الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
إن رسائلك الأربعة هي ذات محتوىً واحد، والذي لاحظته أنك بالفعل تعانين من أعراض قلق الرهاب الاجتماعي من الدرجة البسيطة، والذي يُسيطر عليك هو ما نسميه بـ (القلق الاستباقي الوسواسي) أي: أنك تضعين بعض الفرضيات السلبية لأحداث حياتية عادية جدًّا، وبعد ذلك تأتيك هذه الوسوسة عمَّا سوف يحدث مستقبلًا، وتكون أفكارك كلها قائمة على التشاؤم وعلى الفكر السلبي.
خلاصة الموضوع هي أن حالتك حالة قلقية وسواسية, مع مكوّن رهاب اجتماعي بسيط - كما ذكرتُ لك -.
أولًا: ليس هنالك ما يدعوك للتفكير في الانتحار، فأنت لست في مصيبة، وأنت لست في ضائقة، وهذه أمور بسيطة وعادية، وفوق ذلك أنت شابة، ومسلمة، ولديك أسرة، ولديك أشياء طيبة في الحياة، والانتحار حرام، فالانتحار يُضعف شخصية الفتاة، بل يُعطي صورة سلبية عنها وعن أسرتها، فأرجو ألا تكون هذه الكلمة في قاموسك – أي: كلمة الانتحار – ولا هذه الأفكار في أفكارك، فالحياة طيبة، والحياة جميلة، والمستقبل لك - إن شاء الله تعالى – وحالتك هذه سوف تتم معالجتها.
ثانيًا: كنت أتمنى أن تذهبي وتقابلي طبيبًا نفسيًا من أجل المتابعة، لكنك ذكرتِ أن هذا لا يمكنك القيام به؛ لذا أقول لك: إن علاجك يتكون من الآتي:
أولًا: أرجو ألا تخافي من الفشل، فالفشل هو أكثر الأشياء التي يخاف منها الإنسان، والخوف منه أسوأ من الفشل، ومعظم الذين فشلوا كانوا قريبين جدًّا من النجاح، لكنهم لم يستمروا في محاولاتهم من أجل الإنجاز؛ لذا توقفوا وفقدوا الثقة في أنفسهم.
أنتِ جيدة، وأنت مثابرة، ورؤيتك حول الدراسة واضحة، لكن يجب ألا تغطيها بهذه التغطيات السلبية - أنك سوف تختارين تخصصًا معينًا؛ لأنك لا تودين الاختلاط مع الناس - فالحياة الجامعية حياة مختلفة تمامًا، وأعرفُ أن الجامعات في السودان فيها الكثير من الحيوية والتفاعل الاجتماعي والفكري، فانظري للأمور بإيجابية، فهذا أفضل لك بكثير.
هنالك علاجات دوائية ممتازة تُزيل - إن شاء الله تعالى – هذا الخوف الاجتماعي, فهنالك دواء يعرف علميًا باسم (سيرترالين) متوفر في السودان، وله مسميات تجارية كثيرة، ويمكنك أن تسألي عنه تحت مسماه العلمي، فتناولي منه نصف حبة – أي: خمسة وعشرين مليجرامًا – ليلاً، واستمري على هذه الجرعة لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.
هذا سيكون كافيًا جدًّا من حيث العلاج الدوائي؛ لأن هذا الدواء مضاد للرهاب الاجتماعي, وللمخاوف, وللوساوس, والقلق، كما أنه مُحسن للمزاج، والجرعة التي وُصفت لك هي جرعة صغيرة جدًّا، وهي حبة في اليوم، حيث إن هذا الدواء يمكن تناوله حتى أربع حبات في اليوم، لكنك لستِ في حاجة لهذه الجرعة.
أرجو أن تجعلي نمط حياتك فعّالًا، فشاركي أسرتك في أنشطتها، وركزي في دراستك في هذه الأيام، ولا شك أن الدراسة الجامعية مفيدة جدًّا، وتعطيك المزيد من الثقة في نفسك، وفي نفس الوقت تطور من مهاراتك الاجتماعية.
في موقعنا (إسلام ويب) استشارة تصف كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء نعتبرها مهمة جدًّا كعلاج سلوكي بسيط، لكنه فعّال لاحتواء القلق والتوتر، فأرجو أن تطلعي على هذه الاستشارة، ورقمها هو: (
2136015), فاطلعي على التفاصيل الموجودة بها وطبقيها، وسوف تجدين فيها فائدة وخيرًا كثيرًا - بإذن الله تعالى -.
هذا هو مُجمل ما أود أن أذكره لك، وأؤكد لك أن حالتك حالة بسيطة، وعلاجها واضح، وكوني مرتبة ومنظمة لوقتك، واحرصي على صلواتك، وعليك بالدعاء، وهنا - إن شاء الله تعالى – تجدين طمأنينة القلب، وتنطلقين انطلاقة إيجابية جديدة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.