الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن التلعثم وانقطاع النفس أثناء القراءة أمام الناس، هو: شعور يكون مصاحبًا لحالة نفسية ظرفية بسيطة تسمى (بالخوف الاجتماعي من النوع البسيط).
هذا التلعثم تشعر به؛ لأن الجسم يتحضّر تحضيرًا فسيولوجيًا ونفسيًا، وذلك من خلال إفراز مواد معينة، أهمها: مادة الأدرينالين المتعلقة بالجهاز العصبي اللاإرادي، فزيادة إفراز هذه المادة يؤدي إلى تسارع في ضربات القلب، وذلك ليحفز الإنسان، ويجعل ضخ الدم في أفضل صوره حتى يتوزع الأكسجين توزيعًا ممتازًا على العضلات وعلى خلايا الدماغ، والإنسان حين يكون في وضع المواجهة إما أن يقاتل، أو أن يهرب -هذه حكمة الفسيولوجية- لذا يحضر الجسم نفسه على هذا الأساس، وهذه فيها حماية كبيرة لنا.
أيها الفاضل الكريم: شعورك بالتلعثم وانقطاع التنفس، وكذلك الرجفة هو: شعور مبالغ فيه جدًّا، نعم هنالك تغيرات، لكنها أقل مما تتصور، إذن صحح مفهومك؛ لأن هذا يساعدك.
النقطة الثانية هي: أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين جيدة ومفيدة جدًّا، وفي موقعنا استشارة تحت رقم (
2136015)، أرجو أن ترجع إلى هذه الاستشارة وتطلع على كل التفاصيل التي وردت فيها، وإن شاء الله تعالى تجد فيها ما يفيدك، خاصة إذا داومت على تطبيقها.
ثالثًا: يجب أن تحقر فكرة الخوف هذه، وتُكثر من المواجهات، والمواجهات يمكن أن تكون في الخيال أولاً، مثلاً: تصور أنك جالس وفجأة دخل عليك بعض الناس يسألونك عن أمر معين، كيف تتصرف في هذا الموقف؟ قطعًا ستفيدهم بما يساعدهم.
تصور موقفًا آخر أنه قد طُلب منك أن تُدير احتفالاً معينًا، كيف تنظم له، كيف تديره؟ كيف تقدم المتحدثين؟ وهكذا, عش هذا الخيال بكل دقة, وبكل تفاصيله, هذا مهم جدًّا.
موقف آخر: طُلب منك أن تُلقي حديثًا في المسجد بعد صلاة العصر –هذا يحدث– توسم الناس فيك خيرًا, ورأى إمام المسجد أنك أفضل من يقوم بهذا الأمر الدعوي الطيب والجميل.
موقف آخر: أن تقدم عرضًا أمام زملائك الطلاب والمعلمين.
عش هذه الخيالات باستمرار، وسوف تجد أنه حدث لك نوع من التطبع، وبعد ذلك انتقل إلى التطبيق مباشرة، ودائمًا يجب أن تعرف: أن لديك المقدرة، ولا تخف من الفشل أبدًا، واعرف أن من تخاطبهم مهما كانت أوضاعهم, أو مناصبهم, أو درجاتهم, أو أموالهم فهم بشر مثلك، وأنت في هذه السن وفي كل سن قطعًا تتعامل مع الناس؛ على أساس الاحترام والتقدير، وهذا يكفي تمامًا.
أنصحك -أيها الفاضل الكريم– أيضًا أن تنخرط في بعض الأنشطة الطلابية الجماعية، الانضمام للجمعيات الخيرية، والثقافية، هذه الأنشطة تعطي الإنسان فرصة عظيمة جدًّا لأن يطور من مهاراته الاجتماعية التواصلية.
سوف تستفيد كثيرًا أيضًا حين تتعلم أن تطور المهارات الاجتماعية البسيطة، مثلاً: السلام على الناس، أن تبادر به، وأن ترد التحية بأفضل منها، وأن تكون مبتسمًا في وجه إخوتك، هاشًّا باشًّا، وألا تتجنب النظر إليهم في وجوههم, هذه مهارات اجتماعية تساعدك على التخلص من الخوف والقلق.
يجب أن تحرص أيضًا على صلاة الجماعة في الصف الأول، هذا نوع من التعريض, أو التعرض الاجتماعي الممتاز الذي يطور المهارة ويزيل الخوف الاجتماعي.
حاول أن تنضم لحلقات تلاوة القرآن، هذا فيه تمرين عظيم لك، لأنك سوف تقرأ أمام بقية المجموعة، وتعرف أنك في حلقة تحفها الملائكة، وتعرف أن الذين تجلس معهم ليسوا من الذين يحتقرون الناس, أو يقللون من شأنهم، سوف تحس بطمأنينة داخلية، حتى وإن تأثرت في بداية الأمر، لكن (صدقني) بعد ذلك سوف تنطلق انطلاقات عظيمة جدًّا، وسيفيدك كثيرًا أن تتعلم مخارج ومداخل الحروف، هذا فيه تمرين وتعليم لك لمقاومة التلعثم.
أنصحك أيضًا: أن تمارس أي نوع من الرياضة الجماعية مثل: كرة القدم وهذا يكفي تمامًا، ولا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.