر الخروج من البيت، وأنه ليس له علاقات سيئة، ومن إيجابياته أنه لا يسهر في أماكن الملاهي.
فإذن الرجل فيه إيجابيات، وهذا ما نتمنى أن نسمعه، وسوف نكون سعداء إذا جاءتنا منك تفاصيل تشتمل على الإيجابيات وعلى السلبيات، وتفاصيل في الأشياء التي تخافين منها، ولماذا تخافين منها، حتى نستطيع أن نتعاون جميعًا في الوصول إلى الحل، وإذا كنت لا تجدين أحدًا فهذا الموقع بكامله في الخدمة، وهؤلاء جميعًا إخوة وأخوات لك يعملون في هذا الموقع ليلاً ونهارًا لخدمة إخوانهم، فلا تغلقي على نفسك، وافتحي هذه النافذة، وتواصلي معنا، وتواصلي مع أهلك، وتواصلي مع الصالحات، واطلبي زيارة المراكز الإسلامية، فستجدين هناك من العربيات، ومن المسلمات من يكنَّ عونًا لك على صعوبات الغربة وصعوبات الحياة.
أنا أعتقد أن هذا السجن أنت التي تدخلين فيه نفسك، فخذي الإذن من الزوج، وأنت تعرفين أكيد أنه في أي بقعة على وجه الأرض هناك عرب وهناك مسلمون، فتعرفي على هؤلاء، واختاري الصالحين، والبيوت التي فيها صالحات، وتواصلي معهنَّ.
نسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، وأن يرد غربتكم، وأن يرد هذا الزوج أيضًا إلى الصواب والحق حتى يقوم بواجباته كاملة، ونشكر لك هذا التواصل، وسنكون سعداء إذا جاءتنا تفاصيل أكثر حتى يكون النقاش مفصلاً، وحتى تتضح أمامنا الصورة كاملة، لنصل جميعًا وسويًّا إلى الحلول المناسبة بحول الله وقوته.