هل المس العاشق يميت الإنسان؟ وما الحل؟
2013-02-24 07:57:31 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي مس عاشق عنيد جدا وأتعبني، يأتيني كل يوم وأنا أكرهه، أتعب عند استخدام الدهان والماء المقروء، وأكره رائحة السذاب، وسماعُ القرآن يتعبني وتأتيني حالة كأن أحدًا يخنقني، وخاصة فترة الدورة الشهرية.
ذهبت إلى شيوخ الدين، ولكن المس شديد، يذهب ويعود مرة أخرى بشكل أقوى، وقد أتاني اليوم مرتين، والسبب أن صوت القرآن كان بعد المغرب يعمل فأتاني مرتين؛ حتى أقفل أهلي القرآن، ثم دهنوني أهلي بالزيت، وهو يعذبني بشكل أكبر.
أهلي خائفون أن يميتني، فهل المس العاشق يميت الإنسان؟ وما الحل معي فقد تعبت جدًّا؟
شكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن الجن العاشق يمثل نوعًا من أنواع الألم الشديد لمن يدخل في جسده؛ وذلك لأنه يحاول أن يحصل على أشياء قيمة عند الطرف الآخر، فمنهم من يحرص على هتك العرض – والعياذ بالله تعالى – ومنهم من يحرص على تشويه صورة الفتاة؛ حتى إذا ما نظر إليها خاطب أو أحد وجدها منفّرة، ومنهم من يعطل حياة الإنسان، يجعله قعيد البيت وطريح الفراش لا يتحرك ولا يخرج من غرفته إلا بصعوبة ومشقة، إلى غير ذلك من صور الاعتداءات التي يُحدثها مثل هذا النوع من أنواع المس.
ورغم ذلك كله فإننا نحمد الله أن جعلنا مسلمين، ونحمد الله تعالى أن الله وليُّنا ومولانا وناصرنا وكفيلنا، فهو جل جلاله يتولى الدفاع عنا إذا ما لجأنا إليه، وإذا ما سألناه وأخذنا بأسباب النصرة والاستعانة؛ لأن هذا نوع من أنواع الابتلاء - فالمس نوع من أنواع المرض - شأنه شأن الأمراض العضوية أو النفسية، وهو يحتاج منا إلى علاج وسؤالٍ وإلحاح على الله تبارك وتعالى بتعجيل الشفاء.
وأنت - ولله الحمد والمنة – (يا بُنيتي) تقومين بممارسة العلاج، وتقولين: إنك تتعبين عندما تستعملين المواد التي نصحك بها المعالجون، ولكن هذا شيء طبيعي، فأتمنى ألا تتوقفي عنها؛ لأن هذه عبارة عن سموم وحروب تقومين بشنّها على هذا العدو الظالم الغاشم المعتدي، وهو الذي يتألم، وأنت في الواقع لا تتألمين؛ لأن الزيت المقروء عليه ليس فيه شيء يضر البشرة أو الجسد، وكذلك الماء المقروء عليه.
فالذي يتأثر ويتأذى إنما هو الشخص المعتدي - الجن العاشق - فعليك بالتحمل، ومواصلة استعمال هذه الأشياء؛ لأنها أنفع الوسائل لقمع هذا العدو الظالم، وعليك بمواصلة الرقية أيضًا.
ومسألة الموت: أرجو ألا تشغلي بالك بها لأنه لا هو ولا غيره من أهل السموات والأرض يستطيع أن يقتل إنسانًا أبدًا بغير إرادة الله تبارك وتعالى جل جلاله، فلا تصدقي أنه سيقتلك؛ لأن لك أجلًا معدودًا في علم الله تبارك وتعالى، و- إن شاء الله تبارك وتعالى - لك الوفاةَ في أي لحظة فسوف يكون ذلك، سواء كان عن طريقه أو عن طريق غيره.
فلا تفكري في هذا الأمر، وعليك بالمقاومة وعدم الاستسلام، وعليك بالذهاب إلى أكثر من راقٍ أيضًا، فلا مانع أن تكرري وأن تنوعي؛ لاحتمال أن يكون بعضهم أفضل من بعض, وأقوى إيمانًا من بعض، وأكثر خبرة من بعض، وهذا أمر مشروع، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان إذا استدعى طبيبًا لبعض المرضى فسأله، فإن وجد من هو أكثر منه خبرة قدّمه عليه.
فعليك - يا بُنيتي - بمواصلة العلاج، واعلمي أن هذه الآلام التي تحدث نتيجة العلاج ليست آلامًا طبيعية، وإنما هي آلام تُصيب هذا العاشق الظالم المعتدي، وهو الذي يتألم.
وأنصحك - إضافة إلى ما أنت عليه - بضرورة أن تكوني على طهارة دائمًا، وأن تكوني متوضئة دائمًا، كذلك حافظي على أذكار الصباح والمساء بكل قوة، واجتهدي في التهليلات المائة صباحًا ومساءً: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة في كلا الوقتين، كذلك: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحًا وثلاث مرات مساءً، كذلك: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات مساءً، إلى غير ذلك من الأذكار، وأعتقد أنك تقولين ذلك، وأحسبك على خير ولا أزكي على الله أحدًا.
واعلمي أن هذه الأشياء التي تستعملينها مع الرقية لها دور كبير جدًّا في عدم تمكن هذا الشيطان منك، فلو أنك لا تستعملينها فثقي وتأكدي أنه سيفعل بك الأفاعيل، ويلعب بك كما يلعب الأطفال بالكرة، فأنت تقاومين، وهو يتألم من هذه المقاومة، وأتمنى أن تستمري دائمًا عليها؛ لأن كل شيء له نهاية - يا بنيتي - فأنت - بإذن الله تعالى – في طريقك إلى الشفاء، ولكن اصبري وتحملي؛ لأن استعمالك لهذه الأدوية بانتظام سيؤدي إلى إضعافه، بل إلى قتله.
وبعض المعالجين يقومون بقتل وحرق هذا الجني، فلا أدري لم هؤلاء المشايخ لم يستعملوا آيات الحرق حتى يُريحوك منه؟
فعليك بمواصلة البحث عن رقاة آخرين - إن أمكن - وعليك باستعمال هذه الأدوية لأنها مفيدة جدًّا ونافعة، و- بإذن الله تعالى - سوف يعافيك الله تبارك وتعالى منه قريبًا، وأبشري بفرج من الله قريب، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى بالشفاء، واطلبي من والديك ومن أقاربك أيضًا أن يشاركوك الدعاء، عسى الله أن يرفع عنك هذا البلاء عاجلًا غير آجل، واعلمي أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا، وعجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، وعليك أيضًا أن تستعيني بالله ولا تعجزي، فإن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
هذا وبالله التوفيق.