كيف أقوي ثقتي بالله, وأعيش حياة هانئة سعيدة, وأتخلص من التفكير في أعدائي؟
2013-02-04 10:26:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني كثيرًا من أحلامي منذ حوالي سنة ونصف تقريبًا, فقد أصبحت أحلامي كلها عن الأشخاص الذين أعتبرهم أشد أعدائي, وفي الأحلام يكونون في حال أفضل مني, وأكون أنا متعبة, وأبكي كثيرًا, وللأسف الشديد يتحقق الحلم.
فمثلًا حلمت بإنسانة معينة, وتحقق الحلم بعدها بشهرين بكل تفاصيله, فأخذت أبكي, فأنا بمجرد أن يذكر اسمها أمامي أنفعل, وأغضب كثيرًا, ويرتفع ضغط دمي, وأظل أبكي, وأتكلم عن الله بطريقة لا تليق - أقول: كيف يقف بجانبها ويتركني وينساني؟ - بالرغم من أنها تكيد وتغيظ, وأنا أؤدي فرائضي, وأتقي الله في معاملاتي مع الناس, ولا أنافق, ولا أغتاب, ولا أنمّ, فكيف ييسر الله لها ولكثير من أعدائي المنافقين الأشرار حياتهم ويتخلى عني؟ فأنا أفقد في ذلك الوقت الثقة بأن الله يمكن أن يغير من حالي للأفضل, وأنساق وراء وساوس الشيطان التي تؤكد لي بأن الله لو كان يسمع دعائي, ويريد أن يساعدني لكان فعل ذلك, ونصرني على أعدائي الذين يضمرون لي الشر, والغيظ, والكيد, ولم يقف بجانبهم.
وأقرأ لنفسي الآية التالية: (ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) ولكنني لا أقدر على الصبر والانتظار, فأنا أريد ذلك الآن؛ كي أشعر أن الله معي ويحبني, ويستجيب دعائي, ويريد تغيير حالي للأفضل, وأن حقي لن يضيع, بالإضافة لأحلام كثيرة غيرها.
أما أحلامي عن نفسي: فتكون غير سارة, وأتعذب فيها كثيرًا, وأصبحت أكره وقت النوم, ولا أريد أن أحلم أحلامًا سيئة - ولا حتى جميلة – بل أريد أن أنام في هدوء وسكينة فقط.
وعندما أضع رأسي على الوسادة يأتيني إحساس بأني أريد أن أنام إلى الأبد, وتصعد روحي إلى السماء وأرتاح من كل تلك الهموم؛ لأني سئمت كثيرًا من أحلامي بالليل, ومن أحلام اليقظة بالنهار, والتي أتخيل فيها أن أحلامي تتحقق, وأتعايش معها, وفجأة أكتشف أني أحلم بشيء في خيالي.
دعوت الله كثيرًا, ولكن دعائي لم يتحقق, وأصبحت متشائمة وحزينة دائمًا, فمن كثرة بكائي أصبحت عيناي تحرقني دائمًا, والصداع يلازم رأسي, وهذه هي المشكلة.
سؤالي: كيف لي أن أرتاح من كل ذلك؟ وكيف لي أن أعيش حياة سعيدة وأكون راضية بها؟ وكيف لي أن أتخلص من التفكير الدائم في أعدائي؟ وكيف لي أن أستعيد ثقتي بالله, وأنا أجده يتخلى عني, ولا يمنحني الفرحة؟
أرجوكم أريد ردًّا يريحني ويقدم لي العلاج, ويغير حياتي للأفضل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ س.ا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.
أنت تفاعلت وتعاملت مع انفعالاتك ومشاعرك على نمط وسواسي قهري سلبي، فهنالك روابط قوية جدًّا جعلت فكرك التشاؤمي يستحوذ عليك بدرجة كبيرة.
أسرفت في تحليل هذه الأحلام - نسبة لطبيعتها السلبية - ونقاشها, وهذا المنهج الوسواسي يعرف عنه أنه يعود على الإنسان بالشعور بالكدر, وعدم الارتياح.
أيتها الفاضلة الكريمة: يجب أن تغلقي هذا الباب تمامًا.
أولًا: ما ذكرته حول تحقق الحلم: فأنا أعتقد أنه من الضروري جدًّا أن تعرفي أنك في معية الله, وأن الله هو النافع الضار، فلا تهتمي بهذه التأثيرات الإيحائية، وإذا صادفت أمرًا ما فيجب أن لا يصل الإنسان إلى قناعات مطبقة, خاصة في ما يخص هذه الأحلام، لا بدَّ أن يكون هنالك مساحة من التسامح في وجدانك, وفي تفكيرك,.
أنت تتعاملين مع أشخاص آخرين, وتصفينهم بالأعداء, وأعتقد أن هذا فيه شيء من عدم كظم الغيظ, ورفع درجة المعاناة الشخصية من خلال إعلاء شأن هؤلاء الناس, ووضعهم في مصاف الأعداء, للدرجة التي حاولت أن تطبقي عليهم الآية الكريمة: (ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار).
أنا أحترم مشاعرك جدًّا, لكني أعتقد أن هذا الدفع الشديد نحو -لا أقول الانتقام- عدم التسامح أعتقد أنه أضرَّ بك كثيرًا من حيث صحتك النفسية، فالذي أنصحك به فيا - أيتها الكريمة – هو:
أولا: حاولي أن تكوني حريصة جدًّا على أذكار النوم, فهذا يقلل من هذه الأحلام, وفي نفس الوقت كوني معبرة عن ذاتك أثناء اليوم، واصرفي انتباهك من كل فكرة سلبية حول هؤلاء الأشخاص، وفي نفس الوقت تجنبي الأكل الليلي - طعام العشاء - أحيانًا يكون السبب في أحلام مزعجة خاصة إذا كانت الوجبات الدسمة, أو تناول الإنسان الطعام متأخرًا، وكوني دائمًا في حالة هدوء وسكينة قبل النوم، وتأملي في شيء طيب وجميل, واقرئي موضوعًا طيبًا, وعليك بالوضوء وصلاة ركعتين فهذه كلها روابط ممتازة جدًّا.
أنصحك أن تتجنبي النوم النهاري، فهذا مهم، وعليك أن تسخري طاقاتك النفسية والجسدية بصورة أفضل, فهذا يصرف انتباهك - إن شاء الله - عن من وصفتهم بالأعداء, وكوني مثابرة ومجتهدة على مستوى الأسرة والمنزل، وتواصلي اجتماعيًا، وبر الوالدين فيه خير كبير جدًّا للإنسان، وعليك بالانخراط في أي عمل خيري أو دعوي أو إصلاحي, فهذا أيضًا يبعث على الأمل والرجاء - إن شاء الله تعالى -.
ثقتك في الله تعالى يجب أن تكون قوية, ولا تحكمي على علاقتك بالحق عز وجل من خلال أمور نشأت من خلال علاقتك مع البشر، فلا بدَّ أن يكون هنالك نوع من التسامي, ولا تدخلي في مقارنة: لماذا استجاب لهم ولم يستجب لي، وإن شاء الله سيفيدك أحد الإخوة المشايخ حول هذا الموضوع.
ومن جانبي: أرى أن إطباق الوسوسة والفكر السلبي أدى إلى عسر المزاج الذي تحدثت عنه، وإذا تناولت أحد الأدوية البسيطة التي تساعدك على تحسين النوم - وفي نفس الوقت ذهاب هذا القلق والتوتر والوسوسة - فهذا سوف يكون أمرًا جيدًا, وهذا موضوع اختياري, ولكني أرى أنه قد يفيدك, خاصة أن الدواء سليم, وغير إدماني, وغير تعودي, والدواء يعرف باسم فافرين, والجرعة المطلوبة هي (50) مليجرامًا ليلًا بعد الأكل لمدة أسبوعين, بعد ذلك اجعليها (100) مليجرام لمدة شهرين, ثم (50) مليجرامًا ليلًا لمدة أسبوعين, ثم توقفي عن تناوله.
بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.
++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة المستشار د. محمد عبد العليم أخصائي استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة المستشار الشيخ/ أحمد الفودعي أخصائي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:
++++++++++++++++++++++++++++++
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يسعدك في دنياك وآخرتك.
لقد أجاد الدكتور محمد - جزاه الله خيرًا - فيما قدمه لك من نصائح, وهي نصائح جمعت بين الجانب النفسي, وفيها كثير من الإرشاد الديني، ونحن نضيف إلى ما قاله الدكتور أن نوصيك أن تحسني علاقتك بالله تعالى من خلال إحسان الظن به, وأنه سبحانه وتعالى لا يقدِّر لك إلا ما فيه نفعك وصلاحك, وإن كان هذا المقدور على خلاف ما تتمنينه أنت.
فإذا سألت الله سبحانه وتعالى شيئًا ولم يحققه لك في دنياك؛ فاعلمي أن ذلك هو الخير, وأن دعاءك ليس بضائع، فإن الله عز وجل لا يرد عبده صفرًا إذا رفع إليه يديه - كما صح بهذا الحديث النبوي - ولكنه سبحانه وتعالى يفعل بعبده ما هو خير له, فقد يكون الخير استجابة الدعاء عاجلًا, وقد يكون الخير أن يرفع عنه من المقدور المكروه مثل تلك الدعوات, وقد يكون من الخير أن يدخر له ثواب هذه الدعوات إلى يوم القيامة, وأي هذه الثلاثة وقع فهو الخير الذي اختاره الله تعالى.
وينبغي للعبد أن يتلقى ذلك بالرضا والقبول, فالله عز وجل أرحم بك من نفسك, وأعلم بمصالحك, وقد قال سبحانه وتعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}, هذا من جانب.
أما الجانب الثاني: فنحن نؤكد ما قاله الدكتور محمد من ضرورة أن تترفعي عن إرادة الانتقام من أعدائك - وإن أساؤوا إليك - فمقابلة إساءة الناس بالإحسان تجرُّ إليك خير الدنيا والآخرة، فإنها كفيلة أولًا بتحول الأعداء إلى أصدقاء, وهي تضفي على نفسك أنت أيضًا الطمأنينة والسكينة والانشراح.
وإذا لم تقدري أن تبلغي هذه المرتبة فكوني على ثقة بأن حقوقك لن تضيع, وسيقف الناس جميعًا بين يدي الله تعالى للمقاصة, وسيخرج لكل واحد حقوقه كاملة كما قال عليه الصلاة والسلام: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة؛ حتى يقص للشاة الجماء من الشاة القرناء).
والخير كل الخير - أيتها الكريمة الفاضلة - أن تتوجهي أنت للعمل النافع الذي يعود عليك بالخير في دينك ودنياك، وأن تتوكلي على الله تعالى, وتحسني ظنك به, فإن هذا الظن من أعظم الأسباب في تحصيل الأرزاق الحسنة, كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي: (فمن ظن خيرًا فله, ومن ظن شرًا فله)
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يوفقك لكل خير.