الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الحالة - إن شاء الله تعالى ـ بسيطة، نسميها ب(القلق الاجتماعي) أو (الرهاب الاجتماعي الظرفي من الدرجة البسيطة) وظرفي: لأنها تحدث لك في ظرف معين في الصلاة، وحين تكون واقفًا في الصف, وخلفك الصفوف، وبسيطة: لأنها لم تشمل ظروفا اجتماعية أخرى، حيث إن الرهاب الاجتماعي يمكن أن يكون منتشرًا, وشديدًا, ويحدث للإنسان في كل موقف اجتماعي يتطلب المواجهة.
أيها ـ الفاضل الكريم ـ هذه الحالات كثيرة الآن، ولا تدل أبدًا على ضعف إيمانك, أو ضعف شخصيتك، عادة هو: أمر مكتسب حدث لك نسبة لتجربة سلبية ما، ليس من الضروري أبدًا أن يكون لها علاقة بالصلاة.
الذي أنصحك به هو, أولاً: حين تدخل المسجد يجب أن تتفكر وتتأمل في طُهر هذا المكان، وفي عظمة هذا المكان، وأنه بالفعل مستقر الأمان والسلامة، يشهد على ذلك قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (من دخل دار أبي سفيان في آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن) المسجد هو قمة الأمان.
أنا أعرف أنك تُدرك هذا الأمر، لكني أريدك أن تفكر فيه معرفيًا، والتفكير المعرفي يعني: التفكير العميق والمدقق، والذي تكون له نتائج ووقع إيجابي على الإنسان، فأنت يجب أن تقول لنفسك: (لماذا أخاف؟ كلهم إخوة، كلهم مصلون، لا أحد يراقبني، نحن الآن هنا في معية الله) واسترشد يا أخِي بقول التابعي الذي قال: (حين أسبغ وضوئي، وأقف في صلاتي، أتصور أن عرش ربي أمامي، والجنة عن يميني، والنار عن يساري، وملك الموت خلفي) هذا تأمل عظيم يدعو للخشوع, ويزيل الخوف, إلا خوف واحد وهو: الخوف من الله تعالى الذي له إيجابيات عظيمة على الإنسان في الدنيا, وفي الآخرة (من خافني في الدنيا أمّنته في الآخرة)، (إني أقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي) والخوف من الأشياء تبعدك عنه سبحانه وتعالى، لكن الخوف منه يُقربك إليه، قال تعالى: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} وهذه قيمة معرفية عظيمة.
أيها ـ الفاضل الكريم ـ لا تنزعج لهذا الأمر أبدًا، وأقدم على الصلاة, وعلى المسجد، وأنصحك أيضًا أن تصلي في مساجد مختلفة، متى ما أتيحت فرصة ذلك، لأن النمطية دائمًا تزيد من الوسواس، وأقصد بالنمطية: الرتابة التي تربط بمكان معين, أو زمن معين, أو أشخاص معنين.
إذن: التنويع, والتشكيل, وزيادة المساحة الجغرافية - إن شاء الله تعالى – يزيد من طمأنينتك وأمانك.
أريدك أيضًا: أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، هذه تمارين عظيمة، ممتازة، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (
2136015) أرجو أن ترجع إليها, وتطلع عليها، وتأخذ بما ورد فيها من إرشاد وتطبيقات سهلة, وطيبة ومفيدة, لمن يطبقها.
النقطة الرابعة: أبشر فسوف أصف لك دواء يقضي تمامًا على هذه الأعراض ـ بإذن الله تعالى ـ وحين تشعر بالتحسن من خلال الدواء, أرجو أن تدفع نفسك نحو الإرشادات السلوكية التي وصفتها لك.
هنالك دواء يعرف باسم (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، يسمى تجاريًا (زولفت) وكذلك (لسترال) وفي مصر يسمى تجاريًا باسم (مودابكس) وربما يكون له مسمى آخر في اليمن.
ابدأ في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا – أي نصف حبة – تناولها ليلاً بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين – أي مائة مليجرام – تناولها ليلاً، استمر عليها لمدة شهرين، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً, واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا من الأدوية الممتازة, والفعالة جدًّا، وسوف تحس بفعاليته من ثلاثة إلى أربعة أسابيع بعد بداية العلاج.
لا بد أن تتخذ كل الخطوات, والمراحل العلاجية التي ذكرناها لك، والالتزام بالجرعة هو أمر ضروري حتى يتم البناء الكيميائي الصحيح، والذي يعود عليك - إن شاء الله تعالى ـ بنفع كبير.
الدواء غير إدماني، وغير تعودي، وله آثار جانبية بسيطة، فربما يزيد الوزن قليلاً، فلذا احرص في موضوع الأطعمة، إذا كانت لديك قابلية للسمنة، والأمر الآخر أنه بالنسبة للمتزوجين, ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً، لكن ليس له تأثير على هرمون الذكورة, أو الإنجاب.
الدواء الآخر يعرف باسم (إندرال) هو دواء مساعد، واسمه العلمي (بروبرالانول) أريدك أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحًا, ومثلها مساءً، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله، لكن يجب أن تستمر في (السيرترالين) بنفس الطريقة التي ذكرتها لك.
أيها ـ الفاضل الكريم ـ ركز على دراستك، وحاول أن تُكثر من التواصل الاجتماعي، مارس الرياضة مع إخوتك وأصدقائك، فالرياضة الجماعية مفيدة جدًّا، احرص على حلق القرآن، ادرس دراسة جماعية مع زملائك متى ما كان ذلك ممكنًا، شارك الناس في كل أنشطتهم ومناسباتهم الاجتماعية.
أنا مطمئن تمامًا -بإذن الله تعالى- أن حالتك بسيطة, وسوف يتم علاجها، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.