أعاني من حالات كآبةٍ وخوفٍ مؤقتةٍ، ما علاج ذلك؟
2013-02-21 09:56:00 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البدء أعبر عن شكري وامتناني لهذا الموقع الجليل وزاد الله به ميزان حسناتكم لما تقدمونه من خيرٍ كثيرٍ في معالجة متغيرات وطوارئ ما نمر به، فلله دركم.
أرجو منكم سعة صدركم في تحمل إطالة ما سوف أقول وأشرح، فقد توكلت على الله قبل كل شيءٍ، وهو هداني لطرح ما أشكو به لعرضه عليكم، وأنا متأكدٌ من أنكم سبيلٌ من سبل هدايته وشفاءه لعباده، علماً أنني رجلٌ كباقي رجال العالم لي سيئاتي ولي حسناتي والله أعلم، ولكني أصلي واقرأ القرآن وأتصدق بما يجود الله به علي.
حالتي المادية والعائلية والوظيفية ولله الحمد جيدةٌ.
ببساطةٍ منذ فترةٍ ليست قليلةٍ، بدأت أشكو والله المستعان من حالات الخوف والكآبة والقلق والتوتر الغير مبررةٍ -وخصوصاً الخوف من الموت الغير سويٍ- وبدون أي داعٍ، أو لمجرد أتفه الأسباب؛ فيمكن أن أعاني من هذا الشيء لمجرد رؤيتي لجثة كلبٍ ميتٍ في فيلمٍ، وكنت أعاني من هذه الحالات في وقت الغروب فقط، ثم زادت لتكون أيضاً في الوقت الذي أتوجه فيه للنوم مما اضطرني لأن أنهك نفسي قبل النوم، أو أنام متاخراً جداً حتى أستطيع أن أنام بمجرد أن أضع رأسي على المخدة، وهذا فوت علي الكثير من صلاة الفجر، ونادراً ما تحصل في وقت النهار، ولكنها تحصل وبشكلٍ متقطعٍ، وفي الفترة الأخيرة بدأت أعاني منها في الصباح عندما أفتح عيني من النوم.
علماً أن هذه الحالة لا تأخذ سوى بضع دقائق، ولكن في هذه الدقائق أحاول جاهداً على أن أخفي الأعراض أمام زوجتي وأطفالي، ونفس الوقت لا أستطيع أن أتحمل أي صوتٍ أو حركةٍ أو أقبل أن يمسك بي شخصٌ آخرٌ.
حتى إنني في بعض الأيام أصبحت مستعداً لوقت الغروب لحدوث مثل هذه الحالات، بأن أقضي الوقت خارج البيت أو ألتهي بعملٍ ما، ولكن نادراً ما ينجح الأمر، وكلما أحسست بمرضٍ راجعت طبيباً قال لي: إنني أعاني من القولون العصبي او من التوتر النفسي، وإن حالتي النفسية تعبانةٌ ومحتاجٌ إلى راحةٍ نفسيةٍ أكثر، ومحتاجٌ إلى أن أسافر كثيراً حتى مللت من كلامهم، هل أنا مجنونٌ؟ هل بي مرضٌ نفسيٌ؟ بدأت أجلس مع نفسي وأفكر ما بي يا إلهي.
اعترف أنني اتخذت لي ورداً على أن أقوم بالاستغفار يومياً ما يقارب ألف مرةٍ، وبدأت اقرأ الرقية على الماء وأشربه، وبدأت أشعر بالتحسن، ولكني شككت بأن هذا التحسن ليس حقيقاً لأنني كلما توجهت لقراءة القرآن أرتاح كثيراً، ولكني أصارع مع نفسي كثيراً قبل وصولي للقرآن شيئاً ما بداخلي يمنعني من الوصول للقرآن وقد ينجح كثيراً.
أحمد الله على ما بي فهو المحمود على كل شيءٍ، ولكني تعبت من وضعي هذا وخصوصاً بعدما أصبحت هذه الحالة تأتيني في الصباح وعندما أفتح عيني من النوم.
وضعي الصحي كالتالي:
عندي التهاب فقراتٍ عنقيةٍ وعجزيةٍ منذ فترةٍ طويلةٍ، وتهطلٍ في صمام القلب، وجيوبٍ أنفيةٍ مزمنةٍ، كل هذه منعتني من ممارسة بعض أنواع الرياضة التي وحسب ما قرأت ممكن أن تقلل من أعراض القلق والتوتر والكآبة إلي أمرٍ ما.
فكرت أن أعرض نفسي على طبيبٍ نفسيٍ ولكنني خفت من النتيجة، وخشيت أن يتطور الأمر في داخلي ويصبح حقاً مرضاً نفسياً، وخصوصا وحسب ما أعرف قلة خبرة الأطباء النفسيين عندنا، أو خشيت أن يصف لي دواءً غير نافعٍ أو مضرٍ فينقلب الموضوع ضاراً أكثر.
ملاحظة، قد تفيد في تشخيصكم لحالتي وهي:
أن بلدي وقبل ست سنواتٍ مر وكما تعلمون بحربٍ طائفيةٍ طاحنةٍ، وكنت على أثرها قد رأيت آلاف حالات القتل والجثث المنشرة في الشوارع والمرمية في مكبات النفايات، حتى أنني تعرضت لمحاولة اغتيالٍ بسبب انتمائي الطائفي، وعلى أثرها تعرضت لأزمةٍ قلبيةٍ حادةٍ، وبعد التشخيص والقسطرة لم يجد الأطباء شيئاً، وقالوا: إنها نفسيةٌ وليست قلبيةٌ، ولله الحمد وهو المستعان.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أشكرك على رسالتك الطيبة والمعبرة، وعلى ثقتك في إسلام ويب.
أنا أقدر (حقيقةً) مشاعرك وما تعاني منه من ضيقٍ نفسيٍ، وأقول لك -أخي الكريم- وبناءً على أدلةٍ علميةٍ صحيحةٍ -إن شاء الله تعالى- أن الذي بك ليس أمرًا خطيرًا، أنت تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، أعراض القلق واضحةٌ، أعراض المخاوف واضحةٌ، وهي ذات طابعٍ وسواسيٍ.
لا شك أن القلق والمخاوف في معظمها مكتسبٌ، وكما تفضلت وذكرت أنت: الأحداث الحياتية التي حولك تعتبر هي المُثير الرئيسي لمثل هذه الأعراض، خاصةً أن الذي يظهر لي أن شخصيتك هي شخصيةٌ حساسةٌ وتتمتع بالكثير من سمات اللطف والذوق والرحمة، فهذا جعلك تكون مهيئًا للإصابة بمثل هذه الأعراض، فالأمر ليس خطيرًا أؤكد لك تمامًا.
معاناتك من القولون العصبي والتوتر النفسي هي جزءٌ من الأعراض النفسوجسدية التي كثيرًا ما تكون مصاحبةً لأعراض قلق المخاوف الوسواسي.
أيها الفاضل الكريم، أنا أؤكد لك أنك سوف تجد ضالتك العلاجية -إن شاء الله تعالى- عند الطبيب النفسي، أنت محتاجٌ لتناول دواءٍ واحدٍ فقط من الأدوية المشهود لها لعلاج مثل هذه الحالات، عقار مثل (سيرترالين) -والذي يسمى تجاريًا باسم(لسترال) أو (زولفت) وقد تكون له مسمياتٌ أخرى في العراق- أعتقد أنه سوف يكون الأنفع في حالتك.
وأنت محتاجٌ أيضًا للمزيد من التفكير الإيجابي، خاصةً أن لديك أشياءً جميلةً في حياتك، وعليك –أخي- أن تصرف انتباهك عن هذه الأعراض من خلال:
أن تشغل نفسك، وأن تكثر من التواصل الاجتماعي، وأن تمارس الرياضة بقدر ما تستطيع، وأن تدير وقتك بصورةٍ إيجابيةٍ.
أخي، إن لم تستطع الذهاب إلى الطبيب النفسي فيمكن أن تذهب إلى الصيدلية وتسأل عن عقار (سيرترالين) فهو دواءٌ بسيطٌ وسليمٌ، وفي معظم الدول لا يحتاج لوصفةٍ طبيةٍ، والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بنصف حبةٍ 50 مليجرام، تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيامٍ، بعد ذلك اجعلها حبةً كاملةً، تستمر عليها لمدة شهرٍ، ثم تجعل الجرعة الحبتين في اليوم -أي 100 مليجرامٍ- يمكنك أن تتناولها كجرعةٍ واحدةٍ في المساء، هذه هي الجرعة المطلوبة في حالتك، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهرٍ، علمًا بأن الجرعة القصوى لهذا الدواء هي أربع حباتٍ في اليوم -أي 200 مليجرامٍ- لكن لا أرى أنك في حاجةٍ لمثل هذه الجرعة.
بعد قضاء ثلاثة أشهرٍ على جرعة حبتين في اليوم، خفض الجرعة إلى حبةٍ واحدةٍ ليلاً، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهرٍ أخرى، ثم بعد ذلك ابدأ مرحلة التوقف التدريجي عن الدواء، وذلك بأن تجعل الجرعة نصف حبةٍ يوميًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبةٍ يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.
إن شاء الله تعالى تجد النفع في هذا الدواء، وأنا أؤكد لك أن حالتك بسيطةٌ جدًّا بالرغم مما تسببه لك من إزعاجٍ، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لإسداء النصح لكل ما فيه منفعةً للمسلمين، وأشكر لك ثقتك في هذا الموقع وفي شخصي الضعيف.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا.